لقاحات مشتقة من جلاتين الخنزير تثير مخاوف المسلمين بالغرب

أثارت مسألة المكونات المشتقة من الخنزير في بعض اللقاحات المستخدمة في المملكة المتحدة مخاوف بين بعض المسلمين المقيمين هناك.

وأكثر أنواع اللقاحات انتشارا هو لقاح الإنفلونزا، الذي يعطى للأطفال في المدارس مع بداية العام الدراسي في سبتمبر/أيلول ليحميهم من خطورة مرض الإنفلونزا أو الحد من أعراضه.

وأصبح معروفا لدى الجميع مكونات تلك اللقاحات، التي تحتوي على الجيلاتين، وهو مادة مشتقة من الكولاجين الخاص بحيوانات مثل: الدجاج والماشية والخنازير والأسماك، ويخضع تصنيع جميع أشكال الجيلاتين المستخدم في الأدوية إلى لوائح صارمة تتعلق بالنظافة والسلامة.

ويتضمن برنامج التطعيمات الروتينية بالمملكة المتحدة ثلاثة لقاحات تحتوي على جيلاتين الخنزير: لقاح الإنفلونزا ، ولقاح “إم.إم.آر” (MMR)، الذي يحمي من أمراض الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، ولقاح زوستافاكس الذي يحمي كبار السن من مرض القوباء المنطقية، وهو طفح جلدي يرافقه ألم.

لا تتوافر في بريطانيا بدائل للقاح المستخرج من الجنزير (بيكساباي)
جدل متكرر كل عام
القضية تجدد الجدل السنوي بين الأسر المسلمة، حول ضرورة إعطاء الأطفال اللقاح للوقاية من الأمراض، أو رفض اللقاحات المشتقة من الخنزير بشكل قاطع، وتثار تساؤلات حول أسباب استخدام جيلاتين الخنزير في اللقاحات.

تقول الطبيبة مروة سعيد (طب أسرة) “إن جيلاتين الخنزير يستخدم كعامل مثبت لضمان بقاء اللقاح آمنا وفعالا أثناء التخزين وللحفاظ على المادة الفعالة، وهو منقى تنقية عالية، إذ يتم تكسيره بالماء”، مضيفة “ودليل على صحة نقائه، استحالة معرفة الحمض النووي للخنزير بعد القيام بتغيير كيميائي كامل للجيلاتين المستخرج”.
وأضافت أنه “عادة تقوم الشركات المصنعة للقاحات باختبار مجموعة كبيرة من العوامل المثبتة، واختيار عامل منها يتسم بالثبات والجودة العالية والتوفر بكميات كافية، وهذا سبب اختيار المملكة المتحدة الخنزير، في حين تتجه دول أخرى لاستخراج المادة من الدجاج، مثلما تفعل دول الخليج”.

وتابعت مروة توضيحها الطبي قائلة “على عكس الجيلاتين المستخدم في الأطعمة، فإن المنتج المستخدم في اللقاحات يكون عالي النقاء، وينقسم إلى جزئيات صغيرة جدا تسمى الببتيدات”، وأضافت “اللقاحات المذكورة لا يتم تعاطيها عبر الفم وإنما عن طريق الأنف، والحقن، والتحاميل”.

وتعترف هيئة الصحة العامة في إنجلترا بأن هناك تضارباً داخل المجتمعات المسلمة البريطانية، حيث تنظر الأخيرة إلى اللقاحات المحتوية على جيلاتين الخنزير باعتبارها حراما.

تقول مها فضل إنها ترفض إعطاء ابنتها ذات الست سنوات لقاح الإنفلونزا في مدرستها كل عام، وتحترم الإدارة بأنها تشترط الحصول على موافقة مكتوبة من أولياء الأمور على المنشور الذي يرسلونه لهم، والذي يوضح مكونات اللقاح. ولدى مها قناعة بأنه لن تقي ابنتها من الأمراض بما نهى الله عنه، بحسب قولها.

تراجعت معدلات تطعيم الحصبة والحصبة الألمانية في إندونيسيا إلى ٧٪ بسبب فتوى تحريم اللقاح (بيكساباي)ربما لا تلتفت تسنيم الجمل لرأي علمي، لكنها اعتمدت على فتوى دينية بشأن اللقاحات المستخرجة من الخنزير، و”ترى أن من المستحيل استخراج شيء مفيد من الخنزير، بل على العكس قد يضر”، لذا قامت بشرح سبب رفضها لأبنائها الذين لا زالوا في مرحلة التعليم الأساسي حينما سألوها: لماذا يُحرمون من اللقاحات في المدرسة؟ تقول تسنيم “أوضحت لهم أن الخنزير من المحرمات التي لا يمكن أكلها أو الاستفادة من مكوناتها على الإطلاق”.

وبسؤالها عن مصدر معلوماتها هذه، قالت إنها بحثت على شبكة الإنترنت عن فتاوى الشيوخ والعلماء حول حكم استخدام جيلاتين الخنزير في التطعيمات، ووجدت “أن جلود الخنازير وعظامها لا تستحيل استحالة كاملة، وإنما تستحيل استحالة جزئية، ويمكن بطريق التحليل الطيفي التعرف على أصل الجيلاتين المستخلص من الخنازير”.

تحول كامل
في الوقت الذي يعلن فيه بعض المسلمين رفضهم ذلك النوع من اللقاحات، يوافق آخرون على تعاطيه.

تقول يمنى نعيم إنها لا تمانع إعطاء أبنائها في مراحل عمرهم المختلفة لقاحات التأمين الصحي في لندن منذ طفولتهم، فما العلاقة بين تناول لحم الخنزير والاستفادة من مكوناته في التداوي؟ هذا ما تعرفه بالمنطق واستخدام العقل.

وتوافقها ندى العشرى الرأي، موضحة أن هذا الأمر أصبح واضحا للجميع، ورغم اختلاف العلماء في هذا الشأن، فإنها على قناعة بما ذكر بعضهم بأن الجيلاتين المستخلص من الخنزير قد تحول تحولا كاملا عن المادة التي استخلص منها.

هذا ما تعرفه ندى من رأي “المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية”، التي جاء في قرارها: “الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها، تحول المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، وتحول المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعاً”.

ورغم ذلك يتكرر الجدل حول التطعيمات بين أولياء الأمور كل عام في التوقيت نفسه تقريبا، وعلى الأمهات الرافضات لقاح الإنفلونزا إرسال خطاب لإدارة المدرسة مع بداية العام الدراسي لتوضيح عدم رغبتهم في إعطاء أطفالهن اللقاح، ويطالبن المدرسة بضرورة احترام المعتقدات الدينية للمسلمين وتوفير لقاح بديل مناسب لهم لا يوجد به جيلاتين الخنزير.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،