قولوا قولا سديدا

من تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله

سبق أن تكلمنا عن معنى التقوى، وهى أن تجعل بينك وبين الله وقاية، فالحق سبحانه له صفاتُ جمالٍ، وصفات جلال: صفات الجمال الفضل والرأفة والمغفرة والغِنَى والنفع.. إلخ وصفات الجلال: الجبار المنتقم ذو البطش.. إلخ فالتقوى أنْ تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية تقيك منها لأنك لستَ مطيقاً لبطش الله وانتقامه.

ومع ذلك يقول أحد العارفين: احرص على معيتك مع الله، نعم لأنك حين تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية تقترب من صفات الجمال.

أما إذا اشتبه عليك قوله تعالى:

{ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ.. }

[المائدة: 112] وقوله تعالى:

{ وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ.. }

[آل عمران: 131] فاعلم أن النار جند من جنود غضب الله، فمن يتقي اللهَ يتقي النارَ، فلا تعارضَ إذن.

ومعنى: { وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } [الأحزاب: 70] أي: قولاً صادقاً يُوصل للحق، وكلمة سديد من سداد السهم، حين يصيب هدفه ولا يُخْطئه.

ومن القول السديد، لِين الكلام ولطفه، في مخاطبة الأنام، والقول المتضمن للنصح والإشارة، بما هو الأصلح‏.

من علامات فضل الإنسان و صلاحه: صلاحُ قوله و فعله و من لم يعتنِ بما يقول و يعاتب نفسه على زلات لسانه فهو ناقص الدين و العقل و التجربة.

وهدفك أن تنعم بذات الله في الآخرة، وأنْ تنفض الأسباب التي في الدنيا، وتعيش مع المسبِّب سبحانه.

فأنت في الدنيا حين تريد أن تأكل مثلاً انظر إلى الطعام الذي أُعِدَّ لك، كم أخذ من وقت وإمكانات وأموال.. إلخ، أما في الآخرة، فمجرد أنْ يخطر الشيء على بالك تجده بين يديك، إذن: هذه معية يجب أنْ تحرص عليها كلَّ الحرص.

ثم يذكر لنا الحق سبحانه نتيجة القول السديد { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب: 71] أي: في الآخرة، ووصف الفوز بأنه عظيم؛ لأنك في الدنيا تأخذ عطاء الله بأسباب الله، أما في الآخرة فتأخذ عطاء الله من ذات الله، وليس هناك أعظم من هذا.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.