عقب ترحيل إيكويسن .. انتقادات لقرار محكمة فرنسية بسجن إمام مسجد جزائري

لم يهدأ الجدل في فرنسا بشأن ما اعتبر “استهدافا للمسلمين” من قبل السلطات، فبعد يوم من صدور قرار ترحيل الإمام المغربي حسن إيكويسن الثلاثاء الماضي، أصدرت محكمة قرارا بسجن إمام مسجد جزائري يدعى محمد تاتيات مع وقف التنفيذ، بسبب ما اعتبر تحريضا على العنف أو بثّ خطاب الكراهية العنصرية.

وبحسب ما نقلته صحف فرنسية، تقدم المحامي جان إغليسيس -المتابع لقضية تاتيات (59 عاما)- باستئناف الحكم أمام محكمة النقض، مؤكدا أن الحكم سيفتح الباب أمام ما وصفه بـ”شرطة الدين” لتنفيذ انتهاكات أخرى ضد المسلمين.

وقالت صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية (Le Parisien) الأربعاء إنه خلال جلسة 30 مايو/أيار الماضي طالب النائب العام بسجن تاتيات 6 أشهر مع وقف التنفيذ، مشيرة إلى أن محكمة الاستئناف في مدينة تولوز (جنوب غرب فرنسا) أصدرت حكما بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ.

ونقلت عن محام آخر يدعى ويليام بوردون، قوله إنه “قرار عقابي تماما، تمليه اعتبارات تتجاوز القانون الفرنسي”.

تفاعلات وتفاصيل
في المقابل، عبّر المحامي جاك صاموئيل من جمعية “بن غوريون” (داعمة لليهود في فرنسا) عن “رضاه” و”ارتياحه”، معتبرا أن المحكمة “أدركت بالفعل ازدواجية تصريحات تاتيات”.

من جهته، أصر المحامي سيمون كوهين عن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا على التذكير بالطبيعة “الخطيرة” لهذه التصريحات.

وتعود تفاصيل القضية إلى عام 2017، حين ألقى تاتيات خطبة في جامع الحي الشعبي إمبالوت بتولوز، انتقد فيها افتتاح قنصلية الولايات المتحدة في القدس المحتلة.

وفي دفاعها عنه، قالت هيئة دفاع تاتيات إنه لم يفعل شيئا سوى الاقتباس من نصوص دينه ولم يدل بخطاب من نفسه.

من جهته، وصف الناشط ومؤسس منصة إسلاموفوبيا، رفيق شقاط، ما حدث بأنه وصل حد السخافة بعد أن باتت السلطات الفرنسية تتبع الأئمة وتخرج خطبهم وحديثهم عن سياقاتها الدينية، أو حتى التاريخية.

وانتقد مغردون هذه الخطوة معتبرين أن فرنسا تضيّق الخناق على المسلمين أكثر فأكثر وتحد من حريتهم، خصوصا بعد طرد الإمام حسن إيكويسن، ومتابعة زميله تاتيات قضائيا بسبب حديث نبوي.

وغرد الكاتب الصحفي محمد سيفاوي المقرب من دوائر اليمين المتطرف في فرنسا، قائلا إنه كان من الأوائل الذين نددوا بالخطاب الذي ينتهجه تاتيات وحكم عليه مع وقف التنفيذ.

وعلق المستشار كريستوف ديشامب متهكما “وفي النهاية معاداة السامية ليست خطيرة جدا”، في رسالة غير مباشرة إلى أن الإمام تاتيات يستحق حكما مشددا أكثر من الحكم 4 أشهر مع وقف لتنفيذ.

ويوم الثلاثاء أعطى مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية فرنسية، الضوء الأخضر ليرحّل إلى المغرب حسن إيكويسن، بعد طلب وزير الداخلية الذي يأخذ عليه “تصريحاته المعادية للسامية”.

منهج ومتابعون
ويتمتع إيكويسن (58 عاما) بشخصية جذابة ساعدته في إقناع عشرات الآلاف من الشباب بمنهجه سواء في العالم الافتراضي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتابعونه على صفحته بموقع فيسبوك وقناته في اليوتيوب (150 ألف متابع) أو في العالم الحقيقي بين سكان الأحياء والضواحي.

ويرى إيكويسن أن “الإسلام هو الحل للتصدي لما يشهده العالم من زعزعة”، إذ إن “العالم يديره أناس لا دين لهم ولا قانون، وما يحدث في العالم يعود لغياب الإسلام”، كما يصّر إيكويسن على أن “الشريعة يجب أن توجه سلوك المؤمنين في جميع جوانب حياتهم الخاصة والعامة”.

وفي تصريحات سابقة، اعتبر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن قرار الترحيل يعود إلى كون إيكويسن “يتبنى منذ أعوام خطاب كراهية ضد قيم فرنسا، ويتنافى مع مبادئ العلمنة والمساواة بين الرجال والنساء”.

هروب واحتمالات
وكان محافظ منطقة أوت دو فرانس (شمال) كشف -أمس- عن هروب الإمام المغربي خارج البلاد.

وقال المحافظ فرانس جورجي فرانسوا -خلال ندوة صحفية- إنه من المحتمل أن يكون إيكويسن فرّ إلى إحدى الدول المجاورة بعد صدور قرار ترحيله من أعلى هيئة إدارية في فرنسا، وأغلب الظن أنه موجود على التراب البلجيكي، بحسب تعبيره.

وأضاف أنه إذا كان إيكويسن في بلد أجنبي فسيتم العمل مباشرة وفق القانون الدولي من أجل إلقاء القبض عليه ووضعه في الاعتقال الإداري بفرنسا.

وفي يناير/ كانون الأول الماضي، وافقت لجنة خاصة في الجمعية الوطنية الفرنسية -إحدى غرف البرلمان- على مشروع قانون مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية المثير للجدل والذي جرى التعريف به لأول مرة باسم مكافحة “الإسلام الانفصالي”.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في تغريدة عبر حسابه، أن “اللجنة اعتمدت مشروع القانون الذي يهدف إلى ترسيخ مبادئ الجمهورية” وبتأييد واسع.

مظاهرة سابقة ضد تصاعد خطاب الإسلاموفوييا في فرنسا (الفرنسية)
قانون ورقابة
ويواجه قانون “تعزيز احترام مبادئ قيم الجمهورية” -الذي صوتت عليه الجمعية الوطنية في فرنسا (البرلمان) في يوليو/تموز الماضي والذي أعدته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون- انتقادات من قبيل أنه يستهدف المسلمين في البلاد، ويكاد يفرض قيودا على كافة مناحي حياتهم، ويسعى لإظهار بعض الأمور التي تقع بشكل نادر كأنها مشكلة مزمنة.

كما ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين ويفرض قيودا على حرية تعليم الأسر أطفالها في المنازل، فضلا عن حظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم قبل الجامعي.

وفرنسا إحدى أكبر الدول الأوروبية من حيث حجم الجالية المسلمة، إذ يبلغ عددهم نحو 6 ملايين حتى منتصف 2016، أي ما يشكّل 8.8% من مجموع سكان البلاد.

المصدر : الجزيرة + وكالات + وكالة سند

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".