تونس تتجه لفرض ارتداء الكمامات لمواجهة الفيروس والحكومة تحذّر من تزايد العنف ضد النساء خلال الحجر الصحي

أكدت الحكومة التونسية أنها تتجه لفرض ارتداء الكمامات في الشوارع، مشيرة إلى أنها تحتاج إلى 30 مليون كمامة بشكل عاجل لمواجهة وباء كورونا، كما حذرت وزارة المرأة من تزايد العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي، فيما حمل وزير الصحة “الهجرة السرية” للمصابين من جزيرة جربة (إحدى بؤر كورونا) مسؤولية انتشار الوباء في أغلب المدن التونسية، كما كشف عن وفاة 61 تونسيا بالفيروس في فرنسا.
وقالت أسماء السحيري، وزيرة المرأة والناطقة باسم الحكومة: “من الأكيد أن ارتداء الكمامات (في الشوارع) سيكون إجباريا، فنحن بصدد محاربة وباء جديد وقف كل العالم عاجزا أمامه، مما يستوجب تحديث الإجراءات وإصلاحها في كل مرة”.
وأضافت: “نحتاج لأكثر من 30 مليون كمامة طبية ونحتاجها في أسرع وقت، ونحن بصدد الاتفاق مع المصنعين المحليين لتوفير هذه الكمية، وسيتم تحديد أسعار الكمامات التي ستشرف الصيدلية المركزية على توزيعها”.
كما أكدت السحيري أن مرسوما سيصدر بداية الأسبوع المقبل لتنظيم العقوبات المالية الخاصة بخرق الحجر الصحي العام، مشيرا إلى أن إجراءات العقوبات ستكون نفس الإجراءات المعتمدة في مجال تحصيل المخالفات المرورية، حيث “ستسلط العقوبة على المترجلين أو المتوقفين بشكل فوضوي دون ترخيص أو مستعملي وسائل النقل. هذه الإجراءات مبسطة لكنها ردعية”.
وكان المجلس الوزاري، الذي عقد الأربعاء لمناقشة إجراءات مكافحة وباء كورونا، قرر “فرض عقوبات مالية ضد المواطنين الذين لا يحترمون الحجر الصحي، ومنع التنقلات بين الولايات، وعزل المناطق التي تُعلنها وزارة الصحة مناطق موبوءة، وإقرار يوم الجمعة 10 أفريل (نيسان) عطلة استثنائية للحدّ من حركة الجولان، والاقتصاد على الضرورة القصوى بما يمكن من التحكم في انتشار الفيروس، وتكوين فريق عمل في مستوى وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة يضمّ مُمثلين عن مختلف الوزارات المتدخلة والديوانة التونسية لتصنيع الكمامات الطبية الواقية وترويجها بالسوق الداخلية وتحديد أسعارها”.
وخلال الاجتماع، دعا رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إلى توظيف جهود جميع مؤسسات الدولة في مكافحة الوباء واعتماد الصرامة في تطبيق الإجراءات وإلزام الجميع بتطبيق الحجر الصحي الشامل وكل القرارات المعلنة في إطار مجابهة فيروس كورونا، مشيرا إلى أهمية “التقيّد بضوابط الحجر الصحي العام والحجر الإجباري ومقتضيات حظر التجوّل، مؤكدا حرص الدولة على تطبيق القانون على كلّ المخالفين”.
من جانب آخر، أكد السحيري ارتفاع عدد النساء المعنّفات خلال الفترة الأخيرة، مضيفة: “كنا نعي منذ البداية أن الحجر الصحي سيؤدي إلى ارتفاع عدد النساء المعنفات”، مشيرة إلى أن التوتر والقلق يساهم في هذا الأمر، “كما أن المرأة المعنفة ستجد نفسها في فضاء مغلق مع المعتدي، مما تسبب في ارتفاع نسبة العنف”.
وأشارت إلى أن وزارة المرأة اتخذت جملة من الإجراءات، من بينها “حملات توعوية وخط هاتفي للإبلاغ عن العنف يعمل على مدار اليوم، إضافة إلى إجراءات أخرى مصاحبة على المستوى النفسي للعائلات”.
على صعيد آخر، كشف وزير الصحة، عبد اللطيف المكي، عن عمليات “هجرة سرية” لعدد من المصابين بفيروس كورونا من جزيرة جربة إلى بعض الشواطئ التونسية نظمها عدد من المهربين، “حيث تم تحصيل عشرين دينارا من كل مريض، ومثل هذه التصرفات وراء انتشار فيروس كورونا ووصوله إلى بعض المدن في ولايتي القصرين وتوزر”.
كما كشف المكي عن وفاة 61 تونسيا بفيروس كورونا في فرنسا، مشيرا إلى أن “الوضع الوبائي في تونس ورغم إطلاق الوزارة صيحة فزع، يعد أفضل من دول أخرى”.وأضاف: “إجراءات الوقاية التي اتخذتها الحكومة منذ بداية انتشار فيروس كورونا في العالم تعتبر ناجعة، ولا بد من التزام المواطنين بقرارات الحجر الصحي العام، لكن السيناريو الأسوأ ما زال واردا، ولذلك تقوم وزارة الصحة بتجهيز مستشفيات ميدانية للاستعداد للأسوأ”.
وقال المكي إن انخفاض عدد الإصابات المسخلة أخيرا بفيروس كورونا لا يعني انخفاض العدوى في البلاد، وأوضح بقوله: “التحاليل الأخيرة أعطينا فيها الأولوية للمصابين الذين قاربوا على الشفاء للتأكد من حالتهم”.
كما انتقد تكتم بعض المصابين بالفيروس عن الأشخاص الذين قابلوهم وهو ما ساهم في انتشار الفيروس، مضيفا: “لا أفهم لم يتعمد هؤلاء ذلك. الأمر خطير، في حين ثمة نقص في الوعي بمدى خطورته”.
وانتقد أيضا رفض بعد السكان دفن المصابين بفيروس كورونا في المقابر القريبة من محل سكنهم، مضيفا: ”كنت سأقوم بتأبين لمن فقدناهم جراء هذا الفيروس في ندوة صحافية، لكني عدلت عن ذلك حفاظا على هويتهم وحتى لا يتعرّضوا للوصم”.
فيما قالت الخبيرة في الأمراض الجرثومية في مستشفى الرابطة، د. ريم عبد الملك، إن تسارع وتيرة الوفيات في وقت وجيز يعد أحد المقاييس المعتمدة لمعرفة مدى تطور انتشار فيروس كورونا المستجد في تونس.
وأضافت: “هذا الأمر يعد أيضا مؤشرا هاما على عدم التزام المواطنين بالإجراءات والتدابير الوقائية التي اعتمدتها الدولة في مكافحة الوباء، وبالتالي إمكانية المرور إلى السيناريو الأسوأ، وهو ما يستوجب الحذر واليقظة حتى لا تتعكر الأمور وتخرج عن السيطرة”.
وأشارت عبد الملك إلى أنه “لا يمكن الاعتماد على عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد لمعرفة حقيقة تطوره، باعتبار أن الحالات المعلن عنها لا تعكس العدد الحقيقي للمصابين ب الفيروس، خاصة أمام رفض بعض الأشخاص المصابين الإعلان عن مرضهم والتوجه إلى المستشفيات والمراكز المخصصة لهذا الأمر”.
وكانت السلطات التونسية قررت أخيرا تمديد إقامة الأجانب الذين استوفوا الشروط المتعلقة بتأشيرة الإقامة، إلى حين انتهاء الأزمة التي تعيشها البلاد في ظل انتشار وباء كورونا. وأكد العيّاشي الهمّامي، الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بحقوق الإنسان، أنه يصعب على الدولة التونسية في الوقت الحاضر إجلاء الطلبة الأجانب المقمين في البلاد، مضيفا: “لن يقع التمييز بين التونسيين والأجانب المقمين بتونس، وسوف نضمن لهم العيش الكريم، ولهم الحق في التداوي وسنؤمن لهم منحة دراسية”.

شاهد أيضاً

غزة تنزف….

غزة اليوم هي عضو الأمة الأشدّ نزيفا من بين كثير من الأعضاء التي لا تزال تنزف من جسد المسلمين، ومخايل الخطر تلوح في الأفق على المسجد الأقصى، الذي يخطط المجرمون لهدمه، أو تغيير هويته وتدنيسه، ولا يمنعهم من ذلك إلا الخوف من بقايا الوعي والإيمان في هذه الأمة أن تُسبب لهم ما ليس في الحسبان.