ماذا يجب أن يعرف الأطفال عن شهر رمضان؟

انتصف شهر رمضان تقريبا، فقد عهدناه خفيف الظل سريع المرور، علق الصغار الأضواء وصنعوا فوانيسهم الورقية ترحيبا بالشهر الكريم، واستطاع البعض منهم صيام اليوم كله، وتدرب الأصغر سنا على الصيام ساعتين أو ساعة قبل أذان المغرب.

ولكن قبل أن ينتهي شهر رمضان هل يمكنك قياس ما تعلمه ابنك خلال الشهر الكريم، سواء من الحكمة وراء الصيام، أو القيم التي يسهل الاعتياد عليها خلال شهر الصوم مقارنة بشهور السنة الأخرى.

طاعة الله تعالى: عندما يأمرنا الله تعالى بفعل شيء ما فيجب أن يستجيب الجميع ويطيع، وحينما يأمرنا الله بالصوم عن الطعام والشراب لشهر كامل فلا نأكل سوى في مواعيد معينة فهذا يعني التزاما من ناحيتنا تجاه الله وبما يأمرنا به.

قدرة الإنسان على التغيير: الحكمة الثانية المرتبطة بالأولى هي أن الله يريدنا أن ندرك مدى القدرات التي منحنا إياها، فإذا كان الإنسان قادرا على تغيير جميع عاداته خلال اليوم الأول في رمضان -والتي سرعان ما يعتاد عليها هي الأخرى بمرور أيام الشهر- فإن الإنسان قادر على تغيير أي شيء يريده، سواء التوقف عن عادة سيئة أو البدء في القيام بأمر جديد يغير حياته إلى الأفضل.

ويجب على الآباء استغلال هاتين النقطتين لتعليم أطفالهم أن الله حينما يأمر الإنسان بالقيام بأمر ما حتى ولو ظن البعض أنه أمر صعب إلا أنه ليس كذلك على الإطلاق، فالله يأمر الإنسان بما فيه مصلحته وصلاحه.

يمكن تعليم الأطفال ذلك من خلال بعض الأمور:
كيفية اكتشاف قدراتهم الخاصة: من خلال تعليم الأطفال الصيام لأول مرة وتحدي أنفسهم، كأن يقرروا الصيام لساعة واحدة أو ساعتين حسب قدرة الطفل، وأن يكون ذلك قبل أذان المغرب وليس في الصباح، حتى يشاركوا الجميع فرحة الإفطار.
بالنسبة للأطفال الأكبر سنا، يمكن تحدي أنفسهم للانتهاء من أمر يظنون أنه صعب عليهم، والانتهاء من جزء منه كل يوم حتى إنجازه تماما مع نهاية الشهر.
قدرتهم على تغيير صفة يظنون أنه لا يمكن تغييرها، على كل شخص في المنزل كتابة صفة أو عادة يريد التخلص منها أو يريد إضافتها إلى عاداته الحميدة، والتركيز على التدرب عليها كل يوم خلال رمضان، على أن يلاحظ كل شخص التغيير الذي حصل عليه كل شخص بالأسرة.
التدرج في الإنجاز، تبني مشروع معين خلال شهر رمضان، مثل تجهيز حديقة المنزل، أو بناء قطعة أثاث مميزة لوضعها داخل المنزل استعدادا للعيد، وأن يتم العمل عليها بشكل تدريجي وفقا لخطة تنتهي من المشروع قبل آخر يوم في رمضان.
يجب أن يعرف الطفل المغزى الكلي من الصيام (شترستوك)
فرصة كبيرة
تقول المستشارة النفسية والاجتماعية وفاء أبو موسى إن شهر رمضان يعد فرصة كبيرة لتعزيز القيم الإنسانية وسمو الأخلاق وتعليم أولادنا التعاطف والكرم وصلة الرحم، وإنه يمكن للآباء استغلال ذلك من أجل التالي:

رفع الوعي الإيماني لدى الأولاد خلال شهر رمضان، وذلك من خلال التحدث عن حكمة رمضان ولماذا نصوم بالأساس.
يجب ألا يشعر الأطفال أن شهر رمضان هو شهر الصوم والتعب، يجب تجهيز قائمة من الأنشطة الممتعة مثل رواية القصص أو القيام بالتجارب، والابتسام في وجه الآخرين حتى لو لم نكن نعرفهم.
رمضان فرصة لتعليم الأطفال الصبر، لأن الأطفال خصوصا يصبرون على العطش والجوع حتى موعد الإفطار، يجب فقط أن نذكرهم أن ما يقومون به هو “صبر جميل” سيكافئهم الله عليه، ويمكن دعم ذلك من خلال زراعة نبات خاص بكل طفل ليقوم بسقيه كل يوم في نفس الموعد.
القدرة على الفعل، يجب أن يشعر الأطفال بأنهم قادرون على فعل شيء جيد يساعدون به الغير، مثل تكليفهم بمهمة ثابتة طوال الشهر يشاركون بها في الأعمال المنزلية.
يجب تجهيز قائمة من الأنشطة الممتعة للأطفال خلال ساعات النهار في رمضان (غيتي)
القدرة على العطاء، يتم منح حصالة لكل طفل خاصة بشهر رمضان فقط يضع فيها كل يوم مبلغا بسيطا بنية التبرع به نهاية رمضان لشخص في حاجة ماسة للمال، أو شراء ملابس العيد لطفل آخر لا يستطيع ذلك، وهذا يشعره بإمكانياته البسيطة في التعاطف مع الآخرين.
تنمية الجانب الروحي والإيماني من خلال ممارسة الأنشطة الدينية، عادة يشعر الأطفال بالملل والتأفف، ولكن من الممكن جعلهم ينشغلون بأمر جديد عليهم، مثل “ما رأيك أن تسبح الله 10 مرات، استغفر الله 10 مرات، شاهد قصة سيدنا نوح”، توجد برامج ومسلسلات عدة تعرض قصص الأنبياء، هذه الممارسات تجعل أولادنا أكثر احتراما وحبا للطقوس الدينية.
معنى التواصل الرحيم، من خلال صلة الرحم مع بعضنا البعض داخل الأسرة الواحدة بالاهتمام بحاجات كل فرد وألا نكون حملا ثقيلا على والدينا، وأن نتواصل مع أقاربنا من أجل الاطمئنان عليهم، وتقول وفاء أبو موسى إن التواصل الرحيم هو قيمة إنسانية تعلمنا كيف نكون متسامحين حتى حينما نكون على خلاف مع شخص ما.
أن يعرف الطفل المغزى الكلي من الصيام، حيث إن كل الأديان السماوية يوجد فيها نوع من أنواع الصيام، والغرض من الصيام هو الامتناع عن كل شيء سيئ ومؤذ للآخرين.
رمضان فرصة لتعزيز النظام، فنحن نأكل بموعد، ونستيقظ للسحور بموعد، ونذهب إلى المدرسة بموعد، وهذا كله يضمن تعليم أساسيات النظام وأهميته للأطفال.
الانتماء للأسرة من خلال التعاون معا وتناول الطعام في وقت واحد معا، وسرد القصص وقراءة القرآن وصلاة الجماعة داخل المنزل، خصوصا مع إغلاق المساجد بسبب “كوفيد-19” في بعض الدول.
قيمة الصدق ومكافأة الأطفال عليه، فالذي يستطيع الصيام من الصغار يصوم، ومن لا يستطيع لا نجبره، يجب ألا يضطر الأطفال للأكل في الخفاء، يجب أن يكون مرحبا بهم حينما يدركون عدم استطاعتهم إكمال يوم الصيام ما داموا صغارا.
قيمة الأمانة، نحن نثق بأطفالنا ونكلفهم بحمل أمانات صغيرة في رمضان، كأن نكلفهم بإرسال بعض الطعام للجيران ويجب ألا يأكلوا منه في الطريق لأنه أمانة، أو حينما نطلب منهم نقل رسالة معينة لشخص ما فيجب نقلها كما هي دون زيادة أو نقصان لأن هذا نوع من الأمانة.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.