حري بنا أن نحمل قضايانا كما حملوها..

من تابع الشأن الفلسطيني في أغلبه وعلى عمومه، إعلاميا وثقافيا وفكريا وفنيا وإبداعيا، يجد بأن القضية الفلسطينية حاضرة حضورا واضحا جليا، دون تجاهل او نسيان، او غفلة، أو تجهيل، او تنقيص، او ازدراء، أو عدم اكتراث، بل تجد اهتماما وتفننا وإبداعا وتفكيرا وحمل هم، ومحاولة إبراز، وإشغال، وتنبيه، في جميع المجالات، وعلى مختلف الأصعدة، وعلى تراتب المستويات، وفي جميع الفنون والابداعات، تجد القضية الفلسطينية حاضرة، والدعوة إليها واضحة، والنداء إلى الاهتمام بها عاليا، والترغيب في حملها صريحا، ومعالم التعريف بها بارزة..

فهي حاضرة في افراحهم..
حاضرة في اناشيدهم واغانيهم
حاضرة في تعليمهم ومدارسهم
حاضرة في رسمهم ونحتهم وسياحتهم
حاضرة في مختلف فنونهم
حاضرة في إعلامهم وكتاباتهم
حاضرة في أفلامهم ومسلسلاتهم ومسرحهم
حاضرة في احزانهم واتراحهم
حاضرة في حضرهم وسفرهم
حاضرة في مقامهم وشتاتهم
حاضرة في اختراعاتهم وإبداعاتهم

وكما يقال: ما ضاع حق خلف مطالب..

ومن هنا نوقن بأن المطالبة بالحق، والإصرار على المطالبة، بشتى الجوارح، وشتى الحركات، وشتى اللغات، وشتى الأماكن والمواقف والإمكانات، لابد ان يكون بعده وصول إلى ذلك الحق، وتمكن منه، واستحواذ عليه، فإن لم يُستطع ذلك، فإن نية وقصد الحصول والتمكن، يتناقل ويتناسل بين الأجيال، ما يبعث فيها جدا وحزما وصلاحا، وعيشا على المبدإ حتى تتحق المطالب، ويُتمكن من الحق.

وهنا نفهم تعدد ميادين الجهاد والمقاومة، فليست في السلاح والزناد، وإنما في المصابرة الفكرية والسلوكية والمعرفية، والمرابطة على المفهوم والمعلم والفكرة، مهما كانت رياح الاستئصال عاتية ومرهقة ومزهقة
(يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)

ومن هنا نتنبه إلى إهمالنا لقضايانا الوطنية والإسلامية، وغفلتنا عنها، وغيابها في مناهجنا التربوية والتعليمية، وبرامجنا الإعلامية، ومحطاتنا السياحية، ومجالاتنا الفنية والإبداعية، فلا يربطنا بتلك القضايا إلا بعض ردود الأفعال، أو بعض التمثيليات الإعلامية، أو بعض المناسبات الضيقة التي لا تتجاوز يومها، فتنسى وتتناسى مع مر الأيام والسنين، بل قد ياتي جيل، وقد بدأت علاماته، لا يعرف صغيرة ولا كبيرة عن تلك القضايا، بل قد يكون ذا قابلية للتسليم، والاستسلام، وعدم الاعتبار، والاهتمام..فتضيع الحقوق والقضايا..

ومن جهة أخرى نفهم من هذا الرباط والصبر والمصابرة، أهمية هذه القضية المقدسة، فهي أم القضايا الإسلامية التي تكتسب قدسيتها من مكانة القدس والأقصى وتلك البقاع المباركة في كتاب الله وسنة نبيه، وتكتسب واجب الاهتمام بها، من خلال الظلم والطغيان الذي مورس على أهلها وارضها بتواطئ عالمي منقطع النظير، ونرى النموذج والاسوة ولفت الانتباه، من خلال اهتمام اهلها بها وحرصهم عليها..

وهذا المرفق بهذا المقال، نموذج حي على ذلك الحرص والاهتمام، ان تحول كلمات شارات ومقدمات افلام الكرتون التي نعلم مدى سحر انغامها في آذان الأطفال، أن ننظم كلمات الجهاد والمقاومة والقضية وفق تلك الانغام والألحان، فلعمري إنه إبداع ومصابرة ومرابطة وإصرار..

ستقول لي: وهل أطلعت على غفلة عدد من أهل فلسطين عن قضيتهم، بل وخيانهم وعمالتهم، إعلاميا وسياسيا، بل ودينيا؟

سأقول لك: كما يقال في كل بيت (خلاء) والخلاء لا ينفي مصالح ومنافع وجمال باقي المرافق، ولا يخلو شعب من تافه او خائن أو مصلحي، والعبرة بمن انقد نفسه، وقام بدوره وترك بصمته، أما التفاهة والسفاهة فإلى مزبلة التاريخ..
وهذه الغفلة المتحدث عنها، هي سارية عند شعوب وأمم أخرى تجاه قضاياها، فلا نزايد، ولنستفد من ذلك الاهتمام والإبداع قل أو كثر، ولنوسع دائرته ونحمل هم الفكرة سواء بالنسبة لقضايانا أو للقضية الأم..

وأقول لأهلنا في فلسطين، إياكم والنكوص، أو تلطيخ هذه القضية بما يكدر صفوها وقدسيتها ويقلل من قيمتها، وكونوا قدوة كما عهدناكم في الصبر والمصابرة والمرابطة في جميع المجالات، حتى يعود الحق المسلوب، والحاضر المنهوب، والتاريخ المنسوب..

وأقول لكل صاحب قضية، وخاصة قضايا الشعوب:
حري بنا أن نحمل قضايانا كما حملوها..

سفيان أبوزيد

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،