عندما يضرِب الأب الفلسطيني الأسير لتحرير ابنته

بشكل دقيق، تحفظ السيدة الفلسطينية منتهى الطويل تواريخ الاعتقالات والإفراجات والتمديدات التي تعرض لها زوجها الشيخ جمال الطويل، وكذلك ابنتها الأسيرة بشرى من قبل الاحتلال الإسرائيلي، رغم كثرتها وتفاصيلها، سواء بمداهمات لمنزلها في مدينة البيرة (وسط الضفة الغربية) أو على الحواجز العسكرية المختلفة.

جمال الطويل (59 عاما) الذي أمضى 16 عاما ونصف العام في سجون الاحتلال، في أكثر من 11 عملية اعتقال، معظمها في الاعتقال الإداري؛ بدأ في اعتقاله الأخير المحكوم إداريا فيه إضرابا عن الطعام منذ الثاني من يونيو/حزيران الجاري، مطالبا بإنهاء الاعتقال الإداري لابنته بشرى المعتقلة كذلك منذ 8 أشهر.

إضرابٌ بدل ابنته
كانت بشرى هددت بتنفيذ إضراب عن الطعام لإيقاف اعتقالها الإداري بلا تهمة، عندما تم تمديد اعتقالها مرة أخرى رغم أنها حُكمت إداريا في المرة الأولى بـ4 أشهر، ويبدو -كما تقول أمها منتهى- أن والدها جمال أراد أن يضرب بدل ابنته لتحقيق مطلبها حتى لا تتضرر صحيا ونفسيا من هذا الإضراب.

تعرضت بشرى (28 عاما) للاعتقال لأكثر من 40 شهرا، في 5 عمليات اعتقال بشكل متقطع؛ بدأتها وهي في 17 من عمرها، وحكم عليها بـ16 شهرا وقتها، وأفرج عنها بعد 5 أشهر في الدفعة الثانية من صفقة وفاء الأحرار (شاليط)” عام 2012، ولكن تم استكمال حكمها بعد أن أعاد الاحتلال اعتقال محرري الصفقة في الضفة الغربية عام 2014.

أكملت بشرى شهادة الدبلوم في الصحافة والإعلام من الكلية العصرية برام الله عام 2012، وعملت مع مؤسسات إعلامية بشكل حر، وكانت تغطي الأحداث المختلفة في فلسطين كما تقول والدتها. وفي أحد اعتقالاتها، اقتحم ضابط المخابرات منزل العائلة، وبرر هذا الاعتقال بأن “صوتها الصحفي العالي يجب أن يتوقف”، فكان رد والدها جمال “إذا كانت فتاة صغيرة تزعج هذه الدولة العظيمة فأنتم إلى زوال”.

رحلة طويلة من الاعتقالات لزوجها وابنتها عاشتها السيدة منتهى الطويل (أم عبد الله)، التي قالت للجزيرة نت إن بشرى ووالدها تزامن اعتقالهما أكثر من مرة، ولكنهما لم يلتقيا داخل السجن، وحتى إن وجودهما في المنزل بشكل متزامن خلال السنوات الأخيرة كان نادرا؛ لكون جمال لا يمكث كثيرا خارج السجن، ولكنها اعتادت الأمر منذ زواجهما عام 1987.

أما بالنسبة لابنتها بشرى، فقالت إن نشاطها صحفي بحت، وكانت تخرج لتغطية الأحداث، ولكن يبدو أن ذلك يزعج الاحتلال وجعلها عرضة للاعتقال الإداري أكثر من مرة ومن دون تهمة، واصفة إياه بأنه اعتقال مؤبد مفتوح؛ وهو اعتقال يبدأ بـ3 أشهر أو 6 أو 8، ويمدد سنين طويلة، وفقط تحت ذريعة الشبهة تم احتجاز مركبة العائلة، وسرقة أموال من منزلها، وانتهاك حقوقها الإنسانية البسيطة بالعيش بحرية وكرامة.

لا تتوقع أم عبد الله أي شيء جيد من الاحتلال بأن يرضخ لمطالب زوجها المضرب عن الطعام، والذي خسر 13 كيلوغراما من وزنه بعد 19 يوما من الإضراب. وتعيش اليوم الألم والتوتر خوفا على صحته؛ لأن معركة الأمعاء الخاوية هي السلاح الوحيد لهؤلاء الأسرى، ولكن تبعاته الصحية ستكون صعبة.

كما تعيش قلقا آخر خوفا من تمديد اعتقال ابنتها بشرى، التي ينتهي تمديد الحكم الإداري الثاني لها في السابع من يوليو/تموز القادم، مما يعني استمرار زوجها في الإضراب وبقاء ابنتها في السجن، في ظل تعنت متوقع من الاحتلال بعدم تحقيق مطالب زوجها.

مضربون آخرون
ويواصل الأسير الغضنفر أبو عطوان (28 عاما) من بلدة دورا في محافظة الخليل- إضرابه عن الطعام ضد الاعتقال الإداري 48 يوما، وما زالت إدارة سجون الاحتلال ترفض تحقيق مطلبه المتمثل في تحديد سقف لاعتقاله الإداري.

كما يواصل الشيخ خضر عدنان (43 عاما) من جنين إضرابه عن الطعام لليوم 23 على التوالي ضد الاعتقال الإداري، وهذا الإضراب السادس الذي يخوضه عدنان، الذي اعتقل 12 مرة، وأمضى 8 سنوات في سجون الاحتلال.

ويلجأ الأسرى الفلسطينيون للإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، رغم معرفتهم بالآثار الصحية السيئة، بوصفه خيارا لمواجهة اعتقالهم الإداري الذي يتمدد من دون تهم واضحة، أو لمطالبات حقوقية أخرى، مستخدمين سلاح أمعائهم الخاوية خيارا صعبا ضد قيود السجان المحتل.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.