حكاية مغترب

بقلم شريف جمال الصباغ

إِلَىٰ اللّٰـهِ نَشْكُو غُرْبَةَ الدِّينِ وَالْهُدَى ،
وَفُقْدَانَهُ مِنْ بَيْنِ مَنْ رَاحَ أَوْ غَدَا ..

فَعَادَ غَرِيبًا مِثْلَ مَا كَانَ قَدْ بَدَا ، 
عَلَىٰ الدِّينِ فَلْيَبْكِ ذَوُو الْعِلْمِ وَالْهُدَى ..

أقولها بصراحة وأنا في ديار الغربة منذ ١٣ عاما. ديننا يضيع منا هنا بل وأولادنا.
يكذب عليكم من يقول أنه يحافظ على دينه بشكل صحيح هنا في هذه البلاد ولو كانت لحيته تصل إلى ركبته دون الوقوع في أخطاء ومحرمات ولو قليلة من وجهة نظره ودون ضياع أولاده منه مهما استطاع الحفاظ عليهم، فالبيئة لها أثرها.

والله أشاهد بعيني وأسمع بأذني قصص تشيب لها الرأس.
وأسوأ هذه القصص على الإطلاق أن أولادك يصبحون مسلمين بالإسم فقط لا يدرون أي شيء عن دينهم وعدم نطق اللغة العربية إلا ببعض الكلمات البسيطة التي يقولها الطفل الصغير في بلاد العرب وهو ابن ثلاث سنوات.

شعور مرير عندما تجد رجل يحفظ كتاب الله وابنه لا يستطيع التحدث بجملة من خمس كلمات بالعربية دون أن يعتريها اللغة الأجنبية ، بل إنه لا يعرف معنى الكلام الذي يقوله.

والأصعب من ذلك رجل يريد ابنه داعية، يدعو الإيطاليين للدخول للإسلام وهو أساسا إبنه لا يعرف لغة عربية نهائيا إلا بعض الكلمات ولا يعرف عن دينه الإسلام شيء مطلقا وعمره ١٢ عام، بل والده لا يصلي نهائيا وزوجته متبرجة بل إنه لا يصلي الجمعة منذ سنوات عديدة ، بل إنه لديه شركة وزوجته تعمل ويسكن في شقة لا يدفع إيجارها… ليقابلني رجل في هذه العمارة وأنا عائد من العمل ويقول لي شايف هذا الرجل ليس مسلم جيد لانه دائما يزعج السكان ولا يدفع الإيجار.

هنا تضيع صلاة الجمعة من آلاف الشباب بسبب العمل، أعرف أشخاص لم يصلوا الجمعة منذ ٨ سنين و ٦ سنين والكثير من هذا.

تدمع عيني ذات مرة حين يدخل طفل يسألني ( عمو يعني أيه كلمة محترم ) المصيبة أنه يبلغ من العمر ١٣ عام ووالده يحفظ كتاب الله بل ممن يأتون إلى المسجد كثيرا.

لن أخبركم عن اعز أصدقائي هنا شاب لا يترك صلاة ولا يترك صلاة جمعة زوجته مثله تماما ، يسعى دائما في مساعدة غيره بكل حب وإخلاص كثير التردد على المساجد ومصاحبة الدعاة، لكنه في نفس المشكلة ووقع في نفس الفخ اولاده لا يستطيعون التحدث باللغة العربية نهائيا إلا بعض الكلمات وينطقونها دائما بصيغة المؤنث حتى وإن كان المخاطب ذكر.

هنا في هذه البلاد بنت بلغت عن والدها لانه منعها ان تخرج مع صديقها ، بل ورفعت قضية على والدها لانه يمنع صديقها من دخول بيتهم ليدخل صديقها البيت عنوة عن أبيها، يراه والدها وهو داخل معها غرفتها ولا يستطيع فعل شيء فهنا الحكومة تستطيع أن تسجنه وتطرده خارج البلاد حتى وإن كان معه الجنسية. ( ما كان من أبوها إلا أن قتلها)

أشاهد بعيني يوميا بنات المسلمين في القطار وأنا ذاهب إلى عملي بعد الظهر وهم يتبادلون القبلات مع الشباب وأنا لا استطيع فعل شيء إحساس بالعجز رهيب، فقط هي تضع اشارب على رأسها واسمها ( مريم – الإسم وهمي) لكنها ترتدي ملابس غربية وتفعل أفعال الغربيين، وكذلك الشاب المسلم أيضا ففي المدرسة لا بد من صديق للبنت وصديقة للولد.

هنا لا تسمع آذان الصلاة إلا في الهاتف فقط ويوم الجمعة أن حضرت أصلا ويوم الأحد وهو الأجازة الرسمية إن ذهبت أيضا للمسجد.
المال هنا يا أصدقائي يسطو على الجميع لا شيء سوى المال يضيع الدين وتضيع الأخلاق ولا يبقى منهم فقط سوى الإسم الذي يقول بأنك عربي مسلم.

كذب والله العظيم من قال هنا يا صديقي مسلمين بلا إسلام.

عندي قصصص كثيرة وطويلة يشيب لها الرأس لكن حقيقة لا أستطيع كتابتها من مرارة هذه القصص.

حتى أنا لم أنجو من هذا وأسأل الله أن يغفر لي ويعفو عني، رجاء لا أريدر تعليق من أي شخص يقولي أنت قاعد هناك ليه….

تحديث مهم :
فهم الكثير منشوري الذي تكلمت فيه عن الغربة خطأ وأني أقرر لنفسي أشياء حتى أخرج بحجة او تبرير عن ما يحدث لنا في الغربة.

أولا الحمد لله رب العالمين أحافظ على ديني قدر المستطاع.

ثانيا أنا بنتي عندها ١١ شهر فقط لم يمسنا أي سوء والحمد لله ولم يحدث لي شيء بل هذه البلد كانت السبب في إلتزامي بسبب الصدمة التي حصلت لي عند دخولها.

ثالثا أنا بتكلم هنا عن قضية عامة وخطيرة تحدث لشباب وفتيات المسلمين وهي ضياع الدين بسبب البيئة وبسبب التربية، جيل خلفه جيل يضيع شيئا فشيئا، لا يعرفون عن دينهم إلا القليل جدا جدا وضع تحت جدا ملايين الخطوط.

رابعا ما دفعني للتكلم حقا أني تعبان جدا من الموضوع ده وخصوصا أنه حتى الشباب والفتيات اللي ابائهم ملتزمين وقعوا في نفس المشكلة إلا من رحم ربي.

فمحدش يعلق بما لا يعلم في التعليقات ويقول في جانب مشرق وبتنجان، لا في ضياع للهوية هنا وبلاش نكذب على بعض.

وحسبنا الله ونعم الوكيل في حكام المسلمين اللي ضيعوا بلادنا ودمروها وباعوا خيرها للغرب وجعلونا في هذا الموقف.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".