(سيد) الشهداء و(قطب) الفكر

أ.د. فؤاد البنا

أثبتت قصة سيد قطب أن الكلمات التي نكتبها مهما خرجت من قلوب خالصة؛ فإنها تحتاج لكي تزدهي وتزدهر إلى أن نُذكيها بتضحيات جسيمة من أموالنا وعرقنا ودمائنا، وهذا ما فعله سيد قطب، فلو لم يمت في هذا السبيل شهيدا لبقيت كلماته باردة باهتة، ولظلت كتبه تسري بين الناس ببطئ شديد!

وكم يهزني من الأعماق موقف سيد قطب قبل الإعدام بلحظات، حينما جاءه أزهري يحمل على رأسه عمامة لكن القلب خال من اليقين، فقال لسيد قبل الشنق: يا سيد قل لا إله إلا الله، فابتسم سيد وقال: أنتم تتأكّلون بلا إله إلا الله ونحن نموت من أجل لا إله إلا الله!!

يا لقسوة الزمان وانقلاب القيم رأساً على عقب، وكم هو مؤلم حينما يأتي عبيد الدنيا وأزلام الطغاة ليعلموا عباقرة الفكر وعمالقة الإيمان بعض ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وحينما يحتكر أنصاف الجهلاء الحقيقة ويدعي أرباب الفساد الصلاح!

لقد كان سيد قطب يسير نحو المشنقة راضيا مبتسما وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وبشره بالشهادة، كان يعرف أنه سيغادر رفقة غلاظ شداد إلى رفقة النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ويعرف أنه سيتخلص من عبودية السجان وأغلال السجن وأوجاعه ليحظى بمعية الكريم الرحمن؛ ولهذا فقد ابتسم، ولكن المنافقين لا يفقهون!

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".