فلنحيينه حياة طيبة

المصدر صيد الفوائد

{فلنحيينه حياة طيبة}

إنَّ الذي يَعْلَمُ ما يُسعِدُ الإنسانَ ويُفرِحُ قلبَه هو الذي أوجده وصنعه وهو الله جل وعلا، فالله تعالى وليس غيره أعلم بحال الإنسان من الإنسان، فلا سبيل للإنسان الباحث عن السعادة والعيش الطيب إلا بمعرفة السبيل إلى ذلك عن طريق خالقه وفاطره سبحانه وتعالى.

فإلى ماذا دلَّنا الله تعالى – وهو أعلم بنا منَّا – لكي تتحقق الحياة السعيدة الهانئة ؟

معادلةٌ ربانيةٌ يسيرةٌ إنْ حقَّقها العبد تحقَّقتْ له الحياة الطيبة، هذه المعادلة هي وَعْدُه عزَّ وجلَّ بالحياة الطيبة لمن عمل صالحاً وهو مؤمن، قال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة النحل / الآية 97، فالآية الكريمة ذكرتْ طرفي المعادلة، الطرف الأول: العمل الصالح والإيمان ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ )، والطرف الثاني: الحياة الطيبة في الدنيا بالإضافة إلى الجزاء الأخروي ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )، فالطرف الأول شرط لتحقق الطرف الثاني، يقول ابن القيم في المدارج: ” وقد جعل اللهُ الحياةَ الطيبةَ لأهل معرفته ومحبته وعبادته، فقال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )، وقد فُسِّرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضى والرزق الحسن وغير ذلك، والصواب أنها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة “.

وقد ساق ابن كثير في تفسيره الأقوالَ الواردةَ في الحياة الطيبة، فقال: ” والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب.

وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه فسرها بالقناعة. وكذا قال ابن عباس، وعِكْرِمة، ووهب بن منبه. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنها السعادة.
وقال الحسن، ومجاهد، وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة.
وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضا: هي العمل بالطاعة والانشراح بها.
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله “.
وقال الشنقيطي في الأضواء في سياق تعليقه على الآية: ” وفي الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بالحياة الطيبة في الآية حياته في الدنيا حياة طيبة، وتلك القرينة هي أننا لو قدرنا أن المراد بالحياة الطيبة حياته في الجنة في قوله: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} صار قوله: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} تكراراً معه، لأن تلك الحياة الطيبة هي أجر عملهم، بخلاف ما لو قدرنا أنها في الحياة الدنيا؛ فإنه يصير المعنى: فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة، ولنجزينه في الآخرة بأحسن ما كان يعمل، وهو واضح “.

قال ابن القيم: ‏(لايزال المرء يعاني الطاعه حتى يألفها ويحبها، فيقيض الله له ملائكه… تؤزه اليها ازا ، توقظه من نومه اليها ومن مجلسه اليها. ‏كلما ازداد العبد قرباً من الله اذاقه من اللذه والحلاوة مايجد طعمها، في يقظته ومنامه وطعامه، حتى يتحقق ما وعده الله به).

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *