فاتبع قرآنه

منقول من صفحة Kefah Kamel Abuhannoud (الدكتورة كفاح أبوهنود‎)

تنطفئ التلاوة بنا منذ أن انشغلنا بحركة الحناجر، وظلّ القُرّاء يدورون في فلك الحرف؛ حيث مات صوت المعاني، وبقي صوت الهمس والجهر دون إعلان للرسائل الّتي ثقلت الكلمات بها !
قل لي بربّك:
من يسمع القرآن اليوم في النوايا ؟!
من يسمع القرآن في الخلوة والخبايا ؟!
من يسمع القرآن في الخطوات وفي الحنايا ؟!
من يسمع القرآن اليوم سلوكا في حياتنا
ها نحن نكبر في التلاوة، ونعيش بحاضر منقوص من المعاني متسمّرين على أسوار الحروف المتقنة !
ليس في تلاوتنا أمكنة آمنة لجيل قد أرهقه هلع التِّيه !
تكاد تسقط أفواهنا من شدّة الإحسان في القراءة، وعلى الجهة الأخرى يكاد يسقط واقعنا من شدّة الاهتراء !
تتجلّى الكلمات في فم الجماهير، ونفقدها في ثيابهم وعيونهم، وفي ملامح الوجوه، وفي توقيع الحضور على منصّة التغيير !
يقتفي القادمون من بعدنا خطوَ التِّيه في أقدامنا، وتضيع البوصلة القرآنيّة؛ إذ بين إتقان الحرف وارتداء المعاني تاريخُ أمّة كانت تفقه ما معنى المدارسة !
كانت تقفه معنى: { وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } !
لذا كانوا: ( إذا تعلّموا عشر آيات لم يجاوزوهنّ إلى العشر الأخر حتّى يعلموا ما فيهنّ ..فكان الأمر كما وصفوا: ( نتعلّم القرآن والعمل به ) !

ثمّ ماذا ..؟؟
ثمّ كان ما تنبّأت به فراسة الإيمان ( وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء) !
لا يجاوز تراقيهم الّتي تتغنّى بالأحرف المقامة على أوتار الحناجر، وليس على أوتار الحياة !
يا الله ..!!
ويكأنّ السطور تنزف وجعا من ألم الهجر وفقد الراحلين إليها !
إذ ما أصعبَ الهجر لآبار المعاني القرآنيّة !

نحن ننسى أنّ الاستعمار كان يشجّع مراكز الحفظ ويقتل العلماء؛ إذ لا أثر للنص إذا فرغ من الفهم ؟!
ها نحن اليوم على خطى التوجيه نحتشد على القراءة وجمع القراءات، ونغيب عن تفعيل مدارس الفقه والتدبّر والتفسير !
فيبقى صوتنا متهدّمًا .. أو متهدّجًا .. أو مرتجفًا بين الأمم ..
ولن يستقيم إلّا إذا عدنا إلى: { فاتّبع قرآنه } !

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".