صواريخ غزة في ميزان التقييم

مصطفى أبو السعود

من مقتضيات حماية الإنسان لنفسه أن يبدع في ابتكار ما يعينه على ذلك، مستخدماً كل ما يستطيع إليه سبيلا، وتختلف تلك الابتكارات وفقاً لطبيعة الشخص والزمان والمكان والخطر الموجود والهدف المنشود.
والمتأملُ في طبيعةِ الأدوات التي صنعها الإنسان لتكون له مصدر قوة، يجدها متنوعة من حيث الحجم والشكل والثقل وطبيعة الاستخدام وقوة تأثيرها بالخصم ومدى قدرتها على تحقيق مصالح صاحبها، ومن ضمن هذه الأدوات ” الصاروخ “.
ولقد خضع الصاروخ لعدة تحسينات، وفكرته شبيهة بفكرة القوس والمنجنيق، حيث يتم وضع كرة لهب ونار في طرفه ويقذف بها اتجاه الخصم، و” أنت ونصيبك”، إلى أن وصلنا لمرحلة يكون فيها الصاروخ سيد الموقف.
وبما أننا في فلسطين، حيث يحتل العدو بلادنا ويأكل أكلنا ويشرب ماءنا، فلا بد من الدفاع عن أنفسنا بكل الأدوات الممكنة والمتاحة، فكان الصاروخ.
نظر بعضنا للصاروخ على أنه ” شغل مجانين وعبث” متذرعاً شو بدها تعمل هالماسورة الفاضية؟”، وأنه لا بد من الحل الدبلوماسي، واجتهد بكل قوةٍ لمنع نموها وتطويرها، وبعضنا اعتبره طوق نجاه وشوكة في حلق العدو، فبدأ يطوره من حيث مداه وقوته وحجمه الى أن وصلنا لإنتاج صاروخ “عياش” الذي بلغ مداه 250 كيلو متر والذي أطلقته المقاومة الفلسطينية يوم الخميس 13 مايو 2021باتجاه مطار رامون الصهيوني.
صحيح إن القوة التدميرية لصاروخ الاحتلال أكثر بحكم أنه يحمل متفجرات أكثر، لكن أثره النفسي في قلوب الشعب الفلسطيني يساوي صفراً، رغم أنه مكلف جداً، عكس صاروخ المقاومة الذي قوته التدميرية المادية أقل وتكلفته قليلة جداً من صاروخ الاحتلال، لكن أثره النفسي في قلوب الصهاينة كثير جداً جداً.
ولقد لعب الصاروخ في معركة سيف القدس دوراً كبيراً في زرع الألم في قلوب الصهاينة، وزرع الأمل في قلوب المسلمين، لأنه ورغم بساطته حرق عاصمة العدو وأحالها لرماد ونفض ركام الكسل والخوف عن الجماهير الفلسطينية.
لماذا نفتخر صواريخ غزة؟ سأجيب على السؤال بأسئلة.
1- أين يصنع الصاروخ؟ في غزة المحاصرة منذ 15 عاماً، والتي ليس بها مصانع عسكرية بالمعنى المتعارف عليه دولياً، لكنها تصنع صواريخ أربكت الاحتلال.
2- من يصنع الصاروخ؟ شباب لم يتخرجوا من كليات عسكرية حربية، بل أبدعوا وتعلموا ففشلوا مرة ونجحوا وراكموا النجاحات حتى وصلت الصواريخ لهذه الهيبة
3- كيف يصنع الصاروخ؟ يحتاج الصاروخ لتجارب وأدوات وإمكانيات حتى ينجح، ويحتاج لمعايير دولية متعارف عليها، لكن صواريخ غزة نجحت بدون ذلك.
4- لماذا يصنع الصاروخ؟ غزة لا تصنع الصاروخ للتخزين أو لحماية نظام حكم، أو لعدوٍ وهمي، بل تصنعها لمعركة التحرر من عدو معروف للجميع.
5- كيف يخزن الصاروخ؟ يحتاج الصاروخ لمخازن آمنة انتظاراً لموعد الاطلاق، لكن غزة تحت مراقبة اجهزة الأمن الصهيونية والعربية للأسف.؟
6- كيف يتم تجريب الصاروخ؟ يحتاج الصاروخ لمساحات شاسعة، لكن في غزة الامر يختلف ففي البحر يتم التجريب وتحت عيون الصهاينة،” وعلى عينك يا تاجر”.
7- كيف ينقل الصاروخ من المصنع إلى المرابض في ظل المراقبة المستمرة للطيران الصهيوني لأجواء غزة؟
بعد الإجابة عن هذه الأسئلة، أسألُ: أليس هذا مدعاة للفخر؟
بلى وربي، يحق لنا أن نفتخر بالصاروخ، وأن نرفع القبعة لرجال المقاومة الذين أبدعوا في صناعة الصواريخ رغم ضيق ذات اليد ورغم الأشواك المحيطة في دربهم، لأننا وأياهم مؤمنون بأن قذيفة من حديد أفضل من ألف قذيفة من كلام، وأن من أخذ بالقوة لا يسترد بالليمون والتفاح والبطيخ، بل بالرصاص والصواريخ، واضرب والريح تصيح.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.