تدبر

” لإيلاف قريش ”

هذه أول آية من سورة قريش تناقش مشكلة حياتية وهي ( إلف النعمة ) ، يقول الله لنا لإيلاف قريش واعتيادهم على إستقامة مصالحهم ورحلتيهم بالشتاء والصيف دون النظر لواهب هذه النعم ومديمها !

كان أهل قريش معتادين على الفقر والجوع والحياة البدائية البسيطة..

لدرجة عندما يصل أحدهم لشدة الفقر كان ياخد أهل بيته لمكان يسمى بالخباء يمكثوا فيه حتى يموتوا من الجوع كلهم …
والعادة هذه في الجاهلية كان اسمها الاعتفار …

وكان هناك عائلة كبيرة اسمها بني مخزوم كانوا كلهم سيموتوا من الجوع الشديد ، عندما وصل خبرهم لهاشم بن عبد مناف أحد كبار التجار .. استاء من وجود هذا الجهل والفقر في أهل البيت الحرام ،
فجاء هاشم بن عبد مناف وغير هذه العادة …
وقال لهم أنتم أحدثتم عادة تُذَلون بها بين العرب وأنتم أهل بيت الله والناس لكم تبع ..

فقسم القبيلة لعشائر ،

وأمر كل غني منهم بتقسيم ماله مع الفقراء من عشيرته حتى أصبح الفقير مثل الغني …

وعلمهم أصول التجارة ،

ونظم لهم رحلتين في العام ،

رحلة للشام ورحلة لليمن…

في الشام علمهم تجارة الفواكه في الصيف …

وفي اليمن علمهم تجارة المحصولات الزراعية في الشتاء ، حتى جاء خير الشام وخير اليمن لمكة وأصبح سكان مكة في حال أفضل وانتهت ظاهرة الاعتفار ..

بدأ أهل قريش يكفروا بالنعمة بعدم شكر الله عليها..
كفران النعم هو أن تألفها فلا تراها نعمة ..

فلما ألفت قريش النعم التي أنزلها الله عليهم…
أنزل الله فيهم الأمر الإلهي بأن يعبدوا رب هذا البيت …

(فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)

نعم الله على الناس عموماً لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة وهي دوام النعمة…
وهي إطعامهم بعد الجوع … وتأمينهم بعد اعتيادهم العيش في رعب وخوف من الموت … ( أطعمهم من جوع * وآمنهم من خوف )

لا تألف فتجحد ، لكن اشكر الله تألفك نِعمته ….
افرح بنعمة الله عليك واشكرها حتى لو تكررت ألف مرة ، لأن مجرد دوام النعمة نعمة ، وإلف النعمة وعدم شكرها جحود وظلم ..

ولتبقى كلمة ” الحمدلله ” على لسانك في كل وقت ، قلها بقلبك عن رضا واقتناع …
الحمدلله دائماً وأبدا

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.