بربك قل لي كيف تلهو وتلعبُ … وجُرحُ حِمانا غائرٌ ليس ينضُبُ
أتهنأُ حَقاً والحصونُ تهدمتْ … وصار غُرابُ الخِزيِ فوقك يَنْعبُ
وساغَ لك الأكل الشهي وأُسُنا … يُهزُ بِزلزال العدو ويُقلبُ
تبيتُ هنيء البالِ غيرَ مُرَوعٍ … وتغدو فسيح النفس تشدو وتَطْرَبُ
وهذي يهود المكر باتتْ لِسُحقنا … تُعِدُ قُواها خلفنا وتهِّبُ
إذا لاح وجه الصبح تطفئ نوره … غيوم تغطي الأفق عنا وتحجب
فثارت شجون الكون قبل شجوننا … ودق فؤاد الأرض للذل يغضب
وسالت دموع القهر والليل ساكن … وناحت طيور البحر والبحر يصخب
ودمدمت الصحراء والريح لافح … يدوي بأقطاب النخيل ويضرب
وصاحت دماء في العروق من الأسى … وقد مزق الأطفال ناب ومخلب
ورددت البطحاء رجع صياحها … فخر له شرق طعين ومغرب
فكيف إذن تهوى الحياة وظلها … وتأكل فيها ما اشتهيت وتشرب
وهذي أحابيل الأعادي كثيرة … تقام لنا حتفا رهيبا وتنصب
تداعى بناء المجد بعد حضارة … أغار عليها الذئب والذئب ينهب
وصرنا لذل لم نعش قبل مثله … فكيف يطيب العيش بعد ويعذب
وكيف أناجي في الليالي أمانيا … لدنيا فناء عزها اليوم يسلب
أفق فالدجى ولى مع الأمسِ مدبراً … ولاح نهار الجد والجد أصعبُ
وودع فراش النوم وانفض خموله … ودنيا ظلال الذل فالموت يقربُ
وخض بفؤاد الصبر عاصفة الردى … فخوض دواهيها أعز وأصلبُ
أفق من سباتٍ مل ذا الكون طوله … فحولك آلاف المذابح تندبُ
فيا ضائعا فى التيه من غير مقصدٍ … تعلق بركبِ النور فالتيه مرعبُ
فقد ضل من سارت خطاه بلا هدى … وليس له بين الخلائق مأربُ