فمن تصهين فقد تدعشن

بقلم الشيخ سفيان ابو زيد

بين الصهينة والدعشنة
من تصهين فقد تدعشن

كلا الكيانين بني على الإجرام والافتعال وفي أقبية المخابرات، مع الإنعاش بالتطرف الديني الماحق والحارق لكل وجود، الدائس على كل القيم والأعراف، الذي يعتقد اعتقاد ( أنا أو لا أحد )
فإذا قارنا بين الكيانين فسنجد تشابها تاما بينهما، وزيادة تميز عند الكيان الصهيوني..

كلاهما بني على ظلم

فالداعشية جاءت لتفرض حكما بالقوة دون إشارة أو استشارة، او تعددية ما عليك إلا أن تطيع وتسلم أو السيف يحز رقبتك، فلا حرية ولا إقناع ولا حكمة ولا تفاهم فالكل مهدر إلا أجسادهم وأنفاسهم وأرواحهم فهي الطاهرة المقدسة، اعتداء وظلم وطحن لكل من يقف في الطريق غير موال ومبايع لحاكم الزمان والناطق باسم الله..

والصهيونية جاءت لوضع دولة نشاز، وإزاحة دولة قائمة ظلما وعدوانا، بالقوة والصلف، والابتزاز والقهر والحصار والتهجير والقتل وكل صنوف الإجرام، لا تجد لونا من الوان الإجرام التي يستقبحها العقل ويشمئز منها العرف ويحرمها الشرع ويجرمها القانون، إلا وجدت هذا الكيان إماما وزعيما فيها ومدبرا لها، وقائما عليها وله تاريخ حافل بها، فالظلم عنوانه وأساسه وكيانه ونفسه الذي يستنشقه، لا يأخذك في ذلك شك ولا ريبة، وإن حاول تغطية ذلك بمزق من الاستجداء العاطفي والأعذار الواهية، إلا أن عوراته النجسة تتراءى بادية غير خافية، يراها كل حر عادل منصف، وتتعامى أمام كل جاهل أو متجاهل أو متآمر..

كلاهما بني على تطرف:

فالداعشية علامة التطرف ووسمه وصفته فهي تطرف في كل شيء، تطرف فكري وعلمي وعملي ومعاملاتي وتصوري، فلا تفتح بابا إلا ووجدتها فيه متطرفة، ولا ترى منها حركة إلا ورأيت منها تطرفا، فهي تطرف في تطرف، وقد تجاوزت كل التطرفات السابقة، بل جمعت بينهما وأغرقت في مستنقعات التطرف..وهذا واضح جلي لكل منصف..

والصهيونية أصل التطرف ومنبعه، فأي تطرف أشنع وأبشع من أن تدوس على كل القيم والتعاليم الدينية المتفق عليها بين جميع الديانات، وتدوس على جميع المواثيق والقرارات لتصل إلى إقامة كيان خصب على أنقاض أصحاب الأرض والحق..
أي تطرف أبشع من أن تصف الاحتلال سلاما
أي تطرف أشبع من أن تصف الكفالة تطبيعا
أي تطرف أبشع من أن تصف الدمار والخراب والاعتداء دفاعا عن النفس
وهلم جرا من سلسلة التطرفات الوقحة السامجة الدنيئة التي يشمئز منها كل ذي فطرة سوية..

كلاهما بني على إقصاء:

فالداعشية تقصي كل فكر وتعتبره كفرا، فلا فكر إلا فكرها ولا اجتهاد – إن كان هناك اجتهاد – إلا اجتهادها، ولا حكم إلا حكمها ولا رأي إلا رأيها، فالكل في السفح وعلى الاعتاب، والقمة للناطق باسم الله، والكل مستمع مطيع موال وملب فلا صوت إلا صوتها ولا قرار إلا قرارها..

والصهيونية قامت على الإقصاء، فلا فلسطين بعد اليوم، ولا ونسبة لها ولا ذكر لتاريخها، ولا حضور لعاداتها وأعرافها، فإن أردت العيش على تلك الأرض فسبح بحمد الصهيونية والبس لباسها، وارض بحكمها، واسلك مسالك خيانتها، وأنزع عنك كل ما له صلة بفلسطينيتك وقدسك وأقصاك، وإلا فلا حق لك في العيش وما لك إلا الإبعاد أو الحصار أو الدمار، وأنس أنك صاحب الأرض والقرار، فكل ذكرياتك وتاريخك وهم في وهم..فهل رأيت على وجه الأرض إقصاء وعنصرية أشنع وأخبث وأوقح من هذه!!

كلاهما بني على عمالة وخيانة:

فقيادة الداعشية ومحركاتها شكلت وأنتجت في أقبية المخابرات الغربية والشرقية لإعطاء الشرعية لاستمرار التواجد الغربي في المنطقة، ولتشويه صورة الإسلام حتى يفر منه أهله قبل غيرهم، وكلما دعت الحاجة إلى هاتين الغايتين تم إقحام لوثة الداعشية، أو تم إحياء خليتها، فلن يتم القضاء عليها بالكلية مهما كان الأمر، لأنها ورقة فاعلة ناجحة قمة في الخيانة والعمالة..

أما التاريخ الخياني وعمالي للصهيونية فحدث ولا حرج، عن محطاته ومساراته ومراحله، فالصهيونية والعمالة والخيانة أوجه لعملة واحدة، بل إنها تحتل الصدارة في زمننا الحاضر في هذا القبح، فخيانة العهود والعقود والمواثيق هم سدنته، – يا من يهرولون إلا التطبيع والاتفاق معهم!- والعمالة بشتى صنوفها، ابتداء بالتجسس وانتهاء بالاغتيال والقتل والدعارة واستعمال المرأة هم أساتذته بامتياز، أما الكذب والنفاق وقلب الحقائق ونشر الفساد والإفساد وتكوين العملاء والتعامل مع الخونة ذاك منهجهم وديدنهم، ومن أراد أن يطلع على جزء من هذا الخبث، فليفتح أي صفحة من موسوعة المسيري رحمه الله فسيجد عجبا عجابا..

كلاهما بني على دين محرف:

الداعشية حرفت نصوص الوحي ولوت أعناقها، وألغت كلام العلماء الراسخين، ونسفت تراثنا فقهي، وأعملت أوهام حدثاء الأحلام والأسنان في تمزيق وتفتيت صرح الدين الذي أقامه ويقيمه الراسخون الربانيون، فدمرت وقتلت ومزقت وأحرقت واغتالت واعتقلت وذبحت وشردت كل ذلك باسم الدين وحكم الدين وتحت راية الدين..

أما الصهاينة فقد ورثوا التحريف صاغرا عن صاغر، وتغذوا عليه ورضعوه في الأثداء، وتعلموه في كتبهم ومدارسهم وجامعاتهم، فهم قتلة الأنبياء وأساتذة التحريف الديني، وهم لم يقترصوا على لي عنق النص أو تحريف فهمه وتطبيقه، بل طمسوه من اصله، وقتلوا مبلغه وتجرؤوا على كلام رب العزة بكل وقاحة وحرفوا الكلم عن مواضعه، فكونوا بذلك متدينا محرفا مقيتا بغيضا حاقدا لئيما معتديا كذابا افاكا قتالا، لا يرى العيش إلا لنفسه فهم شعب الله المختار، ولا يرى الحكم إلا له فاليهودية أصل الدولة وأساسها، ولا يرى الوجود إلا له، لذلك جاؤوا متعطشين للدماء والقتل والحرق والإبعاد والتدمير والخراب والدوس على البراءة والطفولة والأنوثة دون توقف أو تردد رافعين لواء الدين ومتسترين خلف مسوح السماء، مؤصلين ذلك من الوحي مدنسين بذلك كل مقدس..

إلا أن تميز الكيان الصهيوني عن الكيان الداعشي أن الأول وجد في البيئة اليهودية اعوانا كثرا فأغلب اليهود صهاينة داعون إلى الصهيونية مدافعون عنها داعمون لها، وهذه حقيقة معروفة واضحة جلية، يستثنى منها ثلة من اليهود الأحرار الذي بقوا على الملة والفطرة التي دعا لها النبي الوجيه موسى عليه السلام وباقي انبياء بني إسرائيل..
أما الداعشية فقد بقيت نشازا وستبقى رغم محاولة ترسيخها والترويج لها بطريقة أو بأخرى، واستقطاب العلماء والشباب لها، وفسح الطريق امامهم وإغراءهم، إلا أنها بقيت شذوذا وتطرفا تشمئز منه نفس المسلم النقي الطاهر الذي بقي على فطرته وفهم دينه حق فهمه..

فهل هناك فرق بين الصهينة والدعشنة، والصهيونية والداعشية، إلا تزاويق يراد أن تنطلي على من لم يعمل فكره ونظره، ولم يقرأ الحدث والتاريخ قراءة فاحصة تأملية..
فمن رجا خيرا من الصهيونية فليرجه من الداعشية، ولا خير!!
ومن طبع من الصهيونية فليطبع مع الداعشية!!
فكلاهما للإجرام والخيانة والسحق والمحق عملة واحدة..

فمن تصهين فقد تدعشن

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.