كيف يصبح شباب في الغرب نازيين جددا؟.. قيادي سابق بحركة للقوميين البيض يجيب

“انظروا إلى وباء الانتحار المنتشر في صفوف الشباب، وحوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، وانتعاش وشعبية حركات القوميين البيض، هذه بعض أعراض أزمة الهوية لدى الشباب الذكور في الغرب”، هكذا تحدث قيادي سابق في حركة متطرفة للنازيين الجدد في كندا في مقابلة أجرتها معه مجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية.

ويقول توني ماكلير أحد القادة السابقين لحركة المقاومة الآرية البيضاء في المقابلة الصحفية، إن الشباب البيض يمرون اليوم بأزمة هوية، وإنه لم يعد بإمكانهم إيجاد مكان لهم في المجتمع.

ويحذر ماكلير -الذي ابتعد عن الحركة المتطرفة في بداية القرن الحالي ليؤسس جمعية “الحياة بعد الكراهية”- من آليات خطاب الكراهية الذي يعرفه جيدا، وذلك باعتبار أنه كان يدير خط هاتف يسمى “ليبرتي نيت” الذي يتواصل عبره العنصريون، وهم من ذوي أيديولوجية تفوّق البيض، التي تصنف ضمن التهديدات حسب جهاز الشرطة الأوروبية ومكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.

ويقول ماكلير في المقابلة التي أجراها معه الصحفي دوان بوي إنه لا يعرف سبب بروز ظاهرة القوميين البيض، مضيفا أن هناك الكثير من الحديث عن “الذكورة المقيتة” و”تفوق البيض”، وأن الشباب ربما لم يعودوا يعرفون أدوارهم ومكاناتهم في مجتمعاتهم، وبالتالي فهم ينخرطون في تيارات التطرف، مما يعطيهم إحساسا بشعور يطلق عليه “العار السام” والغضب الذي يتم التعبير عنه بطريقتين، فإما من خلال كتمانه وهو ما يؤدي إلى الانتحار، وإما بالإعلان عنه والاندفاع نحو العنف والقتل.

مشكلة الأب
وتضيف المجلة الفرنسية أنه على عكس الشعور بالعار السام، فهناك مشاعر الفخر والاعتزاز التي تعبر عنها الكثير من الحركات القائمة على الهوية، ويقول ماكلير إنه عندما كان عضوا بحركة المقاومة الآرية البيضاء، كان يشعر بمعية رفقائه بالكثير من الاعتزاز بها، وبكونهم بيضا وضمن تاريخ البيض.

ويقول القيادي السابق إن الأمر استغرق وقتا طويلا كي يفهم مدى الارتباط بين الأنا والاعتزاز بالهوية، وإنه قد يكون للأمر علاقة بمشاكل مع الآباء، مشيرا إلى ما كان بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووالده من مشاكل، غير أن ترامب بقي كل حياته يكرر أنه الرابح، وأنه يريد أن يثبت ذاته للعالم، ويستدل ماكلير على حديثه بسلوك ترامب الذي يميل للسيطرة والنبرة الحادة.

وتضيف مجلة لونوفيل أوبسرفاتور أن ماكلير حدثها عن بداية ارتباطه بحركة النازيين الجدد في كندا، حيث التقى بعدد لا بأس به من العنصريين المقتنعين بتفوق البيض، والذين كانوا ينحدرون من أوساط اجتماعية تعاني من مشكلات.

بالمقابل، كان القيادي السابق قادما من وسط اجتماعي ليبرالي إلى حد ما، فقد كان أبوه طبيبا وظروفه المادية جيدة، إلا أنه تعرض للعقوبات في البيت وفي المدرسة، وأُرسل إلى القسم الداخلي، مما جعله يعايش الأشرار وحليقي الرؤوس، ويضيف أنه في الأخير شعر وكأنه وجد أسرة ثانية، ولم يعد يشعر بالضعف.

وعند سؤاله عن أيديولوجية حركة المقاومة الآرية البيضاء، قال ماكلير إن الأمر بدأ بعيدا عن عالم السياسة، وكان مجرد تصريف لمشاعر القوة والعنف عندما كان في سن الخامس عشرة، ولكن الأيديولوجية أتت تدريجيا، أولا كشعارات مثل “كندا أولا” والمواقف المناهضة للمهاجرين، ثم تتجه قليلا نحو النازية الجديدة.

ويوضح المتحدث نفسه أنه كلما زادت حدة التطرف، كان الأمر أكثر إثارة بالنسبة لأعضاء حركة النازيين الجدد، مشيرا إلى أنهم بدؤوا بتنظيم اجتماعات لمحاربة الهجرة، وأنه لم يكن يتخيل أنه سيغادر هذه المجموعة، إذ أصبحت هويته متمثلة في شكل الملابس ووضع الوشم والصليب المعقوف.

ترك العائلة
ويوضح ماكلير أنه لم يسبق له أن تعرض لأفكار أخرى، خاصة وأنه انفصل عن عائلته، ولم يعرف سوى النازيين الجدد والفاشيين، وهم أصحاب فكرة “تفوق العرق الأبيض”، ويضيف أنه وجماعته كانوا يرون أنفسهم ثوريي العرق الأبيض.

الحركة والعنف
ويضيف القيادي السابق في حركة المقاومة الآرية البيضاء أنهم كانوا يبحثون عن العنف في الشارع، وخاصة عندما كانوا يتجولون مساء السبت مع شارات ورموز تبرز انتماءهم، ويشير إلى أن معاركهم كانت في كثير من الأحيان مع جميع من لا ينسجمون مع برنامجهم من المواطنين البيض.

وقد كان أعضاء جماعة النازيين الجدد يقتنون أسلحة وذخيرة، ويخضع الكثير منهم لتدريبات عسكرية.

ويضيف ماكلير أن إدارته لشبكة من القوميين البيض أدت إلى استدعائه من جانب لجنة حقوق الإنسان في كندا، مشيرا إلى أن عمل شبكته كان يركز على الخط الهاتفي الذي يربط مجتمع النازيين، وقد كان يتلقون في بعض الأحيان 300 مكالمة في اليوم.

ويوضح القيادي السابق التائب أنه يعرف جيدا كيفية تجنيد الشباب عبر الشبكة التي كان يترأسها، إذ يحدد بسرعة أولئك الذين لديهم القدرة على العنف والذين يبحثون عن الصداقة، فيتم اقتراح بعض الأشياء على الفئة الثانية بغرض الاستقطاب من قبيل الدعوة لحضور حفل موسيقي.

تطليق الكراهية
ويقول ماكلير إن طفليه في النهاية هما من أخرجاه من عالم النازية الجديدة، وذلك عندما انفصل عن زوجته التي تعرف عليها وسط هذه الفوضى، وليجد نفسه وحيدا مع طفليه (أحدهما عمره سنتان والآخر أربع سنوات) كانا يحتاجان إلى الرعاية التي لم يحصل عليها والدهما من أبيه في مرحلة الطفولة ليقرر أن يخالفه في السلوك، فجعله طفلاها يتعلم فضيلة الشعور بالعطف والرأفة.

ويخلص ماكلير إلى أن الإرهابيين الذين نفذوا هجمات في باريس وبروكسل في السنوات الماضية هم الشباب الضائع نفسه المتمثل في المتطرفين البيض، والذين يرغبون في سلوك طريق العنف، لأنهم يعتقدون بأنهم سيتحولون من كونهم “أصفارا” إلى “أبطال” في مجتمعاتهم.

المصدر : لونوفيل أوبسيرفيتور

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،