لحظات قبل إقلاع الطائرة

بقلم الشيخ كمال الخطيب

لا أحد منا يجهل طبيعة السفر بالطائرة وما يرافق ذلك من مواعيد دقيقة ومحكمة، ليس بالساعات بل بالدقائق. فيجب أن تصل إلى المطار قبل السفر بساعات من أجل إجراءات الدخول والتفتيش وختم الجوازات وغير ذلك، وطبعًا قبل خروجك من بيتك إلى المطار فإنها الاستعدادات اللازمة من إعداد حقيبة السفر وترتيب بعض التزاماتك اتجاه مكان عملك أو أسرتك أو غير ذلك.

ولعل من الناس من يقصّر في هذه الإجراءات ويتعامل معها بعفوية وفوضى، أو لعلها ظروف طارئة أو حادث سير في الطريق أو خلل في السيارة حال دون الوصول في الوقت المناسب. فلا تدخل إلى صالة المطار إلا وقد بدأوا ينادون باسمك عبر مكبرات الصوت، فلان المسافر إلى الدولة الفلانية على الطائرة والرحلة رقم كذا وكذا الرجاء الوصول فورًا إلى البوابة رقم كذا وكذا، فلا تجد نفسك إلا وأنت تجري بل وتركض ركضًا لإدراك الطائرة قبل الإقلاع.
كل هذا والناس ينظرون إليك ،ولعله يسقط منك بعض أغراضك دون أن تنتبه من شدة ذهولك وفي داخلك تتمنى لو يتأخر موعد إقلاع الطائرة ولو قليلًا.
نعم قد يحالفك الحظ وتصل في اللحظات الأخيرة وقد يكون غير ذلك وعندها فإنك ستضطر لانتظار الرحلة القادمة لعلها بعد ساعات بل ولعلها بعد أيام.
فإذا كان هذا حالك في رحلة سفر إلى بلد آخر، فكيف برحلة سفرك إلى الدار الآخرة ؟
يتوجب عليك الاستعداد وأن تكون على جهوزية عالية، حتى إذا جاء موعد الرحيل فإنك تمضي وأنت مطمئن إلى أن حقيبة سفرك وزادك جاهزة، وأن تذكرة دخول الجنة بإذن الله قد اشتريتها. إذا فاتتك رحلة الطائرة فإنك ستسافر في الرحلة القادمة، أما رحلة الدنيا فإنها إذا انقضت فلا مجال لغيرها ولا فرصة ستعطاها أبدًا.

إذا كان مسافر الطائرة يتمنى لو تأخر موعد إقلاع الطائرة لأي سبب حتى يلحق بها، وهكذا حال المسافر إذا جاء وقت سفره إلى الآخرة دون أن يكون قد استعد وأعدّ لذلك السفر عدته، فإنه يتمنى أن لو أعطي الفرصة {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} آية 11 سورة المنافقون. ولقد قال رسول الله صلى وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه: “يا أبا ذر أكثر الزاد فإن السفر طويل، يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق، يا أبا ذر خفف الحمل فإن العقبة كؤود، يا أبا ذر أخلص العمل فإن الناقد بصير”.
هكذا يكون حالك قبل رحلة الطائرة، فماذا يكون حالك قبل رحلة الآخرة؟

يا بني اركب معنا ويا أخي أسرع إلى طائرة الآخرة، فقد تكون رحلتك الأخيرة.

ويا أهلي اركبوا وسافروا في قطار الدعوة ،ويا كل المسلمين لا تنسوا أبدًا أن تجددوا سفينتكم الإيمانية وإجراء الصيانة لها لأن البحر عميق. أسأل الله أن تصلوا إلى بر الأمان ودار السلام بسلام، اللهم آمين

شاهد أيضاً

أم على قلوب أقفالها؟

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو أفضل وأعظم ما تعبد به وبذلت فيه الأوقات والأعمار، إنه كتاب هداية وسعادة وحياة وشفاء وبركة ونور وبرهان وفرقان،