لخدمة المستوطنين.. شبكة أنفاق وجسور وطرق إسرائيلية بالضفة الغربية

رام الله- ينفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية -مؤخرا- مخططات لشبكة طرق وجسور وأنفاق وبنى تحتية، من شأنها ترسيخ وجود قواته وتعزيز المستوطنين، على حساب الفلسطينيين وأراضيهم في الضفة الغربية.

وتتوزع مشاريع الطرق الاستيطانية حاليا على أراضي عدة محافظات فلسطينية، منها الخليل وبيت لحم جنوبي الضفة الغربية، ونابلس وقلقيلية شمالا.

ما أضرار إغلاق الطريق السريع 60 أمام الفلسطينيين؟
وتنفَّذ المشاريع على أراض فلسطينية خاصة صادرتها “الإدارة المدنية”، ذراع الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967، بأوامر عسكرية.

استملاك بقرار عسكري
يقول مسؤول البحث والتوثيق في هيئة شؤون الجدار والاستيطان الفلسطينية إبراهيم أبو هاشم إن أمر المصادرة العسكري يحدّد عادة مساحة الأراضي المستهدفة وهدف المصادرة، ويُرفق بخريطة.

ووفق المسؤول الفلسطيني -الذي تحدث للجزيرة نت- يُطلب من أصحاب الأراضي المهددة بالمصادرة الاعتراض -خلال مدة محددة- لدى الاحتلال، لكنهم لا يحصلون على نتيجة عند الاعتراض.

ورصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان -في تقرير حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- 10 قرارات استملاك صدرت عام 2019، وتقضي بمصادرة حوالي 877 دونما (الدونم= ألف متر مربع)، معظمها مخصصة الآن لإقامة شوارع ومفترقات وجسور.

ووفق الهيئة -التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية- ” تتم مصادرة قطع أراضٍ بهدف إنشاء شوارع التفافية لخدمة المستعمرين (المستوطنين) بالمقام الأول”. وتشير إلى تخصيص 220 مليون دولار لخارطة الطرق الجاري تنفيذها في الضفة الغربية، ولإقامة وتركيب أبراج اتصالات وإنارة للشوارع الالتفافية (مخصصة لقوات الاحتلال ومستوطنيه).

و”الاستملاك” -وفق الهيئة- قرار يصدر عن القائد العسكري الإسرائيلي ويقضي بنزع ملكية الأرض من مالكها الفلسطيني الأصلي إلى القائد العسكري، ويتم تحويلها إلى أملاك “الدولة”، أي دولة الاحتلال.

دولتان في دولة
ووفق خبير الأراضي والاستيطان خليل التفكجي، فإن المشاريع الجاري تنفيذها جزء من مخطط أُعلن عنه عام 1983، بموجب أمر عسكري إسرائيلي خاص بالطرق ويحمل الرقم “50”.

ويبين التفكجي -للجزيرة نت- أن “المخطط يهدف إلى شق طرق طولية من شمال الضفة إلى جنوبها، ومن الغرب إلى الشرق”، وأن ما يجري حاليا بمناطق بيت أمّر في الخليل، وحوارة في نابلس، وشارع رقم “9” شمالي الضفة، هو “جزء من التطبيق العملي لهذا المخطط”.

ويقول التفكجي إن طريقة تخطيط الشوارع تهدف إلى “تفتيت الضفة الغربية وحشر التجمعات الفلسطينية”.

وخلافا للرواية الإسرائيلية بأن الشوارع تخدم الفلسطينيين والمستوطنين على حد سواء، يقول التفكجي إن “إسرائيل صممت الشوارع بحيث يمكن إغلاقها أمام الفلسطينيين في أي لحظة، كما حدث بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000”.

وحسب الخبير الفلسطيني، تسعى إسرائيل لتطبيق “حل الدولتين في دولة واحدة؛ دولة المستعمرات المتواصلة جغرافيا، والدولة الفلسطينية المتصلة بالجسور والأنفاق”.

ويُلفت إلى أن التطبيق الفعلي لمخططات الشوارع بدأ مع توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في بعض المدن الفلسطينية، “ويعد الظرف السياسي الحالي (توقف عملية التسوية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين) فرصة ذهبية للمضي في هذه المشاريع”.

تخطيط عنصري
من جهته، يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” (B’Tselem) إن التخطيط الإسرائيلي في الضفة الغربية يهدف لمنع التطور الفلسطيني وسلب أراضي الفلسطينيين.

ويستشهد كريم جبران -مسؤول البحث الميداني في المركز- بالشارع الذي ترمز إليه إسرائيل بالرقم “443”، والذي يربط القدس والمستوطنات في الضفة بالداخل المحتل عام 1947 (إسرائيل).

ويقول جبران “هذا الشارع أقيم على أراضٍ فلسطينية تمت مصادرتها، وأُعلن أنه يخدم الجميع، لكن بعد الانتهاء منه أُغلق أمام الفلسطينيين ويستخدم حاليا من قبل الإسرائيليين”.

ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- “كل الشوارع الالتفافية تهدف أساسا لخدمة مشروع التوسع الاستيطاني الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967″.

وينفي جبران أن يكون الهدف من الشوارع تحسين حياة الفلسطينيين كما تقول سلطات الاحتلال، و”حتى لو استخدموها بشكل جزئي، فهم الأكثر تضررا منها لأنها مقامة على حساب أراضيهم المصادرة”.

وفي تقرير نشره عام 2017، تحدّث مركز “بتسيلم” عن “خطة سياسية غايتها تمكين إسرائيل من تسخير أقصى مساحة ممكنة من أراضي الضفة الغربية لاحتياجاتها. وفي المقابل، تبذل ما في وسعها لتقليص موارد الأرض المخصّصة لخدمة احتياجات الفلسطينيين”.

استهداف المنطقة “ج”
وتنفذ المشاريع الإسرائيلية في مناطق مصنفة “ج”، وفق ملحقات اتفاق أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1995، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وتشكّل هذه المناطق نحو 61% من أراضي الضفة الغربية.

ووفق منشورات منسق الإدارة المدنية (يتبع الحكومة الإسرائيلية)، فإن تكلفة الشارع الجاري إنشاؤه شمالي الخليل حاليا تبلغ 77 مليون دولار، ويمتد من مفترق “عتصيون” (أراضي جنوب بيت لحم) حتى بلدة حلحول (شمال الخليل).

ويقام الشارع على حساب أراضي الفلسطينيين، ويخترق جزء منه أراضي كلية العروب الزراعية (حكومية فلسطينية)، لكنه يتجاوز بلدتي بيت أمر وحلحول شرقا.

ممنوعة على الفلسطينيين
ووفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2020، فإن الحواجز الإسرائيلية قسمت الضفة الغربية إلى أكثر من 100 كانتون (مناطق معزولة عن بعضها).

وذكر أن من بين الحواجز نحو 165 بوابة حديدية على مداخل المدن والقرى، و600 حاجز عسكري أو سواتر ترابية، تُسهّل عزل وفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها.

ووفق المصدر نفسه، يصل طول الشوارع -التي يُمنع الفلسطينيون من استخدامها وتخصصها إسرائيل لجيشها ومستوطنيها- إلى نحو 40 كيلومترا تقريبا، منها 7 كيلومترات داخل مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية.

وبنهاية 2019، بلغ عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية 461 موقعا، منها 151 مستعمرة (مستوطنة) و26 بؤرة استيطانية مأهولة (لا تعترف بها إسرائيل رسميا)، و140 بؤرة غير مأهولة، فيما بلغ عدد المستوطنين نحو 688 ألفا، وفق الجهاز الفلسطيني.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".