مابين الجِياد الصافِنات.. والهواتف الـمُلهِيات

بقلم: عبد الله الكندي

أتانا عن رب العزة والجلال أنَّ نبيّ الله سليمان، قد ابتلاهُ الله بالخيل الجياد، فكان يحبُ عَرضها وجمالها فكيف لا وقد سخرها الله لنا فقال: لتركبوها وزينة.
ولكنها ألهتهُ عن ذكر الله والصلاة، حتى غابت الشمس فندم على ذلك وعاتب نفسه حين ذاك.
إذْ كيف لِحبِ الخير والنِعم أن يطغى على حُب الله!!
كلا والله.. فأمر أن يُؤتىٰ بها إليه، فذبحها وقطع أعناقها وسِيقانها حتى لا تُلهيهِ عن عبادة الله وذكره:

“وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ”

حينما أتأمل في هذه القصة وقد حدثت لنبي الله سليمان العابد الأوّاب، أتحسر على حالنا اليوم.. فكم من الملهيات، وكم من المغريات حولنا.. هواتفٌ وصفناها بالذكية حتى تشغل عقولنا الغبيّة، وبرامج منوّعة أدخلتنا في زوبعة، وقنواتٍ ومسلسلاتٍ تغزوا بيوتنا وتشتت أفكارنا وتغيّر أخلاقنا وتمحو هويتنا..

كل هذه الملهيات أتتنا من حيث لانحتسب بداعي التحضّر ومواكبة التطور، فهي سلاحٌ ذو حدّين والعاقل من يسخّرها بالطريقة المثلىٰ والآخر يستخدمها لجلب البلوىٰ..

نعم.. لقد شغلتنا عن ذكر الله وعبادته، حتى في مساجدنا، فمع تكبيرات الإمام تسمع نغمات الهواتف بأنواعها.. وشغلتنا في طرقاتنا، فأصبحنا نمسك مقوَد السيارة بيدٍ و الهاتف بالأخرى، نظرة هنا ونظراتٌ هناك.. وترى الرؤوس أثناء القيادة منحنية منكسرة ذليلة باتجاه الهاتف.. وفي مجالسنا حدّث ولا حرج.. انعدم التواصل المباشر بيننا، أصبحنا نحدث بعضنا بعضاً دون أن نرى إلى من يحدثنا..!!
إلى أين سنصل.. وحياتنا أصبحت رهينة الهاتف والملهيات الأخرى..؟!
إننا نزداد تخلّفاً بسوء استخدامنا لأجهزة التقدّم..!!

“إنّ الله لايُغيّر مابقومٍ حتى يغيّروا مابأنفسهم”..

إنّ نبي الله سليمان ألهتهُ الخيل عن ذكر ربه، ففعل بها مافعل.. وإننا اليوم تُلهينا هذه الأجهزة – ليس عن ذكر ربنا وحسب- بل حتى عن أجمل تفاصيل حياتنا اليومية.. فالله المستعان.

#عبدالله_الكندي

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".