حكومة تونس تعلن الحرب على المدارس القرآنية “العشوائية” واتحاد الشغل ينعت مدرسة الرقاب بـ “ثكنة طالبانية”

قالت الحكومة التونسية أنت ستتجد إجراءات صارمة ضد الجمعيات غير القانونية والتي تدير مدارس قرآنية، فيما كشفت هيئة الاتجار بالبشر عن انتهاكات “صادمة” تعرض لها الأطفال المقيمين في المدرسة القرآنية في ولاية سيدي بوزيد (وسط)، والي نعتها اتحاد الشغل بـ “ثكنة طالبانية”، في حين وقع عدد من النواب عريضة برلمانية تطالب بمساءلة وزراء الداخلية والمرأة والشؤون الدينية حول الانتهاكات التي حدثت في المدرسة المذكورة.
وأكد إياد الدهاني، الناطق باسم الحكومة التونسية، أن الحكومة “ستتخذ الاجراءات اللازمة ضد كل الجمعيات غير القانونية والتي تحوم حولها شبهات وهي بصدد متابعة التحقيقات المتعلقة بمدرسة الرقاب”، مشيرا إلى أن الحكومة “رفعت 159 قضية ضد جمعيات غير قانونية وهي الان في طور النزاع داخل القضاء”.
وكانت السلطات التونسية أغلقت مدرسة “ابن عمر” القرآنية في ولاية سيدي بوزيد (وسط)، حيث أوقفت مدير المدرسة بتهمة الاتجار بالبشر، كما قامت قوات الأمن بحجز مجموعة من الحواسيب والكتب الدينية، بعد أن تم إخراج التلاميذ من المدرسة وإيواؤهم في أحد المراكز التابعة لوزارة المرأة لتأمين الإحاطة النفسية لهم.
وقال الدهماني “تم رفع شكوى ضد هذه المدرسة منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وصدر قرار بتعليق نشاطها في اوائل شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الا أن المشرفين عليها لم يحترموا قرار الغلق” مضيفا “أطفال مدرسة الرقاب هم الآن في حماية الدولة وفق ما تقتضيه المصلحة الفضلى للطفل، وتم توفير كل الظروف الاجتماعية والصحية اللازمة للاحاطة والعناية بهم”.
وكانت رئاسة الحكومة التونسية، أعلن عن إقالة والي سيدي بوزيد ومعتمد (مدير منطقة) مدينة الرقاب التابعة للولاية، من مهامهما بعد أيام من الكشف عن الانتهاكات داخل مدرسة “ابن عمر”، والتي أحدثت صدمة داخل المجتمع التونسي.
وكشف روضة العبيدي، رئيسة هيئة مكافحة الاتجار بالبشر، تفاصيل جديدة حول الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال داخل المدرسة المذكورة، حيث أكدت أنهم “حُرموا من النوم وتم إجبارهم على أكل طعام متعفن بالدود في إطار جهاد النفس وأُرغموا على الأكل على الأرض وعاشوا ظروفا مهينة جدا، في غياب تام لأي عناية صحية”.
وأضافت “عندما كانوا يمرضون تتم معالجتهم بالرقية الشرعية مع زرع الخوف في نفوسهم، وهناك 22 طفلا منهم يعانون حاليا من مشاكل صحية متنوعة كمرض القلب وضيق التنفس وأمراض جلدية والقمل وصعوبات في المشي بسبب ضربهم بالفلقة، إلى جانب تعرض عدد منهم للاغتصاب، وتم استغلالهم في أعمال البناء والأعمال الفلاحية، في الوقت الذي يعيش فيه صاحب المدرسة في رفاهية مطلقة”.
ووصف الاتحاد الجهوي للشغل في سيدي بوزيد مدرسة الرقاب بأنها “ثكنة طالبانية تفرخ التكفير والإرهاب وتشجع على التسفير إلى بؤر التوتر (سوريا والعراق وليبيا)” محملا مسؤولية وجود هذا النوع من المدارس “للسلطتين الجهوية والمحلية من ولاة ومعتمدين تعاقبوا على الولاية وعلى معتمدية الرقاب منذ سنة 2015 ولبعض أعضاء البرلمان”.
و ووصف إقالة والي سيدي بوزيد ومعتمد الرقاب بـ”الحل المنقوص” نظرا لما تعيشه الجهة من فساد إداري ومالي على مستوى المرفق العام الذي يعشش فيه الإرهاب المتحالف مع التهريب عبر عديد المسالك”، مطالبا السلطات التونسية بـ”فتح تحقيق جدي وشفاف يفضي إلى تتبع عدلي ومحاكمة كل من يثبت تورطه أو تقصيره من هؤلاء المسؤولين”.
فيما أكد غازي الشواشي النائب عن الكتلة الديمقراطية، أن كتلته انطلقت في جمع الإمضاءات على عريضة لمساءلة كل من وزيرة المرأة ووزيري الداخلية والشؤون الدينية حول “المدارس القرآنية العشوائية خاصّة بعد ظهور قضيّة أطفال الرقاب”.
وأضاف “هذه المدارس تعمل خارج الأطر القانونية وخارج رقابة الدولة، ونرغب بمعرفة من يتحمّل المسؤولية وكيفيّة معالجة هذه الظاهرة الخطيرة، ويجب أن يتحمّل البرلمان دوره كسلطة أصليّة بعد أن تعهّد القضاء بالمسألة، في ظلّ انتشار هذه المدارس القرآنيّة والانقطاع المتواصل لآلاف التلاميذ التونسيين عن المدارس”.
من جانب آخر، قامت السلطات التونسية بإخلاء مبيت غير مرخص فيه، يضم أطفالا يرتادون مدرسة قرآنية في منطقة فوشانة التابعة لولاية بن عروس المتاخمة للعاصمة.
وقال والي بن عروس، عبد اللطيف الميساوي “اكتشفنا وجود 15 تلميذا أعمارهم دون 18 عاما منهم 9 أعمارهم بين 14 و16 سنة يرتادون المدرسة ويقيمون بمبيت ملاصق لها، في غياب اوليائهم، وتم فتح بحث أولي من قبل الجهات الأمنية ومندوب حماية الطفولة بعد استشارة النيابة العمومية وقاضي الأسرة”.
كما أغلقت السلطات مدرسة قرآنية أخرى غير مرخصة في منطقة “السيجومي” في العاصمة، حيث تم العثور فيها على 30 طفلا وشابا، كم تم العثور على عدد من القطع الأثرية داخلها.
وكان سياسيون تونسيون حذّروا من استغلال حادثة الرقاب في جر البلاد لمربع الاستقطاب الإيديولوجي، مشيرين إلى أن الأمر لا علاقة لها بتعليم القرآن، على اعتبار وجود كتاتيب قرآنية رسمية تشرف عليها الحكومة ويرتادها أغلب الأطفال التونسيين قبل دخول المدرسة.

شاهد أيضاً

أم على قلوب أقفالها؟

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو أفضل وأعظم ما تعبد به وبذلت فيه الأوقات والأعمار، إنه كتاب هداية وسعادة وحياة وشفاء وبركة ونور وبرهان وفرقان،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *