حكاية ناج من مجزرة داريا

نزلونا من بيوتنا على قبو البناء وقالوا لنا قفوا على شكل نصف دائرة ووجوهكم لعندنا، بعدها بدؤوا إطلاق نار من اليمين لليسار علينا، أول واحد بالصف كان أبي وقع بالأرض! سألني عمي وهوي عم يهمس بأذني مين هاد؟ قلتلو أبي.. قلي شو عرفك؟ قلت له هدول ثيابه”.
“ما كان عندي وقت فكر بأبي، كنت عم استنى الرصاصة اللي حتجيني بعده، قلت لعمي قول لا إله إلا الله وأنا رددت الشهادة 3 مرات، وبالمرة الرابعة لم أستطع إكمالها لأسقط على الأرض، مرت لحظات لا تصل مدتها إلى دقيقة حتى أدركت أني على قيد الحياة وطلعوا العساكر لفوق وأنا حركت حالي”.

“إلى الآن لم أستوعب ما حصل، يا لطيف شفت عين جارنا خارجة من رأسه وأخي مفتوح راسه وعمي أصيب بوجهه وكل الموجودين ماتوا! رجعوا العساكر دخلوا للمكان اللي نحنا فيه، بهي اللحظات أخرجت لساني وتظاهرت بأني ميت، وبعد أن ذهب جنود النظام سحبت جثتَي عمي وأخي واختبأت بينهما، خاصة أنني سمعت صوت أحد الضباط يقترب من القبو، ليعود الجنود ومعهم طفلَان رضّع صغار”.
“سمعت صوت العناصر وهم يسألون الضابط: “لقيت هدول فوق شو نعمل فيهم؟”، قال بلهجته العلوية القحة: “قوسهم (أطلق عليهم النار)، ولاّ قلّك: هاتهم هاتهم (ناولني إياهم) حرام فيهم الرصاصتين”، وأمسك بالطفلين من أرجلهما وضربهما بدرج القبو حتى تهشمت عظام جمجمتهما، ولم يبقَ هناك صوت من حولي إلا لدعسات العسكر وأنا أفكر بالطفلين”.

“انتهى الجنود من مجزرتهم لأخرج بعد ساعات من مكاني، وأجد كل من في البناء قد قُتل، لا أبالغ عندما أقول “الكل”.. الكل قُتل وكنت أنا الناجي الوحيد، ويا ليتني لم أنجُ”.
هذه الرواية ليست نسجًا من خيال قائلها أو حكاية من حكايا اقتحامات النازيين أو الفاشيين للدول والمدن، إنما هي رواية ناجٍ وحيد من “مجزرة القبو”، أحد أكبر الأماكن التي وُجد بها جثث لمدنيين أيام مجزرة داريا الكبرى، عند اقتحامها الذي بدأ منذ يوم 20 آب/ أغسطس 2012 واستمر حتى يوم 27 من الشهر ذاته.

تعد مجزرة داريا أكبر مجزرة إعدامات ميدانية تحصل في تاريخ الثورة السورية، حيث قتلت قوات النظام السوري في يومَين ما يزيد عن 700 شخص، وفُقد ما يزيد عن 1000 شخص لم يعرَف مصير معظمهم حتى هذه اللحظة

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،