لماذا تعرقل الحكومات الإسرائيلية صفقة أسرى جديدة مع حماس؟

قال عضو الطاقم الإسرائيلي لمفاوضات تبادل الأسرى، والمستقيل مؤخرا، إن “الحكومة الإسرائيلية تقف عاجزة في ملف الأسرى والمفقودين، ولا تعمل بما فيه الكفاية باتجاه تحرير مَن تحتجزهم حركة حماس في غزة”.

عكست استقالة الضابط موشيه تال أحد أعضاء الطاقم الإسرائيلي المسؤول عن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، والانتقادات التي وجهها لحكومته؛ حالة العجز وعدم الرغبة الإسرائيلية بتنفيذ أي صفقة قريبا.

ويشرف ضابط الاحتياط تال على ملف المفاوضات والاتصالات السرية التي تتم بواسطة مصرية مع حركة حماس، نيابة عن شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، منذ تسريحه من الجيش الإسرائيلي عام 2019، وذلك كممثل عن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، فيما يعرف بـ”ملف الأسرى والمفقودين”.

هؤلاء الأسرى يخشى الاحتلال الإفراج عنهم في أي صفقة تبادل مع المقاومة

وبعبارات قاسية وانتقادات شديدة اللهجة، قال الضابط تال إن “الحكومة الإسرائيلية تتصرف بلا حول ولا قوة وتقف عاجزة في ملف الأسرى والمفقودين، ولا تعمل بما فيه الكفاية باتجاه تحرير الأسرى والمفقودين الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة”.

وتحتفظ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ4 إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال معركة “العصف المأكول” والحرب على غزة في صيف 2014، دون الإفصاح عن مصيرهما، ويعتبرهما الجيش الإسرائيلي قتيلين.

وأهدرت الحكومة الإسرائيلية في عام 2018، وفي مناسبتين مختلفتين، فرصا لصفقة تبادل تفضي إلى إعادة المدنيين المحتجزين بغزة؛ هشام السيد وأفرا منغستو، وهما على قيد الحياة. بالإضافة إلى جثتي الجنديين شاؤول آرون وهدار غولدن اللذين تحتجزهما حماس واللذين قُتلا أثناء عملية “الجرف الصامد” وفق الرواية الإسرائيلية.

أسير محرر في صفقة شاليط محمول على أكتاف شقيقه وبرفقة والديه لدى استقباله في معبر رفح.أسير محرر في “صفقة شاليط” محمول على أكتاف شقيقه في معبر رفح عام 2011 (الجزيرة)
صدمة شاليط
وعزا محللون امتناع الحكومة الإسرائيلية عن إبرام صفقة تبادل إلى ما وصفوه “صدمة ثمن صفقة شاليط”، (يسميها الفلسطينيون صفقة “وفاء الأحرار”)، والمبرمة عام 2011 وبوجبها أفرجت حماس عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، المحتجز لديها منذ 2006، مقابل إفراج إسرائيل عن 1027 أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام العالية، وأجمعوا أن هذه الصدمة تمنع المستوى السياسي الإسرائيلي من التقدم نحو صفقة جديدة.

وعززت الانتقادات -التي وجهها الضابط تال للمستوى السياسي ولرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو- اعتقاد للمحللين العسكريين والسياسيين في تل أبيب بأن صدمة ثمن “صفقة شاليط” التي ما زالت تهمين على المشهد السياسي الإسرائيلي قد تمنع أي مسؤول أو حزب من إبرام صفقة مستقبلية، وذلك لأهداف خاصة بالائتلاف داخل الحكومة أو بالبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.

وتأكيدا على عدم رغبة الحكومة الإسرائيلية بدفع الثمن في أي صفقة مستقبلية مع حماس، ذكر التلفزيون الإسرائيلي أن عضو الطاقم الإسرائيلي تال، استقال من منصبه قبل عدة أشهر، احتجاجا على عدم قيام المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بخطوات جدية لإتمام صفقة التبادل.
دلالات خطيرة
وانضم يواف شطيرن الصحفي الإسرائيلي المختص في الشؤون العربية والفلسطينية إلى الانتقادات الموجهة للحكومة الإسرائيلية، مبينا أن تصريحات الضابط تال “التي تكمن في جوهرها دلالات خطيرة جدا، تؤكد أن حكومة نتنياهو هي من عرقلت صفقة التبادل ومنعت تحرير المدنيين والأسرى الجنود لدى حماس”.

وقال شطيرن “نتحدث عن شخص مهني وضابط احتياط بالاستخبارات العسكرية الذي ليس لديه أي دوافع ومصالح شخصية وسياسية، وعليه تصريحاته لها وقعها وذات مصداقية”.

ويعتقد الصحفي أن الحكومات الإسرائيلية السابقة والحالية، تعتمد نهجا خاطئا في ملف الأسرى والمفقودين، حيث تربط ملف إعمار غزة بصفقة التبادل، وأيضا تساوم حماس من خلال إحكام حصار المدنيين، لإجبارها على تقديم تنازلات بملف الأسرى.

ووفق شطيرن، تهدف إسرائيل من هذا النهج إلى تأزيم الأوضاع الداخلية في غزة، وتأليب السكان المدنيين على حماس، وذلك ظنا منها أن ذلك سيدفع الحركة للتنازل في أي صفقة مستقبلية مقابل الحصول على “تسهيلات” والتقدم بمشاريع إعادة الأعمار.

وحول ما إذا كانت هذه التصريحات قد تشكل ضغطا داخليا إسرائيليا وتمهد لصفقة جديدة، قال شطيرن “هذه التصريحات تؤكد أن إسرائيل بمختلف حكوماتها والتركيبات الائتلاف والسياسية، ما زالت بعيدة عن إتمام صفقة جديدة مع حماس”.

وأشار إلى أن تكثيف تبادل زيارات الوفود الأمنية الإسرائيلية المصرية، والتسريبات عن مفاوضات سرية بشأن صفقة التبادل؛ “يوحي أن حكومة بينيت ترتّب الأوراق من جديد، ولربما تعيد تشكيل طاقم المفاوضات واستقالة تال وتصريحاته تؤكد ذلك”.

ويعتقد شطيرن أن الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بينيت، ليست لديها سياسة واضحة للتعامل مع ملف الأسرى والمفقودين وأيضا مع قطاع غزة، لكن هي الأخرى تحكمها صدمة صفقة شاليط”، وبسبب هشاشة الحكومة يعتقد أنها ستواصل إدارة ملف أزمة غزة حتى المواجهة العسكرية المقبلة.
رفض
بدا رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أقل انتقادا للحكومة الإسرائيلية حيال تعثر صفقة التبادل مع حماس.

ويرى بن يشاي أن إسرائيل معنية بصفقة أسرى، لكن من يعيق ذلك هو رئيس حماس في غزة يحيى السنوار، “الذي ما زال يبحث عن صورة الانتصار استكمال لما حققته حركته في العملية العسكرية الأخيرة على القطاع”.

ويعتقد المحلل العسكري أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تسعى من خلال الوساطة المصرية إلى مناقشة عدد الأسرى بأي صفقة مستقبلية، و”خطورة أفعالهم وفترة أحكامهم”، وأيضا مشاريع إعمار غزة، مع ترسيخ الاعتقاد برفض أي صفقة مستقبلية لأنها تضرّ بالمصالح الأمنية لإسرائيل ومواطنيها.

وفي المقابل، يقول إن حركة حماس تسعى لحسم معركة الوعي لصالحها وتحقيق نصر معنوي على إسرائيل عبر إبرام صفقة تبادل تفوق صفقة “أحمد جبريل” (أواسط الثمانينيات) وصفقة شاليط (2011)، وتتويج الصفقة الجديدة بالإفراج عن أسرى النفق في سجن جلبوع، لذلك، يقول بن يشاي “قد يتم تأجيل التبادل حتى الحملة العسكرية المقبلة”.

والدا الجندي هدار غولدن قالا إن استقالة لوتان لائحة اتهام ضد الاستهتار الذي تبديه حكومة نتنياهو تجاه مصير الجنود الأسرى بغزةوالدا الجندي المأسور في غزة “هدار غولدن”، قالا إن إسرائيل لا تفعل شيئا لاستعادته (الصحافة الإسرائيلية)
مفاوضات عالقة
وسبق استقالةَ عضو الطاقم الإسرائيلي وانتقاداته لحكومته، دعوةُ ضباط كبار في جيش الاحتلال إلى “استغلال الهدوء النسبي في قطاع غزة”، من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس، حسبما نقل موقع “واللا” الإلكتروني.

ووفقا للمسؤولين بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن المفاوضات حول تبادل الأسرى عالقة، كون أن “كلا الجانبين إسرائيل وحماس غير مستعدين للتنازل وتقديم الثمن مقابل إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ”.

وعلقت عائلة الجندي المأسور في غزة “هدار غولدن” على استقالة الضابط والمعلومات التي كشف عنها بالقول إنها “تعزز على ما قلناه منذ 7 سنوات؛ إسرائيل لا تفعل شيئا لإعادة المقاتلين الذين تركوا في ساحة المعركة، وهذا ينبغي أن يزعج أي والد ينضم أولاده إلى الجيش الإسرائيلي”.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،