ماذا لو حصلت غزة على صواريخ (ستينغر)؟

بقلم : داود عمر داود

عندما انهارت الحكومة الأفغانية وتفكك جيشها، وسيطرت حركة طالبان على البلاد، أبدت إسرائيل مخاوف شديدة من العلاقة التي تربط بين (حركة حماس) و(حركة طالبان).
ومصدر هذه المخاوف أن تجد الأسلحة المتطورة التي غنمتها طالبان طريقها إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. ومع مرور الوقت، أخذ يتضح أن قلق المؤسسة الأمنية والعسكرية الحاكمة في إسرائيل كان في محله. إذ غنمت طالبان، بين ليلة وضحاها، أسلحة ومعدات عسكرية ربما توازي أو تفوق ما تملكه إسرائيل، كماً ونوعاً.
85 مليار دولار غنائم طالبان
إدارة الرئيس بايدن اعترفت أن طالبان أصبحت تسيطر الآن على ما قيمته 85 مليار دولار من المعدات العسكرية الأمريكية.
ويشمل ذلك 75 ألف مركبة، وأكثر من 200 طائرة حربية ومروحية، وأكثر من 600 ألف قطعة سلاح خفيف وصغير. كما أن لدى طالبان عددا من مروحيات (بلاك هوك) لا تملكه غالبية دول العالم. كما غنمت طالبان أيضاً أجهزة رؤية ليلية، ودروعا واقية، ومستلزمات طبية، وأجهزة المقاييس الحيوية للتحقق من بصمات الأصابع، وبصمات العين، وصور الوجه، والتعرف على الصوت، ومعلومات السيرة الذاتية للمتعاونين الأفغان، وهي كنز من المعلومات الإستخبارية لحركة طالبان.
ميزان القوى
لم يتضح بعد أن شملت غنائم طالبان صواريخ (ستينغر) المضادة للطائرات. فالمخاوف الإسرائيلية ربما تكون قائمة أساساً على إمكانية أن يقع صاروخ (ستينغر) بيد المقاومة في غزة.
وإذا حصل هذا فسيكون بالإمكان تحييد سلاح الجو الإسرائيلي في أي مواجهة مقبلة، كما فعل المجاهدون مع المحتلين السوفييت في الثمانينيات. وعندها سيتغير ميزان القوى لصالح المقاومة الفلسطينية. فهذا الصاروخ يسهل تهريبه كونه صغير الحجم، وخفيف الوزن، وكلفته قليلة مقابل فاعليته.
المواصفات الفنية
 (ستينغر)، المتتبع للحرارة والمحمول على الكتف، هو صاروخ أرض- جو، يوجه بالأشعة تحت الحمراء، وأثبت فعاليته وسهولة إستخدامه. ويبلغ طوله مترا ونصف المتر،  وقطر 70 ملم، ووزن حوالي 16 كيلوغراماً.
بدأت الولايات المتحدة في تطويره في الستينيات، وبدأ إنتاجه عام 1978، ثم دخل الخدمة في الجيش الأمريكي عام 1981.
ويصيب الصاروخ الطائرات في الجو على إرتفاع 4800 متر، ما يعادل 15 ألف قدم. ويبلغ وزن رأسه الحربي 3 كيلوغرامات. وتفوق سرعته سرعة الصوت، ويعمل نظام الدفع في محركه بالوقود الصلب.
ويلاحق الصاروخ الطائرات بسرعة تزيد على 2400 كيلومتر في الساعة، وينفجر بطاقة حركة تعادل سيارة متوسطة الحجم. ويُستخدم (ستينغر) لمرة واحدة فقط، وتبلغ كلفته 38 ألف دولار مقابل عشرات الملايين كلفة الطائرات الحربية التي يُسقطها.
2500 صاروخ (ستينغر) هزمت السوفييت: كان التسليح الأمريكي للمجاهدين الإفغان يمر من خلال عدة دول لعبت دوراً محورياً في تمرير الأسلحة للمجاهدين، وتجنيد المقاتلين لهم،  في حربهم ضد الاحتلال السوفييتي.
وفي عام 1986، قررت إدارة ريغان تزويد المجاهدين الأفغان بصواريخ (ستنيغر) للتعجيل بحسم المعركة ضد الإتحاد السوفياتي.
وبلغ عدد الصواريخ التي قدمتها أمريكا إلى المجاهدين الأفغان آنذاك، 2000-2500 صاروخ. وهناك إجماع بين أوساط المراقبين العسكريين أن صواريخ (ستنيغر) هي التي حسمت الحرب وقادت إلى هزيمة الجيش السوفييتي، وإنسحابه من أفغانستان.
بين الخيبتين: السوفييتية والأمريكية
وقد استخدم المجاهدون صاروخ (ستنيغر) بفعالية كبيرة ضد المروحيات وطائرات النقل العسكرية السوفياتية، بين أعوام 1986-1989، مما أدخل الرعب في قلوب الطيارين والجنود السوفييت على حد سواء، واضطر قادتهم إلى  تغيير أساليبهم القتالية في الميدان.
لقد كان لهذه الصواريخ أبلغ الأثر في تحييد سلاح الجو السوفييتي، وبالتالي تغيير ميزان القوى العسكري لصالح المجاهدين، ضد الجيش السوفييتية، الذي انسحب عام 1989 وهو  يجر أذيال الخيبة، كما حصل مع نظيره الأمريكي عام 2021، بفارق 32 عاماً بين الخيبتين.
توازن الرعب في غزة
وهكذا فإن صواريخ (ستينغر) لو وقعت بيد المقاومة الفلسطينية، من طالبان، أو من الفاقد الذي فشل الأمريكيون في استرجاعه من المجاهدين، فإنها ستحول حياة إسرائيل إلى جحيم لا يُطاق، بتحييد سلاحها الجوي، فتفقد بذلك تفوقها العسكري.
فما المواجهة الأخيرة عنا ببعيد، إذ أوجدت المقاومة (توازن رعب) بين الطرفين وأرست قواعد جديدة، كشفت هشاشة إسرائيل.
إنتهاكات العدو في القدس تقابلها رشقات محدودة من الصواريخ على مدنه. وتدمير الأبراج السكنية يقابلها رشقات أشد كثافة تُغلق المطار، وتشل الحياة،  وتكبد العدو قتلى وجرحى، وأضرارا، وخسائر اقتصادية، إضافة إلى ما لها من تأثير معنوي ونفسي على المستوطنين. كل هذا أنجزته المقاومة بصواريخ بدائية محلية الصنع، فماذا لو حصلت غزة على صواريخ (ستينغر)؟

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.