“شارة النصر” مسلسل رمضاني يحاكي عملية “الهروب الكبير” من سجن جلبوع الإسرائيلي

غزة- تابع الفلسطينيون والملايين حول العالم صبيحة السادس من سبتمبر/أيلول 2021 عملية هروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن “جلبوع” الإسرائيلي شديد الحراسة والتحصين، عبر نفق أسفل السجن، يقال إنهم استخدموا “ملعقة طعام” في حفره، الذي استمر شهورا.

هذا الحدث الكبير، الذي يوصف فلسطينيا بـ”عملية نفق الحرية”، تحوّل إلى عمل درامي بعنوان “شارة النصر” سيعرض كمسلسل من حلقات يومية على قنوات فلسطينية وعربية وإسلامية، خلال شهر رمضان المبارك.

ويجسد الفنان الفلسطيني علي نسمان شخصية الأسير محمود العارضة، الذي يعرف بقائد العملية وعقلها المدبر، ويقول للجزيرة نت إن المسلسل يكشف عن تفاصيل مهمة تم الحصول عليها من الأسرى أنفسهم داخل السجن، وتكتمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عليها، ولم تكشفها الأخبار والتقارير الكثيرة التي تناولت العملية وتداعياتها.

وكان محمود العارضة وخمسة من رفاقه يقضون أحكاما بالسجن المؤبد ولسنوات طويلة، وهم: محمد العارضة، وأيهم كمامجي، ويعقوب قادري، ومناضل نفيعات، وزكريا الزبيدي، نجحوا في الهروب من سجن جلبوع بالتسلل عبر نفق حفروه بأيديهم، قبل أن تقتفي إسرائيل آثارهم لعدة أيام، وتعيد اعتقالهم ومحاكمتهم من جديد.

وحازت عملية الهروب على اهتمام واسع، كون سجن جلبوع من المنشآت الأشد تأمينا في إسرائيل ويطلق عليه “الخزانة”.

ويقول نسمان إنه لا يمكن اختزال العمل البطولي لهؤلاء الأسرى الستة بكلمتين “هروب واعتقال”، فهناك الكثير من التفاصيل الدقيقة المهمة، التي سيكشف عنها المسلسل، وتضفي المزيد من الشجاعة والفدائية على أبطال هذه العملية، الذين أثبتوا أن “لا مستحيل مع الإرادة”.

ودرس نسمان شخصية العارضة جيدا، وهو الذي سبق له الهروب من سجن إسرائيلي عام 2014، ووصفه بأنه “شخصية لا تؤمن بالمستحيل، ويتمتع بعقل مبدع، يوظف المتاح لديه من إمكانيات بسيطة من أجل صناعة عمل عظيم”.

ورغم هذه الشخصية الصلبة للعارضة، فإن نسمان اكتشف خلال بحثه وتجسيده للدور في المسلسل، أنه “إنسان محب للحياة والأطفال، حنون وعاطفي”.

الفن المقاوِم
نسمان، الذي سبق له تمثيل أدوار في أعمال فنية تناولت قضايا تتعلق بالصراع مع الاحتلال كمسلسلي “الفدائي” و”بوابة السماء”، يقول إنه “من المهم تحويل محطات نضالية فلسطينية إلى أعمال فنية درامية، تواجه مخططات الغزو الفكري الإسرائيلي، والمساعي الإسرائيلية الحثيثة لتشويه التاريخ وصورة النضال الوطني”.

ويدرج نسمان هذه الأعمال في سياق ما وصفه بـ”الفن المقاوم”، ويؤمن بأن الفن لا يقل أهمية عن وجوه المقاومة الأخرى في الصراع الممتد مع الاحتلال الإسرائيلي على كل الجبهات.

وقال “نحن في حالة صراع مفتوحة مع الاحتلال، وهدفنا كفنانين فلسطينيين ليس النجومية، بقدر المساهمة بما نمتلك من موهبة في دعم روايتنا الوطنية، وتمجيد الأعمال البطولية، وكشف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يوميا ولم تتوقف منذ وقوع النكبة عام 1948”.

ويأمل نسمان أن يسهم مسلسل “شارة النصر”، وغيره من الأعمال الفنية الفلسطينية، فيما أطلق عليها “صحوة الأمة”، وتوحيدها في مواجهة المخاطر الإسرائيلية، التي لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم.

سفراء الحرية
وتتداخل الأحداث خلال المسلسل، الذي لم يتغافل القائمون عليه عن قضية حساسة تعرضت للتشويه في أعمال فنية قريبا، وهي “النطف المهربة”، التي لجأ إليها الأسرى كوجه من وجوه المقاومة، وقهر إرادة السجان، وأثمرت عن إنجابهم أطفالا، يطلق عليهم الفلسطينيون لقب “سفراء الحرية”.

وتجسد الفنانة هناء الغول دور زوجة أسير، خاضت تجربة الإنجاب بواسطة “نطفة مهربة” من زوجها القابع لسنوات طويلة في سجون الاحتلال.

ولجأت هناء إلى مقابلة زوجات أسرى خضن التجربة واقعا، ومعايشتهن والتعرف على أدق التفاصيل، الأمر الذي تقول -للجزيرة نت- إنه ساعدها كثيرا في تأدية هذا الدور شديد الحساسية.

مشهد من المسلسل لضباط إسرائيليين خلال عملية ملاحقة أسرى جلبوع-رائد موسى-الجزيرة نت
مشهد من المسلسل لضباط إسرائيليين خلال عملية ملاحقة أسرى سجن جلبوع (الجزيرة)
ووصفت هناء المرأة الفلسطينية الصابرة التي تنتظر حرية زوجها الأسير، بأنها “زوجة لشهيد مع وقف التنفيذ”، وقالت إن من حق هذه الزوجة أن تنجب أطفالاً يعززون من صبرها وصمودها، كما من حق الأسير أن يجد عند انتزاعه لحريته، أطفالاً لم تحرمه أسوار السجن من إنجابهم.

ولإيمانها بأهمية الدور، تقول هناء إنها تفرغت تماما له، وتضيف أن زوجات الأسرى يعشن معاناة لا تقل عن معاناة أزواجهن وراء القضبان، ورغم الإجراءات المعقدة في عملية تهريب النطف، والتحقق منها، ووجود فتوى شرعية دعمت هذه الطريقة في الإنجاب، فإن أمهات “سفراء الحرية” يواجهن تحديات، ويجب مساندتهن.

وسبق لهناء تجسيد أدوار معقدة تناولت قضايا حساسة مجتمعيا، كدورها في مسلسل “ميلاد الفجر”، وكانت فيه أُما لولدين، أحدهما عضو في المقاومة، والثاني وقع في وحل التخابر مع الاحتلال.

أهداف وتحديات
ولخص مخرج “شارة النصر” حسام أبو دان الهدف من المسلسل، بتوثيق بطولة الأسرى الستة ودحض الروايات الإسرائيلية الزائفة، إضافة إلى أنه يمثل ردا عمليا على أعمال وصفها بـ “الهابطة” تسعى إلى زراعة الشك في قضايا وطنية، خصوصا ما يتعلق بالأسرى.

وقال أبو دان للجزيرة نت إن خروج العمل إلى النور لم يكن سهلا، واعترضته جملة من المعوقات والتحديات، بدأت بصراع مع الوقت من أجل الحصول على تفاصيل دقيقة من داخل السجن، ومن أبطال “نفق الحرية” أنفسهم، للانتهاء من العمل وترجمته إلى لغات عدة، وعرضه في شهر رمضان، الذي تزداد خلاله متابعة الجمهور للأعمال الدرامية التلفزيونية.

كما واجهت طاقم العمل تحديات ميدانية، لم تخل من مخاطر، خلال تصويرهم أحداث المسلسل في غزة، وفي مناطق متاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي، في ظل عدم توفر أماكن خاصة للتصوير، ومنع إسرائيل إدخال معدات تصوير وإنتاج فني حديثة لقطاع غزة المحاصر منذ 15 عاما.

وشكّلت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية من غير طيار، التي يسميها أهالي غزة “الزنانة” لما تتسبب به من إزعاج شديد، تحديا كبيرا خلال تصوير المسلسل، بحسب أبو دان، وقال: “وصلنا إلى اعتقاد بأن هناك تعمدا لتحليقها المستمر والمتكرر في أجواء منطقة التصوير من أجل التشويش علينا وعرقلة عملنا”.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".