صوّبوا السّهام

من المقال الأسبوعي للشيخ كمال الخطيب

قال الدكتور خالد أبو شادي في واحدة من روائعه “إذا خذلتكم قوى الأرض فصوّبوا سهام دعائكم نحو السماء”. إنها النصيحة الصادقة تنفعنا أفرادًا وتنفعنا أمة في هذا الزمان الصعب الذي نعيشه والذي تمر به أمتنا. الزمان الذي فيه ليس فقط خذلتنا قوى الأرض وإنما التي فيها يطعن في الظهر أبناء الجلدة، بل التي فيها ينزل على الأمة بلاء من حكامها أعظم مما ينزل عليها من أعدائها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانه لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتى تملأ الأرض جورًا وظلمًا، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عز وجل رجلًا من عترتي فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض”.

فحينما يخذلنا أهل الأرض وحينما تغلق أمامنا أبواب الأرض، فما علينا إلا أن نصوّب سهام الدعاء فعندها يقينًا ستفتح بإذن الله أبواب السماء، وعند ذلك فإنني على يقين أننا سنكون أقرب إلى الفرج وإلى النصر بإذن الله تعالى، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا”.
وقد قيل دائمًا ما يأتي النصر عند انقطاع الأسباب الأرضية لكي لا تتعلق قلوب العباد بغير الله” وما أعظم ما قاله الشاعر:
سهام الليل صائبة المرامي
إذا وترت بأوتار الخشوع
يصوبها إلى المرمى رجال
يطيلون السجود مع الركوع
بألسنة تهمهم من دعاء
وأجفان تفيض من الدموع

أليس البطل العظيم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كان إذا أقبل على معركة فإنه كان يستعد لها أتم استعداد، ويأخذ بكل أسباب النصر الأرضية، ولكنه كان بعدها لا ينسى أسباب السماء فيصوّب سهام الليل يدعو الله جل جلاله، يقول له بتذلل وانكسار: “إلهي قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك والاعتصام بحبلك والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل”.

فبعد أن تكونوا أجهدتم أنفسكم بالعمل والأخذ بالأسباب ليلًا ونهارًا، فصوّبوا سهام الليل وكونوا على يقين وثقة أن الله سبحانه سيستجيب، وإننا إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالديّ ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *