ترجيحات إسرائيلية بإرجاء تطبيق مخطط السلب والنهب المعروف بـ”الضم”

ترجح جهات إسرائيلية سياسية وأمنية وإعلامية ألا تتم إحالة السيادة الإسرائيلية على ثلث الضفة الغربية المحتلة وإرجاء موعدها فيما يحاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تخفيف حدة معارضة رؤساء الاستيطان لـ”صفقة القرن”.

وكان في هذا السياق قد قال زئيف الكين وزير التعليم العالي والمياه المقرب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل أيام إن موعد تطبيق الضمّ ربما يتغير نظرا لأسباب تقنية تتعلق بالانتهاء من إعداد الخرائط والانتهاء من التفاصيل.

ودعا عضو الكنيست من “ميرتس” حزب اليسار الصهيوني ونائب قائد الجيش السابق يائير غولان الجانب الإسرائيلي إلى “التفكير بماذا سيقوم به الفلسطينيون في اليوم التالي لتنفيذ خطة الضم”.

وتابع محذرا: “إذا ضممنا اليوم غور الأردن، فهذا يعني 30% من أراضي الضفة، و60% من الأراضي الحرة (غير المأهولة).. فهل أنتم تعتقدون أنهم سيلتزمون بالهدوء؟ ستكون انتفاضة ثالثة في اليوم التالي”.

وقال غولان إن “الغالبية الساحقة في الجيش هي ضد الضم”، مشيراً إلى أنه يستطيع أن “يعدّ على قدر أصابع اليد الواحدة مسؤولي الجيش والموساد والشاباك السابقين الذين يؤيدون الضم”. كما اعتبر غولان أن “من يحافظ على الحدود مع الأردن هم الأردنيون وأكثر من الإسرائيليين”، مشيراً إلى أنه “يعرف انتشار قواتهم وانتشار القوات الإسرائيلية”.

وقال أيضا إنّ “فريق الضم يريدون تخريب علاقاتنا مع الأردن”، وتساءل: “لماذا نحن نخرّب العلاقات مع الأردن؟ فهذا أيضاً مصلحة لهم ونحن يجب أن ننمي العلاقات معهم لا عرقلتها”.

تأتي هذه التصريحات بعد أقوال نسبت لمصدر في حزب “الليكود” مقرب من نتنياهو، بأنه “يستبعد تنفيذ خطة الضم في حال لزم الأمر اعترافاً بدولة فلسطينية”. وأشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أنه يتم دراسة حل وسط يقضي بأن يبدي نتنياهو علانية التزامه بـ”صفقة القرن”، مؤكداً أن “الحديث في الكنيست والحكومة لا يدور عن إقامة دولة فلسطينية بل عن فرض السيادة الإسرائيلية فحسب”.

معارضة رؤساء الاستيطان

وكان موقع صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ذكر أن رئيس “أزرق- أبيض” ووزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، أصدر تعليمات لقائد الجيش أفيف كوخافي “لحث الجيش الإسرائيلي على الاستعداد قبيل الخطوات السياسية المطروحة على جدول أعمال الحكومة” وذلك في إشارة لمسألة الضم. وأشارت القناة الإسرائيلية الرسمية إلى استمرار المعارضة في صفوف رؤساء مجلس المستوطنات لـ خطة ترامب ويواصلون بذل مساعيهم لحشد دعم الوزراء لموقفهم المعارض.

لكن ربما يكون نتنياهو نفسه معنيا بالتأجيل لعدة أسباب منها انشغال البيت الأبيض بالمشاكل الداخلية الحارقة داخل الولايات المتحدة كما يؤكد المعلق السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نحوم برنيع مشددا على أن “نتنياهو هو أشهر المرجئين، وإرجاء تنفيذ وعوده هو جزء من أسرار نجاحه”.

ويؤكد برنياع أن قادة الأحزاب الصهيونية في المعارضة وقادة المستوطنين يفضلون بقاء الوضع الراهن على حاله خوفا من أن يؤدي الضم لثلث الضفة الغربية لدولة فلسطينية على بقية مساحتها. وكان رئيس مجلس الاستيطان دافيد الحياني قد أثار زوبعة إعلامية في تصريحات لـ”هآرتس” قال فيها إن ترامب ليس صديقا وحليفا لإسرائيل، دفعت نتنياهو وبعض الوزراء لاستنكارها بعدما تلقوا احتجاجات أمريكية عاتبة على صريحات الحياني.

من البحر للنهر

وينوه برنياع إلى تأييد أوسط صهيونية مخطط الضمّ ومنها رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين المعروف برفضه لتسوية الدولتين وتأييده لقيام دولة واحدة في كل البلاد من البحر للنهر مع منح كل سكانها حقوقا متساوية بخلاف رؤية نتنياهو الباحث عن ضم مجاني يحرم الفلسطينيين المساواة في الحقوق ويبقيهم داخل معازل تكون بمثابة جزر محاطة بالسيادة والسيطرة الإسرائيلية. جربوا في جنوب أفريقيا هذا الاختراع عدة سنوات. أطلقوا عليه تسمية آبارتهايد. وكانت نهايته معروفة مسبقا”. ويتابع: “مثل هذا النظام يدعى آبرتهايد ونهايته معروفة”.

العلاقات مع الأردن

وكرر رئيس القسم السياسي- الأمني في وزارة الأمن سابقا الجنرال بالاحتياط عاموس غلعاد قوله إن خطة الضم هي مثال لـ”عمل ناقص وغير ناضج”.

في حديث لإذاعة جيش الاحتلال حذر غلعاد الأحد مجددا من أضرار خطيرة تترتب على الضم. متسائلا لماذا على إسرائيل تقويض علاقاتها مع الأردن إذا كان هذا تصريحيا فقط؟ وطالما أن الجيش الإسرائيلي منشغل بمواجهات وأعمال شغب، وليس بالتهديد الإيراني، فإن هذا إهدار للوقت”.

وهذا ما يؤكده أيضا زميله الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال بالاحتياط عاموس يادلين رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الذي يكرر تحذيراته في الأيام الأخيرة من نتائج كارثية للضم في عدة مستويات أمنية ودبلوماسية واقتصادية، مشددا على خطورة المساس بالعلاقات الإستراتيجية مع الأردن. كذلك تبدي أوساط في جيش الاحتلال تخوفها أن يؤدي تطبيق مخطط الضم بالفلسطينيين إلى التسابق بين السلطة الفلسطينية وحماس حول من يحارب إسرائيل أكثر ولاستئناف إطلاق الصواريخ من غزة.

ضغوط أوروبية

كذلك أبدى مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو، الجنرال بالاحتياط يعقوب عميدرور، تحفظه من مخطط الضمّ لأنه يرى أنه من الناحية المهنية ليس هناك أي سبب للضم، فلدينا حرية عمل كاملة داخل الضفة الغربية.

وبهذا السياق أكدت دول الاتحاد الأوروبي عدا هنغاريا معارضتها مخطط السلب والنهب الاستعماري المعروف بمخطط الضمّ. وأوضحت صحيفة “هآرتس” نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية قولها إن توقيت تنفيذ الضم، في الأول من تموز/ يوليو، هو أسوأ توقيت، بسبب أزمة كورونا، إلى جانب أن الضم في هذا التوقيت من شأنه تقويض الاستقرار الإقليمي والعالمي بشكل كبير”، موضحة أن الأمم المتحدة وألمانيا تقودان المساعي الدبلوماسية من أجل إرجاء إحالة السيادة على الضفة الغربية.

وتوضح الصحيفة الإسرائيلية أن ألمانيا تعارض الضم بشدة، وتصريحات نتنياهو بشأنه “تسببت بحرج بالغ لها، خاصة وأنه في هذه الفترة ستتولى برلين رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في موازاة ترؤسها الدوري مجلس الأمن الدولي، وقالت “هآرتس” إن كلا المنصبين سيضطرانها إلى الاختيار بين ولائها للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وبين التزامها التاريخي تجاه إسرائيل على خلفية ما يعرف بـ”عقدة الذنب”.

وكشفت “هآرتس” عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إلى إسرائيل والأردن. وقالت الصحيفة إن هدف الزيارة التي ستتم بعد أيام من الناحية الرسمية هو التعرف على وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، غابي أشكنازي، ولكن بشكل غير رسمي، هدف الزيارة هو تحذير إسرائيل من عزمها ضم المستوطنات في ظل تلك الرسائل والتحذيرات المذكورة.

يشار إلى أن رئيس مجلس الاستيطان دافيد الحياني قد قال قبل أيام إن مخطط الضم لن يخرج لحيز التنفيذ لأن الإدارة الأمريكية تشترط الضم بوجود إجماع إسرائيلي عليه وعلى أن يكون جزءا من “صفقة القرن”.

لقاء مع أشكنازي

ونوهت إلى أن ماس سيصل إسرائيل يوم الأربعاء القادم، ويلتقي مع أشكنازي ومسؤولين إسرائيليين آخرين قبل أن يجري محادثة عبر الفيديو كونفرنس مع القيادة الفلسطينية والتوجه لاحقا إلى الأردن في مساء اليوم نفسه كي يبحث الموضوع نفسه. كما أوضحت “هآرتس” أن الأمم المتحدة تسعى لإعادة الرباعية الدولية للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، على خلفية مخطط الضم، وبمشاركة الأردن ومصر. وتابعت: “يبدو من أقوال دبلوماسيين غربيين أن رد الفعل الدولي على تنفيذ الضم لن يكون ضد إسرائيل، وإنما ضد المستوطنات”.

ومع ذلك حذر دبلوماسي غربي من أن ذلك ربما يتجاوز العلاقة مع المستوطنات وتابع: “إذا لم يكن بالإمكان الفصل أكثر بين الضفة الغربية وإسرائيل، فإن التعاون الأوروبي كله مع الأخيرة سيكون في خطر ومن دون الحاجة إلى الإعلان عن عقوبات أيضا”.

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.