شهادات لسوريين يستعدون لمغادرة إسطنبول: لجوء جديد ومتاعب اقتصادية ومستقبل مجهول

يخشى اللاجئون السوريون في إسطنبول من مستقبل مجهول مع استعداد جزء منهم لمغادرة إسطنبول، كبرى المحافظات التركية، إلى محافظات أخرى، تطبيقاً للقرارات الجديدة للولاية التي منحتهم مهلة لمدة شهر من أجل تصحيح أوضاعهم القانونية في المحافظة.
وبموجب القرارات الجديدة، سوف يسمح ببقاء قرابة 550 ألف لاجئ سوري فقط في إسطنبول مسجلين فيها بشكل رسمي، بينما يتوجب على أكبر من هذا العدد المغادرة كونهم مسجلين في ولايات أخرى قانونياً، لكن السلطات تساهلت في انتقالهم للعيش والعمل في إسطنبول منذ سنوات.
وسيكون أيضاً أمام اللاجئين الذين دخلوا إلى تركيا بشكل غير قانوني تصحيح أوضاعهم القانونية والحصول على بطاقة الحماية المؤقتة «الكملك»، ولكن في الولايات التي ستحددها وزارة الداخلية التركية، مع التأكيد على أن إسطنبول لن تكون ضمن الولايات التي سيسمح بتسجيل لاجئين جدد فيها.
محمد شاب سوري يحمل بطاقة حماية مؤقتة في إسطنبول، يقول لـ«القدس العربي»: «عشنا أياماً صعبة جداً، الأسابيع الماضية كانت الأصعب علينا منذ وصولنا إلى تركيا قبل 7 سنوات، بدأت بتصاعد التهديدات والتحريض من قبل الأحزاب السياسية، ومن ثم تصاعد الاحتقان في الشارع، ووصل الأمر حتى بدء حملة الترحيل للمخالفين، التي شابها كثير من الأخطاء، حيث تم ترحيل بعض الشبان الذين يحملون وثيقة إقامة إسطنبول لمجرد أنهم نسوه في المنزل».
ويضيف محمد: «الآن الأمور أوضح، أعلن الوالي أن المسجل رسمياً في إسطنبول لن يتم ترحيله، أنا لن أتضرر بشكل مباشر، لكن لدي أقارب سيكونون مضطرين للعودة إلى جنوب تركيا؛ كونهم مسجلين هناك، قبل أن تبدأ عملية ترحيلهم قسراً إلى هناك، وعلى الرغم من أنني غير متضرر الآن، إلا أن هذا مؤشر صعب على طبيعة المرحلة المقبلة، الكثير منا يفكر الآن بأن لا مستقبل على المدى البعيد لنا في تركيا، سيكون أمامنا إما التوجه نحو هجرة جديدة إلى أوروبا أو العودة ومحاولة العيش مجدداً في سوريا».
أما حسن رامز، 45 عاماً، فيعيش في إسطنبول منذ 5 سنوات، لكنه يحمل بطاقة إقامة من ولاية هاطاي جنوب تركيا، يقول لـ«القدس العربي»: «نعيش أصعب أيام لنا منذ وصولنا إلى تركيا، لدي عائلة و5 أطفال، وأعمل في إسطنبول منذ 5 سنوات، وأبنائي جميعهم يتلقون التعليم في إسطنبول، كيف يمكن أن أغادر إسطنبول بهذه السرعة؟ ماذا سيحل بعملي وتعليم أبنائي والمنزل الذي استأجرته والأثاث الذي اشتريته؟».
ويضيف: «أنا مضطر للعودة إلى هاطاي، أخشى في حال عدم العودة أن يتم ترحيلي بعد انتهاء المهلة، سوف أفقد عملي، ولا توجد فرص عمل أو بدائل هناك، والدولة التركية لا تقدم مساعدات أو سكناً، كما أن أولادي لن يجدوا مقاعد للدراسة في هاطاي بسبب كثافة عدد اللاجئين هناك، الأمر مكلف جداً، أنا مضطر لاستئجار بيت جديد ودفع تكاليف عالية».
إلى ذلك، يقول الشاب براء الحمصي: «أنا هنا منذ ثلاث سنوات، أعمل في أحد المطاعم بأجر محدود، دفعت ثلاثة آلاف دولار للمهربين من أجل الوصول إلى إسطنبول، الآن أنا مضطر للتوجه إلى وزارة الداخلية للحصول على وثيقة إقامة خارج إسطنبول أو مواجهة احتمال اعتقالي بعد مهلة الشهر، وبالتالي إمكانية ترحيلي إلى سوريا». وتابع: «أنا الآن أمام خيارين أحلاهما مر، إما الحصول على وثيقة إقامة خارج إسطنبول، وبالتالي فقدان عملي وصعوبة الحصول على عمل جديد، أو مواصلة عملي بشكل غير قانوني ومواجهة خطر الترحيل إلى سوريا».
وتدخل صديقه الذي يعمل معه في المطعم نفسه ليقول: «نعم، ليس لدينا أوراق، لم نأت إلى إسطنبول للترفيه، هربنا من الحرب، ونعمل لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، حتى الراتب لا يكفي لحياة كريمة، وطالما أن الحكومة التركية لا تستطيع تقديم مساعدات كافية لنا، لماذا لا تفتح لنا الحدود لنهاجر إلى أوروبا؟».

شاهد أيضاً

هكذا أدارت المقاومة الحرب النفسية مع الاحتلال في غزة

ظهرت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أهمية الحرب النفسية باعتبارها جبهة أساسية من جبهات هذه المعركة، وحاول كل طرف توظيف الدعاية للتأثير النفسي في مخاطبة جمهوره والجمهور المعادي.