لماذا لا يفهمني الآخرون؟ عن إساءة الفهم وكيف نتجنّبها

“لقد عانيت بما فيه الكفاية من سوء الفهم ومن العزلة التي يقع فيها المرء عندما يقول شيئا ولا يفهمه الناس من حوله”

كارل يونغ، (بتصرّف طفيف)

لا بد أنك تذكر هذا الموقف جيدا:

جالسٌ أنت في حضرة مجموعة من الأشخاص، تقول شيئا ما بعفوية ولا تلقي له بالا، تظن بأن كل شيء على ما يرام، حتى تنظر من حولك، فترى الجميع متجهّمين وينظرون إليك شزرا وكأنك قلت شيئا مريعا، تسألهم لماذا ينظرون إليك على هذا النحو، فيجيبون بأنه من الأحرى بك أن تستمع مجددا لما قلته لتوّك، تفكر قليلا بما قلته ثم تكتشف ما حدث؛ لقد أساؤوا فهمك! لم تستطع أن توصل إليهم ما أردت قوله بالشكل الصحيح، تبدأ بالاعتذار وتوضيح ما أردت قوله، تحاول أن توصل رسالتك بأفضل شكل ممكن وأن ترفع اللبس عن أي سوء فهم محتمل، يهدأ الناس من حولك بعد أن اتّضحت لهم الصورة، ولكنك حتى بعد أن عدت إلى منزلك بقيت تتساءل: هل ما زال هنالك من لم يفهم قصدي؟

في الحقيقة لست وحدك من يعاني من ذلك، جميعنا نمرّ بمثل هذه المواقف ونشعر بالإحراج؛ ما يتسبب بشعورنا بالقلق، وربما بالغضب. لا شكّ بأن شعور المرء بأنه قد أسيء فهمه من أكثر المشاعر التي تتسبّب بمعاناة الأشخاص، لما تعرّضهم له من ضغوطات، وما تتطلّبه من جهدٍ لإصلاح المواقف.

ورغم أن هذا التساؤل حول مدى فهم الآخرين لنا يكون مرتبطا في العادة بموقف معيّن أسيء فيه فهم المرء، فإنه قد يكون لدى البعض تساؤلا يوميّا: لماذا لا يفهمني الناس في العموم؟ ألا أستطيع إيصال أفكاري بالشكل المطلوب؟ هل العيب فيّ أم في الآخرين؟ ولكن قبل التطرّق إلى سبب عدم فهم الآخرين لنا، يجب علينا أن نجيب عن سؤال أكثر أهمية: لماذا من المهم أن يفهمنا الآخرون أصلا؟

ما ينبغي أن تعرفه عن إساءة الفهم

في الحقيقة فإنّنا، بصفتنا أشخاصا، تهمّنا جدا تصورات الآخرين عنا، ونسعى دوما إلى أن يرانا الآخرون تماما كما نرى أنفسنا، وفقا لما تقوله نظرية “التحقق الذاتي (Self Verification)”، وذلك بغض النظر عما إذا كانت هذه الصورة التي نرى بها أنفسنا إيجابية أو سلبية، فأولئك الذين يجدون أنفسهم محبوبين من قبل الآخرين يرغبون في أن يراهم الآخرون كذلك، وأولئك الذين يجدون أنفسهم مكروهين من قبل الآخرين يرغبون في أن يراهم الآخرون كذلك أيضا (رغم أن ذلك قد يبدو منافيا للبديهة).

يجعل هذا التحقق الذاتي (أي تأكيد الآخرين لتصوراتنا عن أنفسنا) العالمَ بالنسبة إلينا أكثر منطقية، وأكثر تماسكا، وأكثر قابلية للتنبؤ، كما أنه يساعد على جعل التفاعلات الاجتماعية أكثر سلاسة؛ فمن خلال تصوراتي عن الآخرين، أستطيع توقع تصرفاتهم تجاهي وفهمها، ومن خلال تصورات الآخرين عني، يستطيعون هم توقع تصرفاتي تجاههم وفهمها أيضا في مواقف معينة. كما أظهرت نتائج دراسة من جامعة ڤيرجينيا أُجريت على مجموعة من الطلاب ارتباطا بين الشعور بأن الآخرين يفهمون ما نريد وبين الشعور بالرّضا، بل وتعرّضا أقل للأمراض الجسدية أيضا.

يولّد هذا الشعور بالفهم شعورا بالانتماء؛ ما ينمّي علاقات أكثر صحية، حيث وجدت الدراسات أن من يمتلكون شعورا بالانتماء يكونون أكثر سعادة وأقل عرضة للقلق والاكتئاب والشعور بالعجز والوحدة.

وفي وقتنا الحالي، ولأسباب ثقافية وسياسية أكثر منها نفسية، فإنه من المفهوم أن يتحرّز الناس جيدا في كل ما يقولونه ويفعلونه، وأن يحاولوا إزالة اللبس عن كل سوء فهم محتمل، فليس غريبا أن يتسبب تعليق بسيط قاله أحدهم بعفوية تامّة ولم يقصد به الإساءة إلى أحد بأن يُطرد من عمله، وأن يقاطعه أصدقاؤه، أو أن تُنهى مسيرته في حال كان شخصية معروفة.

ولكن، من أين ينبع سوء الفهم هذا كله؟ هل يتطلب فهمنا كل هذا الجهد بالفعل؟

لماذا يحدث سوء الفهم؟ ولماذا يعجز الآخرون عن فهمي؟

يكمن السبب الأساسي وراء سوء الفهم في أننا بصفتنا أشخاصا -وفقا للأخصائية في علم نفس الاجتماع “هايدي جرانت”- أكثر صعوبة على الفهم مما نظن. يتنافى ذلك بالطبع مع الاعتقاد الشائع لدى كثيرين بأننا واضحون للغاية فيما نقوله ونفعله، وبأن الآخرين يفهموننا مثلما نريد تماما. يسمّي علماء النفس ذلك الاعتقاد بـ”وهم الشفافية (Illusion of Transparency)”، وهو الميل إلى المبالغة في تقدير مدى قدرة الآخرين على معرفة ما نفكر به وما نشعر به وما نظنه.

في تجربة عن “وهم الشفافية” أجراها باحثون في علم النفس، طُلب من المشاركين في التجربة أن يخبروا الجمهور عددا من الجُمل الصادقة والجمل الكاذبة، ومن ثم أن يحاولوا التنبؤ إلى أي حد يستطيع الجمهور أن يكتشف أكاذيبهم. أظهرت النتائج بأن المشاركين اعتقدوا بأنهم قاموا بتسريب عدد من الأدلة يساعد الجمهور على اكتشاف أكاذيبهم أكثر مما قاموا به بالفعل؛ ما جعلهم يعتقدون بأن الجمهور يعرف أكاذيبهم، رغم أن ذلك غير صحيح.

يمكننا أن نقول بشكل عام إن صعوبة فهمنا ترجع بشكل أساسي إلى 3 أسباب محورية، وسنقوم تاليا بشرحها والتفصيل فيها:

أولا: نقص المعلومات/المعطيات عنك لدى الآخرين

رغم أن ذلك قد يبدو اختزاليا بعض الشيء، فإن محاولة فهم الأشخاص لبعضهم بعضا تشبه في جزء كبير منها محاولة حل مسألة فيزيائية، فعندما نحاول حل مسألة فيزيائية فإن أول ما نبحث عنه هو المعطيات التي نستطيع من خلالها تكوين فهم معين للمسألة، ومن ثم تقديم حل ممكن لها. وإذا لم تكن المعطيات كافية، فإن فهمنا للمسألة سيكون قاصرا بالتأكيد، ومن ثَم لا بد للإجابة أن تكون غير صحيحة. ينطبق الأمر كذلك على التفاعلات الاجتماعية بين الأشخاص، فعندما يحاول شخص ما فهم ما تقوله أو تفعله، فإنه لا يستطيع القيام بذلك إلا من خلال المعطيات التي يمتلكها عنك (وهي ما تقوم أنت بتزويده بها)، وإذا لم تكن المعطيات كافية (نتيجة تقصير منك، أو لظرف معين)، فإنّه لا بد من وقوع سوء الفهم.

تتمثل المعطيات التي يمتلكها الآخرون عنك في الآتي فقط:

مظهرك الخارجي.
لغة جسدك (Body Language) (وهي أهم ما يستخدمه الناس لفهم ما تقوله وتفعله).
تعابير وجهك (Facial Expressions) (رغم أن الدراسات تظهر أنه من الصعب فهم تعابير وجوه الأشخاص).
أقوالك وأفعالك (على اعتبار أن من تتكلم إليهم يصغون إليك بالفعل).

في حين تتمثل المعطيات التي تمتلكها أنت عن نفسك في الآتي:

نواياك.
أفكارك.
مشاعرك.
عواطفك.
سلوكياتك.
تاريخك.
لغة جسدك.
تعابير وجهك.

ينبع سوء الفهم إذن في هذه الحالة من عدم امتلاك الآخرين معطيات كافية عنك، فما يمتلكونه عنك من معطيات (وهو ما يتشكل من خلاله فهمهم لك) أقل بكثير مما تمتلكه أنت من معطيات عن نفسك وعن الموقف الذي تمر به.

ثانيا: تفسيرات الآخرين وتصوّراتهم المُسبقة

يخضع كل ما نقوله ونفعله لتأويلات الآخرين وتفسيراتهم، سواء أردنا ذلك أم لا. ولنتجنب سوء الفهم المحتمل من قبل الآخرين، يجب علينا أن نعي ونأخذ بعين الاعتبار قنوات التأويل التي تمر من خلالها أقوالنا وأفعالنا، لتخرج بالشكل الذي يفهمه به الآخرون. تتمثل قنوات التأويل هذه في الآتي:

1- الصور النمطية (Stereotypes): تلعب الصور النمطية دورا كبيرا في تشكيل فهم الآخرين لما نقوله ونفعله، فالصور النمطية وفقا للجمعية الأميركية لعلم النفس هي “مجموعة من التعميمات الإدراكية (مثل التصوّرات والتوقعات … إلخ) عن الصفات والخصائص التي تتسم بها مجموعة من الأشخاص أو فئة اجتماعية ما. وبما أننا ننتمي إلى مجموعة ما ونُصنَّف ضمنها (إثنية، طائفة دينية، قبيلة، طبقة اجتماعية، حزب سياسي… إلخ)، فلا بد للآخرين من أن يحاولوا فهم ما نقوله ونفعله من خلال تصوراتهم عن هذا الانتماء، رغم أن هذه التصورات قد تكون خاطئة ببساطة؛ ما يتسبب بسوء الفهم. ومن ثَم لا بد أن تكون واعيا بالدور الذي تلعبه الصور النمطية في تشكيل فهم الآخرين لك.

2- افتراضات الآخرين عنك (Assumptions): يمتلك الآخرون عنك عادة بعض الافتراضات التي لا يدعمها دليل أو إثبات، وقد تلعب دورا كبيرا في تشكيل فهمهم لك، رغم احتمال خطئها الكبير؛ ما يتسبب بسوء الفهم. مثلا، إذا افترض أحدهم أنك لا تحب شخصا ما، فسيكون هنالك احتمال كبير بتفسير كل ما تقوله عن هذا الشخص باعتباره دلالة على عدم محبتك له، رغم أن ما تقصده قد يكون العكس من ذلك تماما.

3- تجارب الآخرين السابقة معك: لا بد أنك سمعت من قبل بالمثل الشائع بأن “الانطباعات الأولى تدوم”، مع الأسف فإن هذا صحيح، وقد تلعب هذه الانطباعات دورا كبيرا في تشكيل فهم الآخرين لك وتوقعاتهم لتصرفاتك أيضا. ولذلك فإنه من المهم أن تترك انطباعا أوليا جيدا لدى الآخرين عنك لتجنب سوء الفهم (للمزيد حول ذلك، انظر هنا). ينطبق الأمر كذلك على تجارب الآخرين السابقة معك، فإذا لم تكن تجاربهم معك إيجابية من قبل، فعلى الأغلب أنهم لن يتوقعوا منك نوايا جيدة فيما تقوله وتفعله؛ ما يتسبب بسوء الفهم.

4- مشكلات الآخرين أنفسهم: رغم أن مشكلات الآخرين هي أمر يخصهم وحدهم ولا علاقة لك بها، فإنها قد تؤثر على الطريقة التي يفهمها بك الآخرون.

5- سياق الفهم: يؤثر السياق الذي تحدث فيه التفاعلات الاجتماعية كثيرا على فهم الآخرين لك، فقد تتصرف على غير طبيعتك مع أحدهم بسبب ظرف ما، ولا يأخذ الآخرون ذلك بعين الاعتبار، فيتسبب ذلك بسوء فهمهم لك.

ثالثا: مشكلات تخصك أنت فتحرم الآخرين من فهمك

(شترستوك)
لا تعود جميع أسباب سوء الفهم إلى الآخرين أو الظروف، فقد تكون بعض المسببات ناتجة منك بشكل مباشر، سواء كان ذلك بإرادتك أم لا. سنلخص فيما يلي بعض الأسباب المحتملة لتعرّضك المستمر لسوء الفهم:

1- الخوف من الحميمية (Fear of Intimacy): ينتج هذا الخوف من عدم قدرتك على بناء مستوى جيد من الثقة بينك وبين الآخرين، ومن إصرارك المستمر على إبعاد كل من يحاول التقرب منك، نتيجة اعتقادك بأن الآخرين سيهجرونك لا محالة. يتسبب هذا الخوف بشكل مباشر في سوء فهم الآخرين لك، فكيف تتوقع منهم فهمك بالشكل الصحيح وأنت تحاول إبعادهم عنك باستمرار؟

2- الخوف من أحكام الآخرين: قد يضطرك خوفك من حكم الآخرين عليك إلى أن تُخفي الكثير من الأشياء التي تساعد على فهمك بالشكل الصحيح؛ ما يؤدي إلى تشوش الصورة لدى الآخرين، ومن ثَم فهمك بشكل خاطئ.

3- عدم الثقة بالآخرين: قد يكون سبب ذلك ترعرعك بين مجموعة من الأشخاص الذين لم تستطع أن تثق بهم، أو أنك تعرضت لأذى عاطفي أو جسدي في صغرك. يتسبب ذلك في عدم رغبة الآخرين في الاستثمار في فهمك بشكل صحيح، لأنك لا تثق بهم من الأساس.

4- كونك شخصا اعتماديّا (Codependent): يعني ذلك سعيك المستمر لنيل رضا الآخرين وموافقتهم؛ ما يضطرك إلى تزييف نفسك إلى درجة لا تعود فيها تفهم حتى أنت ماذا تريد، فما بالك بالآخرين؟!

5- ضعف مهارات التواصل: كأن تقول أشياء تناقض نفسها، أو عكس ما تريد قوله، أو أن تقول أشياء لا تؤمن بها (لترضي غيرك -ربما- أو لتكون لبقا؛ ما يعني أنك شخص اعتمادي).

6- نقص التعاطف مع الآخرين (Lack of Empathy): إذا لم تستطع أن تتعاطف مع غيرك، فلن تستطيع فهمهم أو تكوين علاقات معهم، ومن ثَم كيف تتوقع منهم أن يفهموك بشكل صحيح؟

ولكن، إذا كانت جميع هذه العوامل تدخل في معادلة الفهم، فكيف يمكننا أن نسيطر عليها ونتجنب أن يساء فهمنا؟

ماذا أفعل كي يفهمني الآخرون؟
Mendacious üzletember kifejezés félreértés és zavart
(شترستوك)
سنذكر تاليا بعض الخطوات التي من شأنها أن تساعدك على تجنب سوء الفهم:

أولًا: تواصل مع الآخرين بشكل أوضح
حاول أن تصغي إلى نفسك وأنت تتحدث إلى الآخرين، كرر الجملة في رأسك وتخيل وَقْعها عليهم قبل أن تقولها، هل سيفهم الآخرون ما تريد قوله بالشكل الصحيح؟ هل تقول أشياء عكس ما تقصد وتعطي انطباعا خاطئا عمّا تريد؟ قد يساعدك أيضا أن تسجل محادثاتك مع الآخرين، استمع إليها وحاول أن تجد أين حدث سوء الفهم، واعمل على تجنب ذلك في المستقبل.

ثانيًا: انتبه إلى لغة جسدك وتعابير وجهك
تلعب لغة جسدك وتعابير وجهك دورا مكافئا -إن لم يكن أكبر- لكلماتك وأفعالك. افرد ذراعيك وأرِح كتفيك عندما تتحدث مع أحدهم، حافظ على التواصل البصري بينك وبين الآخرين، وحافظ على ابتسامة لطيفة.

ثالثًا: تمهل وانظر إلى الأمور بطريقة أخرى
قد تؤدي بنا بعض المشاعر إلى تبني موقف “لا أحد يفهمني”. إذا أحسست بأنك على وشك تبني هذا الموقف، تريّث قليلا وفكّر مليّا، خُذ نفسا عميقا واسأل نفسك: هل أساء الآخرون فهمي بالفعل أم أنني مستاء من شيء آخر، أنهم مثلا لا يوافقونني فيما أقول؟ ألا يحتمل أنني أشعر بذلك لأنني مررت بيوم سيئ؟ حاول أن تنظر إلى الأمور من منظور الآخرين، وابحث عن الطرق التي حاولوا بها فهمك بشكل صحيح.

رابعًا: افهم ذاتك واعرف نفسَك
كلما فهمت نفسك أكثر استطعت أن توصل ما تريد بشكل أوضح، ومن ثَم يستطيع الآخرون فهمك بشكل أفضل. اكتب قائمة بما تحب وتكره، بما تريد وما لا تريد، ما يجعلك تشعر بالسعادة وما يعكر مزاجك. حين نتمرّن مع أنفسنا بالتعبير عمّا نُريده بوضوح وبصياغة أفكارنا بطرُق مُتعددة عبر الكتابة والتدوين، فإنّ هذا من شأنه أن يُسهّل مَهمّة إيصال أفكارنا للآخرين وسيسهّل عليهم فهمها واستيعابها لأنّها أفكار ومشاعر واضحة في عقلنا بالأساس.

خامسًا: تجنّب عقلية الضحية
قد يؤدي شعورك الدائم باعتبارك غير مفهوم من قبل الآخرين إلى أن تشفق على نفسك، وأن تتحول مِن ثَم إلى ضحية الآخرين في نظرك. تجنّب الوقوع في ذلك الفخ، وتحمّل مسؤولية أن تجد أشخاصا يفهمونك وأن توصل ما تريد قوله بالشكل الصحيح.

سادسًا: قدّر محاولة الآخرين
قد يكون من الصعب على البعض أن يفهموك من أول مرة، ولكن في المقابل فكّر فيما يفعلونه من أجلك: هل يستمعون إليك؟ هل يبذلون جهدهم لفهم ما تريد؟ هل يحاولون دوما مساعدتك؟ ليس من الضروري أن يفهمك الآخرون دوما، ولكن من الجيد أن تقدّر محاولتهم وبذلهم الجهد لفعل ذلك.

سابعًا: تصرّف كما لو أن الآخرين يفهمونك
إذا أساء أحدهم فهمك، اسأل نفسك: كيف كُنتَ ستتصرف معهم لو لم يسيؤوا فهمك؟ وتصرّف بناء على ذلك. قد يريحك ذلك ويخفف من الضغط الذي تشعر به بسبب سوء الفهم، كما أنه قد يغيّر من تصرفات الآخرين معك أيضا، حين يرونكَ تُعطيهم دائمًا حُسن النيّة وتُعطي الأولوية لحُسن الفهم.

ثامنًا: افهم غيرك أولا
حاول أن تفهم غيرك قبل أن تطلب من الآخرين أن يفهموك، اسأل نفسك: هل تصغي لما يقولونه بالفعل؟ أم أنّك ترى شفاههم تتحرّك فحسب بينما تحاول أن تُلصِق بهم ما تتوقّعه منهم في عقلك؟ هل تتقبل آراءهم وتتعامل معها بجدية، أم أنك تقاطعهم دوما لتظهر لهم أنك مررت بمثل ما مروا به من قبل؟ هل تحرم نفسك من أن تتعلّم شيئًا جديدًا عن الآخر لأنّك تعتقد أنّكَ تعرفه جيدًا وأنّك تعرف ما سيقوله بطبيعة الحال؟

تاسعًا: اخفض توقعاتك
لا تتوقع من الآخرين أن يفهموك تماما مثلما تفهم نفسك؛ أنت وحدك من يستطيع ذلك. عليكَ أن تتفهّم أنّ كل شخص تقابله في حياتك إنّما مرّ بظروفٍ وسياقات مختلفة عنكَ أنتَ، فلا هُو تلقّى نفس النوع من الرعاية الذي تلقيّته أنتَ في طفولتك، ولا هو اختبر نفس التجارب الي مررتَ أنتَ بها، بل إن بعضهم من المحتمل أنّه قد تعرّض لإهمال عاطفي أو تعنيف منزلي أو غياب أحد مُقدِّمي الرعاية خلال طفولته مّما حرمه أن يطوّر أيّة مهارات تواصلية سليمة.

عاشرًا: اعمل على رفع تقديرك لذاتك
قبل أن تطلب من الآخرين فهمك، يجب عليك أن تدرك داخليا أنك جدير بالفهم. حسّن من تقديرك لذاتك، ابدأ بملاحظة ما هو مميز وجيد فيك، وإذا أبدى أحدهم تعليقا مادحا لك اقبله ولا تنكره ودع مشاعر عدم الارتياح تتدفّق إلى داخلك بهدوء.

أدوات ستساعدك
تمرين: ماذا لو كنتَ قد تعرّفتَ عليّ لتوّك، ماذا كُنتَ ستعتقد؟
Barátok beszélgetnek egy padon a városban
(شترستوك)
تقترح الأخصائية في علم نفس الاجتماع “هايدي جرانت” سؤالا فعالا تستطيع سؤاله لأصدقائك المقربين، وهو من شأنه أن يوضح لك كيف يستقبل الآخرون أقوالك وأفعالك. السؤال هو:

أكمل الجملة الآتية: “لو لم أكن أعرفك جيدا، لظننت أنك … “.

بهذه الكيفية ستستطيع أن تعرف كيف يستقبل الآخرون أقوالك وأفعالك، خصوصا أولئك الذين لم تتسنَّ لهم الفرصة ليعرفوك جيدا. ولكن من المهم ألا تشعر بالإهانة من إجابات أصدقائك، وإنما استخدمها وسيلةً لتحسين طرق تفاعلك مع الآخرين من حولك.

—————————————————————————

المصادر والمراجع
No One Understands You and What To Do About It | Talks at Google
Nobody understands me: What should I do? | Mindowl
Nobody Understands Me – Can This Ever Change?
Why Can’t I Connect With People? | Verywell Mind
Illusion of Transparency | IResearchNet
Self-verification theory | APA
Stereotypes – APA Dictionary of Psychology
The Psychology of a First Impression | Psychology Today
المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".