عوائق في طريق حرية الإنسان

يثير معنى العائق الشؤم والإزعاج عند سماعه، ويرغب الإنسان في التخلص منه ليصل إلى ما حال دون وصوله إليه، هكذا هي العوائق، وهذا هو شعور الإنسان تجاهها، خاصة إلى كان الهدف أو الغاية التي حالت دون الوصول إليها مرغوبة محبوبة، وهي (الحرية) وهذا ما سنتناوله في هذا المقال، قبل الخوض في قاعدة ( لا تكون عبدا حتى تكون حرا )
وذلك من خلال نقطتين مهمتين:

الأولى: حقيقة الحرية

وهي جامعة لمعنى الاستغناء عن الغير وكسر كل قيود المنع، ونبذ كل اشكال التحكم، والقيام بالنفس، والإرادة المطلقة والاختيار المطلق، والتفكير الحر، والحركة المطلقة.
فهذه هي الحرية بمعناها الشامل المطلق، التي يبحث عنها الإنسان بفطرته وغريزته، ويحلم بها ويميل إليها ويدافع عنها، ويتخيل حياته بها وفي ظلها، مستغن عن غيره، لا مانع له من شيء، ولا متحكم فيه، قائم بنفسه، يفعل ما يريد، ويختار ما يشاء، ويفكر بما يريد، ويتحرك كيف يشاء…
إلا أنه خلال هذا التخيل، وتلك الفضاءات الحرة التي يسرح فيها، يصطدم بأمور هي ما سنتحدث عنه في النقطة الثانية..

الثانية: نسبية الحرية:

يصطدم بمصلحته، التي هي مقدمة على حريته، فحريته مقصد، ولكنه مقصد يتوسل به إلى تحقيق مصلحته، سواء كانت مادية او معنوية، ففي كثير من الأحيان، وهو يعيش حريته، في فعله او تفكيره، تسير حريته عكس مصلحته، او في طريق غير طريقها، فيضطر، بمفرده أن يقيد حريته ليرجع إلى طريق مصلحته، أو يخالف طريق حريته ويعاكسه تماما ليعود إلى طريق مصلحته، كمن كان سائرا في طريق بكل حرية، فإذا بالطريق متجه إلى هاوية، فإن السائر الحر، يقف ويغير او يعكس طريقه، ويقطع سلسلة حريته إلى طريق امانه ومصلحته..

إلا ان هذه المصلحة قد لا يدركها مطلقا، او قد يتوهم ما هو غير مصلحة مصلحة أو قد تتزاحم لديه مصالح كثيرة فيعجز عن الترتيب، والتقديم والتأخير، وهذه كلها معوقات لطريق حريته، لذلك يحتاج لمن يبين له ما خفي عليه من مصالحه، أو حقيقة مصالحه، أو الترتيب الصحيح لمصالحه، هذا كله سيكون مصادما لطريق حريته..فيضطر للاستجابة لنداء المصالح، وتقديمه على نداء الحرية..

قد يصطدم بطرق حريات المخلوقات الأخرى، فمن علم بأن طريق حريته مثلا يتقاطع مع طريق حرية أسد مفترس، فمن البلاهة والحمق أن يستمر في طريق حريته، وهكذا تتشابك طرق الحريات، فيؤدي ذلك إلى فوضى ودمار وظلم واعتداء واستبداد واستغلال واختلال، لابد من تقييد كل ذلك بقانون ونظام، ياخذ كل واحد فيه نصيب عدل من حريته ومصلحته، دون تصادم او اعتداء، على حرية ومصالح الآخر، وعند حلول الإشكالات لابد من وضع حلول لها..
وهنا لابد من بعث روح التنازل والتفاضل والإيثار، والتغافل والتغافر، مع إقامة العدل، والقانون الذي يوازن بين المصلحة والحرية الفردية والجماعية..

يصطدم بحقيقته كإنسان، تتنازعه مصلحته وحريته، محدود الإدراك، فقير إلى موجد ومغن وقيوم، لا يفكر إلا إذا تعلم، ولا يتحرك إلا إذا قوي، لا يشبع رغباته إلا إذا بذل، يعيش في حياة لايدرك من مستقبلها شيئا إلا دراسات او تاملات، وهذا يكلفه بحثا وتنقيبا وتأملا، فمصلحته وعجزه وحاجته حتى في القيام بحريته تقف أمام حريته المطلقة، فهو ليس مطلق حتى تكون حريته مطلقة، لذلك كانت حريته نسبية وفق قانون ونظام..

ولوضع هذا القانون لابد من اعتبار ما ذكرناه سابقا، من عدم إدراك بعض المصالح، أو عدم إدراك حقائق المصالح، أو عدم إدراك الترتيب الصحيح لها، وهنا يحتاج الإنسان إلى منهج حكيم مطلع يعلم السر وأخفى، يراعي حرية الإنسان ومصلحته وحاضره ومستقبله ومعاده، ولن يجد ذلك قطعا إلا عند العليم الحكيم الخبير الرحيم سبحانه وتعالى..

فإن استطاع الإنسان بكامل قواه العقلية والروحية والشعورية، أن يعيش بدون هذه العوائق، وأن يتجاوزها ويتجاهلها ليسير في طريق حريته المطلقة والتي إطلاقها مشكوك فيه أيضا، ومدخول بنسبية واضحة، فليفعل!!

أما العوائق المفتعلة المعتدى بها على إنسانية الإنسان، المجتثة لمصلحته وحريته، القامعة لفكره ولفظه، الماصة لحقوقه، المذلة لإنسانيته، القالبة لفطرته، المخلة بتوازنه، وقد يكون ذلك أحيانا باسم الدين زورا وبهتانا، هي ما ينبغي على الإنسان أن يتطهر منه ويتجرد ما امكن، حتى يكون عبدا لله تعالى..

وهذا ما سنتناوله في مقال لاحق
لا تكون عبدا حتى تكون حرا

سفيان أبوزيد

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.