لماذا نجح الاخوان المسلمون وفشل غيرهم؟

لماذا نجح الاخوان المسلمون وفشل غيرهم؟

ربما يغرد هذا السؤال وحيدًا وبعيدًا عن السياقات السائدة في عالم الإعلام ومجتمع مراكز الدراسات والأبحاث حيث يتم صك المصطلحات ودبج المعلومات وصناعة القناعات باعتبارها مسلمات لا تقبل النقاش، وحقائق لا تحتمل الجدال، كل ذلك يحدث عن عمد تارة، وتارة أخرى تحت سطوة النيران الإعلامية والأكاديمية الصديقة أو التي ظنها البعض كذلك.

والإجابة الأمينة على هذا السؤال الذي يتعرض لتقييم منتجات وممارسات جماعة الإخوان المسلمين تستدعي عددا من الوقفات الواجبة والخطوات التي ينبغي الاتفاق عليها قبل فتح باب النقاش والحوار وقبل ترجيح ما يظن البعض أنه أقرب للحقيقة والصواب.

وأول هذه الوقفات هو التعرف على الاحتمالات والبدائل الممكنة والأسئلة الموازية للسؤال المطروح، “لماذا نجح الإخوان وفشل غيرهم؟ ” وعدم الاكتفاء به، وذلك لإعطاء فرصة لقراءة المشهد من زوايا مختلفة ومن منظورات متعددة، ومن رؤية كافة الأطراف بما يسمح للمتابع التعرف على مساحات قد تكون خافية عليه أو مخفية وراء الرغبة الجامحة في إدانة الجماعة.

والنقاش القريب من المنطق وثيق الصلة بالموضوعية والعدالة والإنصاف، يستوجب طرح كافة التساؤلات المتوقعة والتي تعبر عن أطراف المعادلة الممكنة وتستقصي كافة الاحتمالات الواردة لتكتمل الأضلاع وحينها نفتح نقاشا جادا ورصينا حولها لتدليل كل طرف بما يكون قريبا من قناعاته وما يحمل من دلائل ومعلومات بهدف الوصول إلى الحقيقة المجردة، وهو ما يستلزم طرح حزمة من التساؤلات والاحتمالات:

فهناك احتمال لطرح سؤال: هل فشل الإخوان ونجح غيرهم؟
وهناك احتمال آخر لطرح سؤال: هل نجح الإخوان وفشل غيرهم؟
وهناك احتمال ثالث لطرح سؤال: هل فشل الجميع، الإخوان وغيرهم؟
ولعل الإجابة على هذه الأسئلة مجتمعة واستقصاء الإجابات المتوفرة من كافة الأطراف حولها يقربنا من الحقيقة ويقدم طرحا أقرب للعدالة والإنصاف منه إلى الانحياز المذموم، أما محاولة تسويق أحد الاحتمالات والزعم بفشل جماعة الإخوان المسلمين في المطلق واعتبار ذلك الطرح مسلمة غير قابلة للنقاش والجدل أو حقيقة مطلقة إنما هو مجافاة كاملة للمنطق ومفارقة تامة للعدالة، وهو ضرب من ضروب الجناية بعيدا عن البحث العلمي الرصين وأقرب إلى التدليس منه إلى الانضباط بالأصول الإعلامية والمهنية.

أما الوقفة الثانية فتركز على تحرير مناط التقييم ومساحته بشكل واضح وجلي دون خلط أو إدخال عناصر مغايرة في عملية التقييم، بما يطرح مزيدا من التساؤلات والمساحات التي يتوجب تحديدها قبل الانطلاق قدما في عملية التقييم.

فهل نحن بصدد تقييم أداء جماعة الإخوان المسلمين السياسي أم أداءها الدعوي؟
وهل نحن بصدد تقييم التجربة المصرية كاملة بما فيها أداء جماعة الإخوان، أم تقييم الجماعة وحدها دون غيرها وبمعزل عن واقع التجربة؟
هل نحن بصدد تقييم فكر الجماعة ومنطلقاتها أم ممارساتها أم تقييم الجميع؟
هل نريد تقييم الجماعة وفقا للأهداف التي طرحتها أم نقيمها وفقا لما نطرحه ونصيغه نحن من أهداف؟
الوقفة الثالثة وتركز على تحديد المدى الزمني الذي يتم فيه التقييم، حتى لا تختل موازين التقييم وتنحرف البوصلة ونقارن بعيدا عن السياقات الزمنية محل التقييم: فهل نحن بصدد تقييم أداء جماعة الإخوان المسلمين في مرحلة المؤسس؟ أم نحن بصدد تقييم الجماعة منذ البداية وحتى اللحظة؟ أم نحن بصدد تقييم أداء الجماعة منذ ثورة يناير وما تلاها من ثورات مضادة أم نريد تقييم كل ذلك مجتمعًا؟

الوقفة الرابعة وتركز على المجال الجغرافي لعملية التقييم وهل نحن بصدد تقييم جماعة الإخوان المسلمين في مصر أم في دول الربيع العربي أم في كافة بلدان العالم؟ وهل نحن نريد تقييم أداء الإخوان المصريين بالداخل والخارج أم نريد تقييم الأداء بالخارج؟ وهل نريد تقييم أداء الجماعة في كافة دول الخارج أم في دولة بعينها أو مجموعة من البلدان؟

الوقفة الخامسة وتركز على الممارسات والمنطلقات الفكرية، إذ لا بد من تحديد مجال التقييم وهل نحن نسعى لتقييم ممارسات جماعة الإخوان المسلمين أم محاكمة منطلقاتها الفكرية؟ وهل هناك سعي لاستكشاف العلاقة بين المنطلق الفكري للجماعة وممارساتها؟

أما الوقفة السادسة فتركز على تحديد أطراف التقييم، فهل نحن بصدد تقييم كافة القوى والتيارات الفاعلة في المجتمع وصاحبة التأثير ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين أم أننا بصدد تقييم أداء جماعة الإخوان دون غيرها من الحركات السياسية والدعوية؟ وهل نحن نقارن أداء الجماعة السياسي مقارنة بأداء الأحزاب السياسية الأخرى أم نقارن مثلًا بين أدائها السياسي بأداء مؤسسات دعوية أو فكرية أخرى؟

كل ما سبق هو البداية الحقيقية لأي محاولة للتقييم العلمي الرصين الذي بإمكانه إفراز تقييم موضوعي يصب في مصلحة كبرى الحركات الوطنية والإسلامية خلال العقود الأخيرة ويصب في مصلحة الشعوب والأوطان، بعيدًا عن الأهواء والرغبات، وبعيدًا عن محاولات الكيد والرغبة الكامنة حينًا والواضحة أحيانًا لدى جهات إقليمية ودولية لإضعاف الجماعة أو محاولة تفريغ الساحة منها أو تفتيت قوتها أو تقسيم وحدتها بهدف تسهيل مهمة مواجهتها.

فالنقاش المفتوح حول عملية التقييم هو حصري للمنصفين الذين يلتزمون النهج العلمي في التقييم ويتمتعون بنفوس مستقيمة بعيدة عن الأهواء والمواقف الشخصية المشحونة بممارسات فردية وبعيدا عن ضغوطات وتأثيرات الواقع المؤلم الذي تمر به الأمة والجماعة خلال هذه المرحلة.

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.