على المستويين الجسدي والعقلي.. لماذا تنضج الفتيات مبكرا عن الأولاد؟

تميل الأنثى عموما إلى التطور بشكل مبكر، كما تبدأ تغيرات البلوغ الظهور في عمر بين 10 و12 عاما لدى الفتاة، في حين تظهر أعراض البلوغ عند الذكور بشكل عام بين سن 12و15 عاما.

وفي تقرير نشرته مجلة “بسيكلوخيا آي منتي” (psicologiaymente) الإسبانية، قال الكاتب أوسكار كاستيليرو إن الناس يعتادون دائما على سماع عبارة “إن المرأة تنضج قبل الرجل”.

ولا تبرز سرعة المرأة في النضج مقارنة بالرجل على المستوى الجسدي فحسب، بل تظهر أيضا على مستوى النضج العقلي.

فلماذا تنضج الفتيات في وقت أبكر من الأولاد؟

ما معنى النضج؟
لفهم الأسباب التي تجعل المرأة تنضج قبل الرجل، فمن الضروري تسليط الضوء على مفهوم النضج نفسه، ويشير مصطلح النضج إلى المرحلة التي يصل فيها الشخص إلى أقصى مستوى من التطور.

ويرتبط عادة النضج بشكل عام بالوقت والعمر. فعلى سبيل المثال، حين يقول معظم الناس إن أحد الأشخاص أكثر أو أقل نضجا من الآخرين، فإنهم يشيرون إلى سلوكه أو طريقة تصرفه أو ردة فعله تجاه بعض المواقف.

ويتميز الشخص الناضج بأنه قادر على إدارة الذات وتحمل مسؤولية أفعاله وتبني وجهات نظر مختلفة، كما أنه عادة يكون حاسما مع الآخرين ومع نفسه، وقادرا على التكيّف مع المواقف والاستجابة لمتطلبات الواقع.

ويصل الشخص إلى مرحلة النضج إلى حد كبير بفضل الخبرات التي يمتلكها خلال فترات تطوره، ويعتمد هذا التطور أساسا على الجوانب البيولوجية التي تسمح بذلك؛ لهذا فإن النضج يرتبط بمدى النمو العقلي للإنسان.

هل الخلايا العصبية متساوية عند الجنسين؟
يتمثل النظام العصبي للإنسان في مجموعة من العناصر ذات الأهمية الكبيرة لبقائنا على قيد الحياة منذ لحظة ولادتنا، وهذا النظام لا يكون ثابتا، وإنما يتطور، وتظهر هذه التغييرات التي تطرأ عليه في جميع مراحل تطورنا.

ويمتلك الإنسان عددا كبيرا من الخلايا العصبية عند الولادة، حيث تكون عادة مرتبطة ببعضها البعض بشكل ضعيف مع وجود عدد قليل نسبيا من المشابك العصبية. ومنذ لحظة الولادة وطوال فترة طفولتنا ينغمس دماغنا في عملية تكوين عصبي مستمر؛ مما يؤدي إلى مضاعفة عدد الخلايا العصبية وإنشاء الروابط بينها.

ويسمح لنا هذا الأمر بالحصول على إمكانات تعليمية وليونة دماغية أكبر بكثير مما كانت عليه في فترات أخرى من حياتنا، وفي هذه الفترة من التطور يمتلك كل من الرجال والنساء عددا متساويا من الخلايا العصبية، كما أنهم يُظهرون تطورا مشابها من حيث مستوى نضجهم.

ويعمل جسم الإنسان على تقوية المشابك العصبية الأكثر استخداما، وتقوية الاتصال بين المجموعات والألياف العصبية وفقا للطريقة التي يعيش بها الشخص والتجارب التي يخوضها وما يفكر فيه ويفعله.

علاوة على ذلك، تنضج المناطق المختلفة -مثل الفص الجبهي- وتتطور أكثر فأكثر، ولكن أثناء مرحلة التطور يأتي وقت يتوقف فيه تكوين الخلايا العصبية، وتموت أعداد كبيرة من هذه الخلايا.

التقليم العصبي
وبيّن الكاتب أن ما يسمى التقليم العصبي، أو التقليم المشبكي، عبارة عن عملية بيولوجية تحدث بشكل رئيسي خلال فترة المراهقة، عندما تتحلل وتموت نسبة كبيرة من الخلايا العصبية الموجودة في نظامنا العصبي.

ورغم أن حقيقة تحلل أو موت عدد كبير من الخلايا العصبية قد تبدو سلبية، فإنها تؤدي في الواقع وظيفة ذات أهمية كبيرة. وعلى وجه التحديد تفي هذه الخلايا العصبية بوظيفة تحسين أداء دماغنا من خلال القضاء على تلك الروابط التي لا نستخدمها عمليا، مما يسمح بمزيد من الكفاءة للعمليات العقلية المختلفة.

وبهذه الطريقة يتخلص دماغنا من تلك الاتصالات العصبية التي لا نستخدمها، أو التي تقدم معلومات زائدة عن الحاجة، إضافة إلى ذلك تتم إعادة تنظيم الدماغ، حيث تبقى الاتصالات الأكثر استخداما على قيد الحياة حتى تصبح معالجة المعلومات وتكاملها أكثر فاعلية، مما يؤدي إلى إنفاق موارد عقلية أقل، وبالتالي القدرة على استثمار ما لدينا بشكل أفضل.

في هذا التقليم العصبي، تم العثور على السبب الرئيسي الذي يجعل المرأة تُظهر عادة نضجا مبكرا مقارنة بالرجل.

وتظهر الأبحاث المختلفة أن عملية التقليم العصبي تبدأ في وقت مبكر عند النساء، مما يسمح لهن بتحسين شبكاتهن العصبية والوصول في الكثير من الحالات إلى مرحلة النضج العقلي.

الجوانب الهرمونية
كما أن للهرمونات دورا كبيرا في هذه العملية، لكننا -في المقابل- نلاحظ وجود الهرمونات الجنسية لدى الذكور خلال المراحل المبكرة من التطور، غير أنها تدخل في مرحلة ركود لاحقا حتى دخول سن البلوغ.

إضافة إلى ذلك تكون الدورة الهرمونية لدى الإناث -فضلا عن إفراز هرمون الأستروجين- مستقرة ومستمرة طوال فترة النمو.

تأثير البيئة
تشير الأبحاث المختلفة إلى أن المرأة تنضج قبل الرجل؛ لذلك فإن الأنثى تطور بعض القدرات المعرفية والعاطفية في وقت مبكر، خاصة خلال فترة المراهقة. وتجدر الإشارة إلى أن التوقعات الاجتماعية والأدوار التي يضطلع بها كلا الجنسين لها تأثير قوي على كيفية تصرفنا.

تقليديا، تسببت أدوار الجنسين في تعليم الرجال بطريقة تميل إلى تعزيز التنافسية والفردية، في حين تلقت النساء تعليما يركز على رعاية الآخرين وإدارة الذات والحفاظ على نفسها.

ولا يعني ذلك بالضرورة نضجا أكبر من جانب الجنس الأنثوي، لكنه يعني أنه رغم وجود هذا الاتجاه فإن من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن مستوى النضج يعتمد إلى حد كبير على الظروف التي نكبر فيها، والتحفيز الخارجي والتجارب التي نمر بها طوال حياتنا.

ويمكن القول إن البيئة التي تحفز النضج أو تلك التي تقوم بعكس ذلك يمكن أن تمكن كلا من الرجال والنساء من التعامل بشكل أكثر أو أقل فعالية مع المواقف، والوصول إلى درجات مختلفة من النضج في العمر نفسه.

المصدر : الصحافة الإسبانية

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".