من عجائب المخلوقات.. عناكب تنصب فخاخا من أوراق الشجر لاصطياد الضفادع

في فترة ما بعد الظهيرة بالأجواء الحارة شمال شرق مدغشقر، تبحث الضفادع عن أماكن ظليلة لتقي نفسها شر الجفاف الناجم عن ارتفاع حرارة الجو، وقد تكون برودة ظل ورقة شجر المكان المناسب لفترة راحة جذابة.

لكن بعض هذه الواحات الباردة قد تكون مصيدة، فقد تخفي تلك اللوحات حفنة من المهندسين المعماريين الماهرين الجائعين، على شاكلة العناكب الصيادة (Sparassidae) وهي فصيلة تتبع رتبة العناكب الحديثة، والتي تخيط أوراق النباتات باستخدام خيوط الحرير لتصنع ملاجئ وهمية باردة ومغرية لجذب الضفادع إلى هلاكها.

وأفاد باحثون -في دراسة نشرت بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي بدورية “أيكولوجي أند إيفولوشن” (Ecology and Evolution)- أن أحد هذه العناكب الصيادة قد شوهد يأكل ضفدعا داخل أحد هذه الجيوب الورقية. وأظهرت ملاحظاتهم الجديدة أن العناكب تربط جزئيا ورقتين معا باستخدام الحرير، مما يشير إلى أن العناكب تنسج هذه البنى الفريدة عمدا لجذب الضفادع وحبسها.

تفترس الفقاريات
من المعروف أن بعض العناكب تفترس الفقاريات الأكبر والأقوى مثل حيوان الأبوسوم وحتى الضفادع، إذا أتيحت لها الفرصة، وعندما يحدث ذلك، عادة ما يُنظر إلى العناكب على أنها فازت بالجائزة الكبرى.

لكن الباحثين يقولون إن عناكب الصيد، في المقابل، قد تستهدف الضفادع على وجه التحديد كفريسة، ومن خلال ربط الأوراق معا، تصنع العناكب موائل دقيقة باردة ومظلمة تكون مرغوبة في بيئة جافة وحارقة للكثير من الكائنات.

والعناكب هي أكثر المجموعات اللافقارية التي تفترس الفقاريات، ومع ذلك، فقد تم نشر عدد قليل من التقارير التي تحدثت عن أحداث افتراس البرمائيات من قبل اللافقاريات، ويقدم الباحثون في هذه الدراسة الجديدة التقرير الثاني عن افتراس العنكبوت للفقاريات من مدغشقر شرق أفريقيا.
وقد أبلغ الباحثون عن حالة افتراس واحدة لعنكبوت داماستس (Damastes) وهو جنس من العناكب الصيادة، أكل ضفدعا صغيرا، وحدث ذلك عامي 2017 و2018، عندما أجرى ثيو روزين فولجنس عالم الأحياء من جامعة أنتاناناريفو في مدغشقر وزملاؤه مسحا بيئيا بعد أن اكتشف دومينيك مارتن، من جامعة غوتنغن في ألمانيا، عنكبوتا صيادا كبيرا يأكل ضفدعا صغيرا في مدغشقر.

كان العنكبوت على شجرة صغيرة، بالقرب من زوج من الأوراق المتداخلة التي تم ربطها بحرير العنكبوت لإنشاء جيب، وظهر العنكبوت في مخبأه المورق، وسحب الضفدع للتغذي عليه.

وفي الدراسة الجديدة لاحظ الباحثون 3 أفراد من نفس نوع العنكبوت تجلس في خلوات مصنوعة من أوراق خضراء متصلة بجذع الشجرة. وتم نسج ورقتين من حرير العنكبوت في القمة، ويبدو أن الحواف في قاعدة الأوراق تمكن الفريسة من تسلق جذع الشجرة للدخول.

يقول فولجنس “في المرة الأولى التي اكتشفنا فيها هذه الظاهرة، كنا متحمسين للغاية”. العام التالي، أثناء إجراء مسوحات للزواحف والبرمائيات في نفس المنطقة تقريبا، وجدنا 3 عناكب أخرى مختبئة في ملاذات أوراق مماثلة، ولكن لم يتم رصد هذه العناكب بفريسة.
جدل شديد
أثارت هذه الدراسة الكثير من الجدل العلمي غير المسبوق، ويقول ستانو بيكار، عالم الأحياء السلوكية في جامعة ماساريك في برنو، جمهورية التشيك، والذي لم يشارك في البحث، لموقع مجلة “ساينس نيوز” (Science News) “يمكن لهذه العناكب ببساطة أن تختبئ، وتنصب الكمائن على الفرائس المارة، ولا تستخدم البنى الورقية كفخاخ”.

ويتفق معه خوسيه فالديز، عالم أحياء الصون في المركز الألماني لأبحاث التنوع البيولوجي التكاملي في لايبزيغ، الذي لم يشارك في الدراسة، ويقول “ما يجعلني أفكر بخلاف ذلك هو أن الباحثين لم يكتشفوا ذلك عدة مرات فقط، ولكن العنكبوت كان ينسج حواف الأوراق”.


جزء من سبب عدم اليقين هو أن العنكبوت الذي تم رصده وهو يأكل ضفدعا شوهد لأول مرة خارج جيب الأوراق حيث كان العنكبوت يلتهم فريسته. ويقول رودريغو ويليمارت، عالم الحيوان بجامعة ساو باولو، والذي لم يشارك أيضا في البحث “الملاحظات والتجارب التفصيلية فقط يمكنها تأكيد ما إذا كانت الأوراق مصيدة للضفادع”.

إذا كان الأمر كذلك، فإنه يمكن أن تكون هذه الأداة فريدة من نوعها بين العناكب، ويقول ويليمارت “لا أعرف أيا من الأوراق البحثية التي تحدثت عن الفخاخ التي بنتها العناكب خصيصا لالتقاط الفقاريات”.

المصدر : مواقع إلكترونية

شاهد أيضاً

ممرضتان تكشفان للجزيرة نت فظائع مذابح الاحتلال بمجمع الشفاء في غزة

وبعد انسحاب الجيش من المنطقة، تعود هبة إلى المكان، لتفقد مخلفات الفاجعة التي غيّرت حياتها إلى الأبد. وتسرد الشابة الفلسطينية قصتها للجزيرة نت وهي تشير بيدها "نحن الآن في الغرفة التي أعدموا فيها عائلتي، أمام عيني. باب الغرفة كان من هذا الاتجاه، كانت هنا الكومدينو والمرآة.. أهلي كانوا مباشرة أمامي هنا في هذا المكان، كلهم كانوا، هنا صار الحدث الذي قلب حياتي".