مسلمو ساحل غرب افريقيا: الوهابيون يفطرون مع السعودية والأشاعرة مع المغرب

بدأت تلوح في الأفق الخلافات التي تشتعل في مثل هذه الأيام من كل سنة في بلدان الساحل الافريقي الإسلامية حول ثبوت هلال شوال الذي يترتب عليه إقرار عيد الفطر، وذلك بين القائلين بالرؤية الفلكية والمتمسكين بالرؤية البصرية للهلال.
ويتوزع مسلمو مالي والسنغال وموريتانيا بين ثلاث مجموعات إحداها وهابية النزعة وتصوم وتفطر مع السعودية، وأخرى أشعرية الهوى تصوم وتفطر برؤية المملكة المغربية، وثالثة وهي الأكثر تصوم وتفطر برؤية اللجان الرسمية الحكومية المكلفة بمراقبة الهلال.

خلافات حول رؤية هلال العيد وحول أداء زكاة الفطر

وبالإضافة لجدلية ثبوت رؤية الهلال بالبصر ورؤيته بالتلسكوبات الفلكية، يشتعل منذ أيام الجدل الفقهي السنوي الآخر حول أداء زكاة الفطر بين من يقولون بأن زكاة الفطر لا تخرج إلا من المادة الغذائية التي هي غالبية قوت كل بلد، ومن يقولون بجواز أدائها نقدا.
وبينما تمسك فقهاء المذهب المالكي بأنها لا تجزأ إلا بإخراجها طعاما، أفتى المجلس العلمي المغربي بجواز إخراجها نقدا.
وفيما أفطر مسلمو جمهورية مالي يوم الإثنين يتوقع أن يفطر مسلمو موريتانيا يوم الثلاثاء في حين لن يفطر السنغاليون إلا برؤية المملكة المغربية الأربعاء أو الخميس.
وانثار في موريتانيا جدل كبير حول رؤية هلال شوال 1440 للهجرة أمس، حيث أكد فلكيون عرب استحالة رؤيته ليلة الثلاثاء لكونه لن يمكث سوى ربع ساعة بعد مغيب الشمس.
وأكد الفقيه محمد سالم دودو الخبير الفلكي والديني الموريتاني في إشكالية الرؤية والحساب «أن الكثيرين في هذه الأيام يتساءلون عن إمكانية رؤية هلال شوال 1440 مساء الاثنين التاسع والعشرين من رمضان في العديد من الدول الإسلامية. وقد تزايدت هذه التساؤلات بعد البيان الذي أصدرته مجموعة من الفلكيين العرب، وخلصت فيه إلى أن رمضان هذا العام سيكون 29 يوما باعتبار الحساب، و30 يوما باعتبار الرؤية».
«ولئن سلمنا لهم ما يتعلق بالحساب»، يضيف الخبير دودو، «فإن جزمهم بامتناع الرؤية مساء الاثنين التاسع والعشرين في عموم العالم غير مسلم عقلا ولا عادة، وهو ما سيتضح من مناقشة الضوابط العلمية العامة في العلاقة بين الحساب والرؤية عموما، ومناقشة معطياته الدقيقة لوضع هلال شوال في أفق ثلاث مدن إسلامية هي مكة المكرمة ونواكشوط وكابول ليلة الثلاثاء لبيان فرص رؤيته فيها».
وقال «اخترنا هذه المدن الثلاث لكونها تمثل وسط العالم الإسلامي ومشرقه ومغربه، ولكون حالة الهلال المرتقب فيها تقدم نماذج عملية لما تقدم في المحور الأول من الاستحالة العقلية للرؤية (كما في كابول) واستبعادها باعتبار العادة (كما في مكة المكرمة) واحتماليتها عقلا وعادة (كما في نواكشوط)، وأما «تأكدها» فغير حاصل في عموم العالم الإسلامي ليلة الثلاثاء».
وأضاف الخبير ولد دودو «يولد هلال شوال فلكيا بعد لحظة الاقتران التي تتم يوم الإثنين على الساعة 10:02 قبل الزوال، بالتوقيت العالمي الموحد، وفي العاصمة الأفغانية كابول مثلا يغرب القمر مساء الاثنين على الساعة 18:59 قبل دقيقتين من غروب الشمس على الساعة 19:01، وهذا هو مثال استحالة الرؤية عقلا، إذ لا وجود للقمر فوق الأفق نهائيا لحظة غروب الشمس، وفي العاصمة المقدسة مكة المكرمة تغرب الشمس يوم الاثنين على الساعة 18:45 ويغرب القمر بعدها بأربع دقائق فقط، أي على الساعة 18:49، وهنا تستبعد الرؤية عادة، ولا يصح الحكم باستحالتها عقلا لكون الهلال قد ولد بالفعل، وبقي في الأفق بعد غروب الشمس بمدة ما، وأما في العاصمة الموريتانية نواكشوط فإن الوضع يختلف، إذ الشمس تغرب يوم الاثنين على الساعة 19:36 ثم يغرب القمر بعدها بـ 16 دقيقة، أي عند الساعة 19:52».
وقال «وخلاصة القول هي أن الحكم الجازم باستحالة رؤية هلال شوال مساء الاثنين التاسع والعشرين من رمضان في عموم العالم الإسلامي، هو حكم باطل عادة وعقلا (شرعا وطبعا)، وعليه فإن مدار إثباته متعلق بنتائج التحري، ولاسيما في غرب العالم الإسلامي وما غربه، وبذلك يتجدد الإشكال الفقهي القديم في موضوعية القول بعموم الرؤية متى ثبتت في بلد ما، أو ضرورة البقاء على أن لأهل كل بلد رؤيتهم».

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".