مخيمات الأونروا الصيفية.. علاج نفسي لأطفال غزة بعد الحرب الأخيرة

غزة– أكثر من 1500 طفل يتوافدون على مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” للمشاركة في المخيمات الصيفية التي عقدتها بعد انقطاع دام 4 سنوات على التوالي، ويتوزع الأطفال على 67 مركزا لتلك المخيمات في قطاع غزة.

يُقسم الأطفال على فترتين، صباحية ومسائية، خلال اليوم وكل مجموعة تقضي أسبوعا واحدا، ومن ثم تتجدد لمجموعات طلابية أخرى لكي يستفيد منها أكبر عدد من الأطفال. وتستمر هذه المخيمات شهرا واحدا فقط.

على بوابات المدارس يلتقي الأطفال بأصدقائهم، معبرين عن اشتياقهم وفقدانهم طوال الأشهر الماضية، ومن ثم تبدأ أصوات ضحكاتهم تُغرد في زوايا المخيم المختلفة، من الصعود للقفز على لعبة “الترامبولين” و”القلعة الجميلة”، إلى لعبة كرة القدم وسباق الأطفال على تسجيل أهداف وتحقيق الفوز، بالإضافة إلى عدة أنشطة ترفيهية ورياضية لمجموعات عديدة من الأطفال يقودهم منشطون يقومون برعايتهم والاهتمام بهم لكي يستمتعوا بأوقاتهم.

اجتهدت سلمى وصديقاتها في زاوية الفن والأشغال اليدوية لتلوين اللوحات المرسومة وعمل إطار من الصوف لتزيين الغرفة الصفية بها، الكثير من اللوحات الملونة وخيوط الصوف حولهن، يعملن بلهفة شديدة من أجل إنجازه والفخر بما صنعنه بأنفسهن، كانت الزاوية مليئة بالحياة لوجود الألوان المتناثرة في كل مكان والابتسامات الجميلة المرسومة على وجوههن.

علاج آثار الحرب
لاقت المخيمات الصيفية تأييدا من الأهالي بشكل كبير وشجعوا أطفالهم على الانضمام لها، حيث عبرت والدة الطفلة ليلى سالم عن سعادتها بوجود أنشطة تساعد طفلتها على الترويح عن نفسها، قائلة لـ”الجزيرة نت”: “وجدت صعوبة شديدة في التعامل مع طفلتي بعد الحرب، ما زالت تعتقد أننا نعيش أجواء الحرب ولا تريد الخروج من المنزل، قلقتُ كثيرا على حالة العزلة التي عاشتها بعد الحرب، لم تعشها خلال جائحة كورونا، شعرت بأنها ستصاب بالتوحد، لكن حُبها للمدرسة وسؤالها المتكرر عن موعد عودتها للدراسة كان سببا لانضمامها للمخيمات الصيفية”.

وتضيف “في اليوم الأول رافقتها إلى المدرسة وشاهدت فرحتها برؤية صديقاتها والتقائها بهن بعد انقطاع استمر لمدة أكثر من عام بسبب جائحة كورونا، ووجود مرشدين نفسيين في المكان جعلني أطمئن عليها، وهي دائما تخبرني عن الأنشطة التي تقوم بها خلال وجودها في المخيم، وتعتبر المدرسة المكان الآمن الوحيد في غزة، لهذا كانت تطلب مني الذهاب للاختباء في المدرسة من الصواريخ خلال الحرب”.

برنامج دعم نفسي
الهدف الرئيسي من إقامة المخيمات الصيفية هذا العام هو الدعم النفسي للأطفال بعد عزلة عاشوها خلال جائحة كورونا والحرب الأخيرة على غزة، حيث صُنفت من ضمن برامج الصحة النفسية للأونروا.

يقول الدكتور إياد زقوت رئيس برنامج الصحة النفسية المجتمعية في الأونروا لـ”الجزيرة نت”: “المخيمات الصيفية كانت وسيلة لإعادة دمج الأطفال بالمجتمع بعد انقطاع عن الدراسة وحالة الحرب التي عاشوها، العديد من الأطفال يعيشون حالة من العزلة بسبب الأحداث المتتالية، لهذا سعت الأونروا لتوفير فرصة للأطفال لتنمية مواهبهم الفنية والترفيه عن أنفسهم برفقة أصدقائهم في مدارسهم التي يعتبروها المكان الوحيد الآمن في غزة”.

اهتمت الأونروا خلال المخيمات الصيفية بتوظيف مرشدين نفسيين لمتابعة سلوك الأطفال داخل زوايا الأنشطة والتعرف على حالتهم النفسية ومعالجتها بسرعة، وضح ذلك زقوت بأن “أنشطة الرسم والرياضة من ضمن فعاليات المخيم هي التي تكشف سلوك الأطفال الذي يعتبر غير طبيعي نتج عن الظروف التي عاشوها في الحرب، حيث نتتبع رسومات الأطفال وردود أفعالهم خلال اللعب مع أصدقائهم، ومن ثم يبدأ عمل المرشد النفسي عند ظهور أي حالة تعاني من مشكلة نفسية”.

خلال الأيام السابقة ظهرت عدة حالات للأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية نجمت عن الحرب الأخيرة على غزة، وتبين ذلك من خلال رسوماتهم في زاوية الفن التي عبروا من خلالها عن فقدان لصديق وآخر لمنزله، وآخرون ينفعلون بسرعة خلال اللعب مع أصدقائهم بشكل غير طبيعي، حيث قام المرشدون النفسيون بتتبع حالتهم مع أهاليهم إلى حين عودتهم إلى حالة نفسية سليمة.

الدكتور إياد زقوت رئيس برنامج الصحة النفسية المجتمعية: المخيمات الصيفية كانت وسيلة لإعادة دمج الأطفال بالمجتمع بعد انقطاع عن الدراسة وحالة الحرب (الجزيرة)
خطوة استثنائية في ظل الأزمة المالية للأونروا
بدوره، أوضح الدكتور عدنان أبو حسنة المتحدث باسم الأونروا في غزة الخطة التي وضعتها الأونروا من أجل افتتاح المخيمات الصيفية في مدارسها، قائلاً لـ”الجزيرة نت”: “عند الإعلان عن وجود مخيمات صيفية هذا العام فوجئنا بتوافد المئات من الأهالي وأطفالهم للتسجيل ورغبة شديدة منهم للانضمام لزملائهم في المخيمات، هذه الأعداد الكبيرة تحتاج إلى إمكانيات مضاعفة عن الموجودة الآن والتي لم تمكنا من فتح مراكز أخرى للمخيمات، لم نتوقع هذا العدد الكبير ولكن الدافعية لدى الأهل من أجل دمج أبنائهم في أي نشاط ترفيهي لمعالجتهم من آثار الحرب الصعبة كانت واضحة خلال فترة التحضير للمخيمات”.

قامت الأونروا بتحدي العائق المادي الذي تعيشه خلال السنوات الماضية وأطلقت نداء عاجلا للعالم من أجل دعمها بتكلفة 38 مليون دولار، ومن ثم عدلت الاحتياج إلى أن وصل لـ164 مليون دولار حسب ما قال أبو حسنة، مضيفا “كان النداء من أجل تغطية تكلفة المخيمات الصيفية التي تُقدر بأكثر من مليوني دولار، بالإضافة إلى إعادة الإعمار ودفع بدل إيجار للذين فقدوا منازلهم خلال الحرب الأخيرة على غزة”.

المخيمات الصيفية وفرت مئات فرص العمل للخريجين من كلا الجنسين حيث تم توفير ألفي فرصة للمنشطين والأخصائيين النفسيين والممرضين.

كما تهتم الأونروا ببروتوكول الوقاية من فيروس كورونا من خلال ارتداء الكمامة والتعقيم بشكل مستمر، بالإضافة إلى نشاط خاص للتثقيف الصحي وكيفية المحافظة على السلامة من انتشار الفيروس.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل رقيب وصواريخ المقاومة تدك غلاف غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل رقيب احتياط في معارك شمال قطاع غزة، وفي حين تواصل المقاومة الفلسطينية عملياتها ومنها إطلاق صواريخ على مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، تستعد قوات الاحتلال لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.