مخاوف أميركية من تمدد الصين عربيا

صاحَب التصعيد الذي أتبعته إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد الصين، انعقاد عدة فعاليات بواشنطن ركزت في مجملها على المخاوف الأميركية المتصاعدة حول النفوذ الصيني بالشرق الأوسط والمنطقة العربية.

وخلصت ندوات تحدث فيها مسؤولون وخبراء في الشؤون العربية والصينية -إلى جانب جلسات استماع في الكونغرس- إلى أن الصين تتمدد بصورة هادئة ومنتظمة في الدول العربية من خلال بوابة الاقتصاد والثقافة، إلا أنها لم تستبعد تحول الصين إلى الجانب السياسي والعسكري قريبا.

وأصدر المركز الأطلسي تقريرا عن “تغير الدور الصيني في الشرق الأوسط” تحدثت فيه أكبر مسؤولة داخل البيت الأبيض عن الشؤون العربية، السيدة فيكتوريا كواتس، والخبير الصيني داجنج سان، وكاتب التقرير البروفيسور جوناثان فولتون.

ورغم أن المتحدثين في التقرير لم يعبروا عن مخاوف من الطموح الصيني العسكري في المنطقة، فإن خبراء جلسة استماع انعقدت بمجلس النواب الشهر الماضي حول الصين والشرق الأوسط أشاروا إلى بدء الصين خطوات تدعم من وجودها ومركزها العسكري بالمنطقة.

نفوذ متصاعد
لم تلعب الصين دورا مهما في سياسات الشرق الأوسط منذ التأسيس الحديث لها منتصف القرن الماضي، وتمحور دورها في تقديم دعم معنوي لحركات التحرر الوطني العربية من الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، وتأييدها للحقوق الفلسطينية والعربية في صراع الشرق الأوسط.

غير أن كل ذلك تغير مع بدء التطور الصناعي الكبير وتحول الصين لمستورد للبترول منذ عام 1993 وبحلول عام 1999 وصل حجم ما تستورده الصين من النفط من دول الشرق الأوسط إلى 51% من إجمالي وارداتها من الطاقة.

وخلال جلسة الاستماع، أشار جون ألترمان من مركز السياسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن أن “حجم الاقتصاد الصيني زاد من 1.2 تريليون دولار عام 2000 ليصل إلى 6.1 تريليونات دولار عام 2010″، وهو ما وصل بدوره إلى 12.3 تريليون دولار العام الماضي، وصاحبت ذلك مضاعفة واردات النفط والغاز مرات عدة.

وفي الوقت ذاته، تُظهر تقارير مختلفة تطور حجم التبادل التجاري بين الصين والعالم العربي بصورة كبيرة جدا لم تشهدها علاقات العرب بأي من الشركاء التجاريين الآخرين.

وأصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجارى للدول العربية بعد مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، وأصبحت الدول العربية أكبر مصدر نفط للصين وثامن أكبر شريك تجارى لها بحجم تبادل تجاري بين الجانبين وصل إلى 191 مليار دولار عام 2017.

توسع هادئ
من ناحيته، أشار تقرير المركز الأطلسي إلى استعداد شركة هواوي لإطلاق أول تجربة لخدمات شبكة الجيل الخامس للاتصالات في افتتاح بطولة كأس الأمم الأفريقية في 21 يونيو الجاري، حيث إنها ستكون محط أنظار الملايين من العرب والأفارقة.

ويعتقد فولتون أن “الصين تتوسع بهدوء وببطء في الشرق الأوسط عن طريق تعميق علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية بالمنطقة”، واستند إلى استثمار الصين لأكثر من 11 مليار دولار في مشروعات بنى تحتية مختلفة في سلطنة عُمان.

كما أشار إلى توقيع بكين “شراكات إستراتيجية” مع ثماني دول شرق أوسطية منذ عام 2014، إضافة إلى خمس اتفاقيات “شراكة إستراتيجية شاملة” مع خمس دول أخرى، وتدفع هذه الاتفاقيات لتعاون واسع في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وأوضح التقرير أن الصين تعهدت بتقديم 23 مليار دولار في صورة قروض لدول المنطقة، ليتم استثمارها في مشاريع بنية تحتية ضمن مبادرة طريق الحرير الجديدة.

وإضافة للاقتصاد، تتوسع الصين ثقافيا واجتماعيا، حيث أشار التقرير لوجود ما يقرب من ستمئة ألف صيني يعملون بالمنطقة، ويتركز أغلبهم في دول مجلس التعاون الخليجي والجزائر ومصر، كما تنتشر معاهد كونفيشيوس الصينية الرسمية في عدد من الجامعات العربية.

تعاون أم منافسة؟
وسبق أن أشار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في حديث له قبل انتهاء حكمه مع صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الصين تستفيد وبالمجان مما توفره المظلة الأمنية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط.

وطبقا لتقرير المعهد الأطلسي، تجمع واشنطن ببكين مصالح مشتركة في المنطقة أهمها ضمان حرية الملاحة البحرية، وضمان تدفق موارد الطاقة للأسواق العالمية.

ويعتقد الخبير الصيني داجنج أن طريقة واشنطن في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط المعتمدة على “السلام من خلال القوة” أو “السلام من خلال الديمقراطية”، قد فشلتا في توفير الاستقرار للشرق الأوسط، وأدت لمزيد من الفوضى سواء في العراق أو ليبيا أو سوريا.

وامتدح داجنج الأسلوب الصيني المختلف والقائم على “السلام من خلال التنمية” باعتباره بديلا عمليا وواقعيا، نافيا أي رغبة لبكين في التدخل بشؤون دول المنطقة.

من جهتها، خففت فيكتوريا كواتس من المخاوف المرتبطة بزيادة النفوذ الصيني في المنطقة، وأكدت أن واشنطن تربطها علاقات معقدة ومتماسكة مع حلفائها بالمنطقة.

وقللت كواتس كذلك من المخاوف من تنامي التعاون العسكري الصيني مع السعودية، وأكدت أن الرياض أحد أهم حلفاء واشنطن وأنها لا تسعى لإنتاج أسلحة دمار شامل.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،