فايننشال تايمز: اتفاق التطبيع الإماراتي يفتح شهية الشركات الإسرائيلية للاستثمار في الخليج

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده مراسلوها في تل أبيب ودبي ولندن، قالوا فيه إن رجال الأعمال الإسرائيليين يأملون بفتح فصل جديد في التجارة مع الإمارات العربية بعد الإتفاق “التاريخي”.

وأشار التقرير إلى أن رجال الأعمال الإسرائيليين الذين كانوا يحاولون منذ عقد البحث عن فرص تجارية في الإمارات الغنية بالنفط، يركبون طائرة خاصة من تل أبيب تنطلق إلى شرم الشيخ على البحر الأحمر التي تبعد خمس دقائق فيما توصف بـ”وقفة دبلوماسية” حيث يتم محو كل الإشارات عن رحلتها الأولى من إسرائيل وتكون جاهزة للسفر إلى الإمارات.

وفي الأشهر الأخيرة ومع زيادة زخم الاتصالات السرية، سمح الإماراتيون بتجنب هذه الوقفة، حيث تدور الطائرة في حلقة سريعة ثم تتجه نحو الشرق إلى السعودية ومن ثم إلى أبو ظبي ودبي.

وقال أحد المسافرين الذي زار الإمارات هذا العام لكي يروج لبرمجيات تجسس: “أول مرة حدث فيها احتفلوا بشرب الشمبانيا”.

وفي رحلة اليوم الإثنين سيتم التخلي عن أي مظهر للخداع، حيث ستنطلق طائرة العال، التي تنقل مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شابات بالإضافة لصهر ومستشار الرئيس الأمريكي، جارد كوشنر. وهي أول رحلة تجارية تنطلق من تل أبيب مباشرة إلى أبو ظبي. ورغم الضجيج الذي يرافق هذه النافذة التاريخية بين البلدين إلا أن المسؤولين يشكون في أن تؤدي الرحلة لإعلانات كبيرة.

وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير “شوية شوية” مضيفا: “لم يرفعوا الهاتف منذ 1971 (أي تاريخ إنشاء الإمارات) دعنا نتعلم المشي ثم نتعانق ونرقص”.

وهناك تاريخ طويل من الشك الذي يرافق الطبيعة المتقلبة للتحالفات في الشرق الأوسط، وقد تكون المصاعب العملية عقبة أمام ازدهار العلاقات التجارية والأمنية والسياحية والتي تحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ونقلت الصحيفة عن وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش قوله: “هناك عمل كثير. وأعلنت عن بدء علاقة ولكن ليس هناك على الأرض ولا ممارسات سابقة ولا قنصلية. وعليك أن تقوم بأمور عادية مهمة لأي علاقة”. و”نتطلع لعمل المزيد من العمل وهي عملية”.

وفي الوقت الذي يشعر فيه صناع الأسلحة والمؤثرين في صناعة التجسس الإلكتروني يشعرون بالنشوة من منظور انفتاح سوق كبير لهم في الإمارات ودول الخليج بعامة، أكد قرقاش أن اهتمامات الإمارات معروفة وهي الزراعة التي تعتبر إسرائيل متقدمة فيها، بالإضافة إلى التكنولوجيا الطبية. وتأمل الإمارات التي تملك أكبر صندوق سيادي، بخلق مراكز تقنيات زراعية وتكنولوجيا، وهي مجالات تعتبر فيها إسرائيل متقدمة على مستوى العالم.

وقال وسيط إسرائيلي إن أنجح ما قام به هو المشاركة في طرح عطاء لمزرعة تدار على الطاقة الشمسية ووحدة تحلية مياه. وقال: “أنظر كل واحد وأمه يبيعون إلى الخليج منذ سنين، أو على الاقل يحاولون… إنه سوق معقد جدا وتقضي سنوات طويلة وأنت تبني علاقات وربما حصلت صفقة بيع في النهاية”.

وحتى قبل الاتفاق، قام الأثرياء الخليجيون بوضع ثرواتهم- من خلال الشركات القانونية في تل أبيب واستثمروا في قطاع الشركات التكنولوجية الناشئة وبمجالات الإعلام والأمن والتكنولوجيا وتكنولوجيا المال. ولا توجد هناك أرقام عن حجم التجارة، وربما وصلت حسب معهد توني بلير للتغيير في الشرق الأوسط إلى مليار دولار عام 2019.

وكل الاستثمارات هذه تمت عبر فروع في أوروبا أو أماكن أخرى. وهذه الأرقام لا تشمل مئات الملايين من الدولارات التي حصلت عليها شركات الصناعة التجسسية الإسرائيلية من عقود سنوية مع دول الخليج مثل السعودية والإمارات والبحرين، وهي ثلاث دول متعاونة مع إسرائيل ضد إيران.

ويأمل المستثمرون الخليجيون الدخول في مغامرات مع شركات إسرائيلية في هذه المجالات كما يقول غيل فيلر، مدير الشرق الأوسط في بنك جورجيا. فالزراعة المائية (هيدروفونيك) والتي تسمح بزراعة أي خضروات وفواكه بالنمو في الصحراء تعتبر محل اهتمام كما يقول. وأضاف أن الشركات السعودية مهتمة في نافذة تفتح للتجارة مع إسرائيل.

ووجهت دعوة إلى فيلر لزيارة السعودية ومناقشة فرص الاستثمار الإسرائيلية. وقال: “أرى أن هناك إمكانية لمضاعفة هذا في العام المقبل، العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة” و”لكن هناك وهم لدى الطرفين أن إسرائيل أصبح لها منفذ إلى اقتصاد عربي ضخم. ولكن لديها منفذ إلى اقتصاد العالم ودول مجلس التعاون الخليجي التي لن تنظر إلى كل منتج إسرائيلي”.

وظهرت التعقيدات النابعة من السياسة المحلية الإسرائيلية والمصالح الأمنية الإماراتية، من تصريحات نتنياهو المثيرة للجدل حول عدم موافقة إسرائيل على بيع مقاتلات إف-35 للإمارات. وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن الإمارات ألغت لقاء ثلاثيا بينها وإسرائيل وأمريكا بسبب تصريحات نتنياهو وإنكاره. ولكن تاريخ الشرق الأوسط يحوم حول العلاقات التجارية مع العالم العربي. فبعد اتفاقية أوسلو افتتحت ممثليات تجارية إسرائيلية في عدد من الدول العربية لتغلق بسبب الانتفاضة الثانية.

وقال مستثمر مصرفي في دبي إن الحماس الحالي يشبه ذلك الذي رافق توقيع الاتفاقية النووية مع إيران 2015، حيث زاد منظور تحول دبي إلى مركز استثماري للجمهورية الإسلامية، ولم يحدث هذا، ثم ألغى ترامب الاتفاقية عام 2018. وقال: “أشعر مرة أخرى بمثل تلك الفترة بعد الصفقة الإيرانية” و”ضيعنا وقتا طويلا في ذلك الوقت، لنرى ماذا سيحدث”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".