ليس عنيدًا.. كيف تروض الطفل قوي الشخصية دون أن تكسره؟

من السهل تحديد الأطفال ذوي الإرادة القوية منذ الصغر، يتشارك هؤلاء الأطفال شغفا كبيرا بالاستقلال لأن لديهم عقلية قوية ومنطقا واضحا وقدرة على القيادة، ومع ذلك فإن تربية طفل يملك شخصية قوية أمر مستنزف للغاية.

يخطئ الكثيرون في التعامل مع الطفل قوي الشخصية، إذ يُفسَر تمرده وحنقه بأنه خروج عن الآداب العامة يحتاج إلى كسر شوكته لينشأ طفلا طوعيا يقبل الانصياع والسيطرة.

الآباء الواعون فقط سوف يكتشفون مزايا أن يكون لديهم طفل قوي الشخصية، يبحثون عن طرق غير تقليدية لكبح جماح إرادة طفلهم القوية وإعادة تشكيلها، بما لا يتنافى مع طبيعته المتفردة.

العناد وقوة الشخصية
كثيرا ما يخلط البعض بين العناد وقوة الشخصية، لكن الفرق واضح، فالطفل العنيد ليس بالضرورة أن يكون قوي الشخصية، في حين أن الطفل الذي يملك شخصية قوية لا بد أن يكون عنيدا طبقا لأستاذ الطب النفسي الدكتور أحمد إسماعيل.

منذ عمر العامين تبدأ علامات العناد عند الطفل حتى سن السابعة، ويطلق على تلك المرحلة اسم “سن المقاومة”، حيث يميل الأطفال إلى رفض كل التعليمات، ويكون العناد عادة مُفقدا للوعي من أجل إشباع رغبة مؤقتة كالحصول على لعبة، في المقابل يكون عناد الطفل قوي الشخصية نابعا من التصميم والإرادة، وهو نوع من المثابرة من أجل الوصول لنتيجة معينة وعدم الاستسلام، ويميل قوي الشخصية إلى تغليب منطقه والجدال والاعتماد على نفسه بشكل واضح.

امدح أي عمل بسيط يقوم به طفلك وعبّر عن تقديرك لمساعدته (بيكسابي)
خطوات التعامل مع الإرادة القوية
لا مجال للتربية التقليدية حين يكون لديك طفل قوي الشخصية، فالأساليب القديمة كالصراخ والضرب لا تجدي نفعا مع تلك الشخصية، في البدء عليك الامتنان لأن طفلك يمتلك شخصية قائد متفرد، ومن ثم اتبع بعض الخطوات العلمية للوصول إلى أفضل النتائج عند تنشئة طفلك:

1- توقف عن الصراخ
يذهب غالبية الآباء إلى الصراخ على طفلهم الذي يجادل ويرفض الانصياع للأوامر، ويسلك سلوكا خاطئا، لكن الصراخ طريقة غير فعالة، بحسب المتخصصة في شؤون الطفل فيفيان كوبلنتز.

تؤكد كوبلنتز أن الحفاظ على صوت هادئ وثابت عند مواجهة سلوك طفلك غير الجيد هو المفتاح لحل المشكلة، مضيفة أن العقوبة البدنية غير فعالة مع الأطفال أقوياء الشخصية، لكن البحث عن طريقة خاصة للتعامل هو أكثر أهمية. فهؤلاء الأطفال يفضلون استخدام الضرب طالما نجحوا في فعل ما يريدون. وإذا واصلت أنت الصراخ ولم يحدث تغيير في السلوك، فستشعر في النهاية أنك مسيء.

2- اجعله دائما يختار
يؤكد الدكتور إسماعيل أن النقاش هو الوسيلة الأنجح مع الطفل قوي الشخصية، موضحا “مهما فعل الأبوان من صراخ أو ضرب أو أي شيء آخر، فلن يجدي ذلك مع الطفل أبدا، قوة الشخصية طبيعته ولن ينصاع لأي أمر طالما لم يقتنع به، الضرب والصراخ لن يردعانه”، مشيرا إلى ضرورة النقاش معه وأخذ رأيه في كل شيء متعلق به، وتركه يحلل الأمور من منظوره واحترام رأيه مهما كان. نصيحة إسماعيل أن تجعل الطفل يختار حتى طريقة عقابه هو حل أمثل.

3- توجيه عنادهم
ما يجعل هؤلاء الأطفال ناجحين هو مثابرتهم. لذا تنصح طبيبة الأطفال ومؤلفة كتاب “آباء أقوياء وبنات قويات” ميغ ميكر بعدم محاربة عنادهم، مؤكدة على ضرورة تعلم إعادة توجيهه إلى اتجاه مناسب لهم، “المشكلة بالنسبة لك تأتي عندما يحاربونك، لذا ابحث عن الأشياء التي يمكنهم فعلها والتي تتحدى إرادتهم القوية، ابحث عن الألعاب التي تمنحهم فرصة لاستخدام استقلالهم، الأولاد، مثلا، تأكد من أن لديهم الكثير من الرمال والشاحنات لنقلها كطريقة لتوجيه العناد إلى اتجاه آخر”.

4- قاتل لتحسين سلوك واحد فقط
يصطدم الآباء بسلوكيات خاطئة كثيرة يرتكبها الأطفال، وأفضل طريقة للتعامل مع السلوكيات الخاطئة للطفل قوي الشخصية بحسب “سيكولوجي توداي” هي العثور على سلوك خاطئ كبير أو سلوكين على أقصى تقدير، وإعطائهما الوقت والجهد اللازم، مع التغاضي عن السلوكيات الأخرى الأقل سوءا، وعندما يتحسنا انتقل إلى سلوك آخر خاطئ لتعديله.

5- امنحه الثناء
في خضم الخلاف مع الطفل قوي الشخصية، ينسى الآباء الثناء عليهم ومدحهم، ويركزون فقط على الجوانب السلبية، لذا تنصح كوبلنتز بإعادة التركيز وإلقاء الضوء على كل عمل جيد يقوم به الأطفال، وتذكر أن الأطفال ذوي الإرادة القوية عنيدون للغاية ولديهم القدرة على الالتزام بالمهام من البداية إلى النهاية.

“أوكل له الأعمال المنزلية وامدح أي عمل بسيط يقوم به وعبّر عن مدى تقديرك للمساعدة، والقدرة على الوثوق به في أداء المهام إلى حد الكمال، أبلغه عن مدى تقديرك لمساهمته في الأسرة، وتأكد من أنه يدرك مدى أهميته لجميع أفراد الأسرة، قد يطلب المزيد من الأعمال لأنه يرغب في سماع المزيد من الثناء”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".