لماذا لم يستجب الله دعاءنا؟!!

د. إياد قنيبى

بعد وفاة ابنته “سارة” ذات الثلاثة عشر عاما بمرض السرطان
كتب الداعية الإسلامي الشهير د. “إياد القنيبي” قائلا :

يوم نشرت صورة لابنتي أشرح معها انقطاعي عن الكتابة للانشغال بعلاجها دعا لها آلاف الإخوة والأخوات بالشفاء.
وقد يتساءلون الآن: (ألم ندعُ لسارة بالشفاء؟!!! فلماذا لم يستجب الله دعاءنا)

وهذا نموذج على سؤالنا دائما عن أدعيتنا التي نظن أنها لا تستجاب.
فأقول لكم: اطمئنوا، بل إن دعاءكم قد استُجيب بإذن الله، بأحسن مما طلبتم!
والله يا إخواني، أحسب أن الله استجاب لكم في نفسية سارة الإيجابية وصبرها وتحملها.
مرت بمحطات صعبة جداً، وبأخبار أليمة عن عودة مرضها مرة بعد مرة..وعن أنه لا أمل في مرحلة من المراحل إلا ببتر الرجل كاملة..كانت أحياناً تبكي، تمسح دمعتها، ثم تعود لحياتها ونشاطها وكأن شيئا لم يكن… كنت أنا وأمها نحمل هم إخبارها بالأخبار السيئة الجديدة…ثم نستغرب من أخذها للموضوع بسهولة..
نراها تضحك ضحكة من لم يحمل هماً،
تزين دفاترها الدراسية، تنضم لدورات بناء الشخصية..بعزيمة وهمة وإيجابية..
أي استجابة لدعائكم أكثر من هذا؟!
بل وزاد قربها من الله مع اشتداد مرضها…وحرِصَتْ في أيامها الأخيرة قبل دخول المستشفى على القيام في رمضان…
مررتُ بها قبل دخول المستشفى بيومين، نَفَسها ضيق، ترفع رجلها المصابة بجانبها على الكنبة، حانية ظهرها على التابلت تقرأ منه القرآن وتتهجد..
قلبنا دفاترها وأوراقها بعد وفاتها فرأينا فيها:
(أنا أحبك يا الله وأجتهد لأرضيك فأعني على ذلك)
(يا رب اهدني إلى صراطك المستقيم)..
أي استجابة للدعاء أحسن من ذلك ؟!
لم تيأس سارة من الشفاء، بل كتبت في آخر أدعيتها:
(يا رب عجل لي الشفاء…
يا رب اشفني شفاء لا يغادر سقما)..
وعندما أحست باقتراب الموت لم تقل لماذا لم يستجب الله لي ؟
بل طلبت مني أن أسمعها آيات عن الجنة وحلاوتها…وقالت لي بنَفَسها الضعيف المتقطع بعدما تلوت الآيات:
(بابا، إجتني فكرة: ليش ما تعمل سلسلة عن هذا الموضوع؟)..إيجابية حتى اللحظة الأخيرة..
فأي استجابة للدعاء أحسن من هذه؟
ثم قدر الله أن تكون قصتها سبباً لهداية كثيرين..وأسأل الله أن يكون ذلك في ميزان حسناتها.
فأي استجابة للدعاء أحسن من هذا؟
عندما نتذكر أن المركزية للآخرة، وأن ما عند الله خير وأبقى وأنه (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب)..فإننا سنعلم أن الله استجاب أدعيتنا وأدعية سارة بأفضل بكثير مما كنا نتمنى وتتمنى سارة. وهذا من تمام الإسلام…أن تُسلِم لاختيار الله لك وتقدمه على اختيارك لنفسك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن رجُلٍ يدعو اللَّهَ بدعاءٍ إلَّا استجيبَ لَهُ:
فإمَّا أن يعجَّلَ له في الدُّنيا، وإمَّا أن يدَّخرَ لَهُ في الآخرةِ، وإمَّا أن يُكفَّرَ عنْهُ من ذنوبِهِ بقدرِ ما دعَا، ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ أو يستعجِلْ).
قالوا يا رسولَ اللَّهِ وَكيفَ يستعجِلُ؟ قالَ: ( يقولُ دعوتُ ربِّي فما استجابَ لي).
فالله تعالى يختار كيف يستجيب دعاءك، واختياره لك خيرمن اختيارك لنفسك.
فأحسنوا الظن بالله وادعوه..وثقوا بما يختاره لكم من أشكال الاستجابة..
(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)
واعلموا أنه سبحانه أكرم مسؤول وخير معطٍ سبحانه.
والحمد لله رب العالمين.

شاهد أيضاً

أم على قلوب أقفالها؟

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو أفضل وأعظم ما تعبد به وبذلت فيه الأوقات والأعمار، إنه كتاب هداية وسعادة وحياة وشفاء وبركة ونور وبرهان وفرقان،