في زمن الغربة ما العمل؟

أنا أقول لكم هذه الكلمة: “بدأ الدين غريباً وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء”

الآن لا يؤثِّر في أخيك، ولا في جارك، ولا في زميلك، ولا في صديقك، ولا في أي إنسان تلتقي به, لا يؤثِّر فيه دقة الفكرة ولا دليلها، بل يؤثِّر فيه الموقف الإسلامي؛ أن تكون صادقاً، أن تكون منضبطاً، أن تكون عفيفاً، أن تكون سَخياً، أن تضع المادة تحت قدمك من أجل مبدئك، أن تكون عند وعدك، عند ما تقول، فإذا كان هذا هو الطريق الوحيد لنشر الدين في الأوساط، فأن يكون الطريق الوحيد لتلقين أولادك: فمبادئ الإسلام وقيمه وآدابه من باب أولى, لذلك قبل أن تقول لأولادك: عُدَّ للألف وللمليون, هل أنت في مستوى هذا القول؟ إن دعوتهم إلى الصدق فهل أنت صادق؟ إن دعوتهم إلى أن يفعلوا كذا وكذا فهل تسبقهم أنت إلى فعل كذا وكذا؟ هذه الازدواجيَّة في شخصية الإنسان هي الطامَّة الكبرى في هذا العصر, هناك شرخٌ كبير بين ما تعتقده، وبين ما تؤمن به، وبين ما تدعو إليه، وبين ما تمارسه في حياتك اليوميَّة، هذا الشرخ الكبير، هذه الهوة الكبيرة, فصلت الإسلام عن الحياة .

ما تسمعه في المسجد، ما تسمعه من خطيب المسجد, كلامٌ طيب مائة في المائة، ولكن ما تراه في الحياة اليوميَّة شيءٌ آخر مختلفٌ كل الاختلاف، لذلك الكلمة الفصل، والكلمة الصادقة:
إذا أردت أن تربي أبناءك على أي شيء, لا تنتظر أن يكونوا كما تريد, إن لم تكن أنت كما يريد الإسلام، إذا كنت أنت عاجزاً عن أن تكون صادقاً, فأولادك أعجز عن الصدق منك، إذا كنت أنت عاجزاً عن أن تضبط شهواتك، يكفي أن يراك ابنك تستقبل امرأةً لا تحلُّ لك؛ قريبة أو صديقة، أو، أو ….، ويكفي أن ينظر إليك, وأنت تدير معها حديثاً لطيفاً, وأنت تملأ عينيك منها، أي كلامٍ تقوله لابنك عن غض البصر، وعن العفَّة، وعن كلامٌ لا قيمة له إطلاقاً، يجب أن يرى الابن من أبيه الصدق، العفَّة.

من هنا قال عليه الصلاة والسلام:
((الإسلام عفيفٌ عن المحارم، الإسلام عفيفٌ عن المطامع))

إذا أردنا أن نوسِّع الدائرة فهذا ممكن, دعونا من تربية الأبناء ووسِّعوا الدائرة إلى الدعوة إلى الله، لن تستطيع أن تؤثِّر في إنسان كائناً من كان, إن رأى هذا الإنسان مسافةً بين أقوالك وأفعالك، الكلام سهل، لذلك قال بعض الأدباء:
إن أكثر الناس يستطيعون الحديث عن المُثُل العُليا، ولكنهم لا يستطيعون أن يعيشوها.
أي لك أن تقول: هذه حقوق الأم, ولكن البطولة أن تعرف هذه الحقوق وأنت متزوِّج، حينما تصطدم أمك مع زوجتك، تقف مع من؟ تقف مع مبدئك أم مع شهوتك؟ تقف مع مصلحتك العاجلة أم مع مصلحتك الآجلة؟

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".