تأملات في حديث السبعة الذين يظلهم الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ : الإمَامُ العَادِلُ ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه ، ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ ، فَقَالَ : إنِّي أخَافُ اللَّهَ ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)).

تخريج الحديث: الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.

شرح الحديث

يُبَيِّن النَّبيُّ صلَّى الله علَيه وسلَّم : سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّه ، أي : سَبعةُ أصنافٍ مِن هذهِ الأُمَّة يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّه ويَقيهم حَرارةَ الشَّمسِ. يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه ، أي : يَتنعَّمون بِظِلِّه في ذلِك اليومِ الَّذي تَدنو فيه الشَّمسُ مِن رُؤوسِ العِبادِ ، ويَشتَدُّ عليهم حرُّها ، فلا يَجِد أحَدٌ ظِلًّا إلَّا مَن أظَلَّه اللهُ في ظِلِّه.

أوَّلهم : الإمامُ العادِلُ ، أي : حاكِم عادِل في رعيَّتِه يُحافِظ على حُقوقِهم ، ويَرعى مَصالِحَهم ، ويَحكُم فيهم بشريعةِ اللهِ.

والثَّاني : شابٌّ نَشَأ في عِبادةِ ربِّه ، أي: مُجتهِدًا في عِبادةِ رَبِّه ، مُلتزِمًا بطاعتِه في أمرِه ونهيِه.

والثَّالثُ : رجُل قَلبُه مُعَلَّق في المَساجدِ ، أي : شَديد الحُبِّ والتَّعلُّقِ بالمساجدِ يَترَدَّد عليها ويُلازِم الجَماعةَ فيها.

والرَّابعُ : رَجُلانِ تحابَّا في اللهِ ، أي : أحبَّ كُلٌّ منهما الآخَرَ في ذاتِ اللهِ تعالى وفي سَبيلِ مَرضاتِه واجتَمَعَا على ذلِك وتَفرَّقَا عليه.

والخامِسُ : رَجُل طَلَبَته امرأةٌ ذاتُ مَنصِب وجَمالٍ ، أي : دعَته لنَفْسِها امرأةٌ حَسْناءُ ذاتُ حَسَبٍ ونَسَبٍ ، ومالٍ وجاهٍ ، ومَركزٍ مَرموقٍ ، فقال : إنِّي أخافُ اللهَ ، أي : فيَمنعُه خوفُ اللهِ عن اقترافِ ما يُغضِبه.

والسَّادس : رَجُل تَصدَّق صدقةَ التَّطوُّعِ فأخْفَى صَدَقتَه حتَّى لا تَعلَم شِمالُه ما تُنفِق يَمينُه ، أي : فبالَغَ في إخفاءِ صَدقتِه على النَّاسِ ، وسَتَرَها عن كُلِّ شَيء حتَّى ولو كانَ شِمالُه رَجلًا ما عَلِمها. فالصدقة مبدأ عظيم ، وفضلها جسيم ، وثمارها يانعة ، في الدنيا والآخرة ، لا تحصى النصوص في بيان فضلها وثوابها ، ومضاعفة الأجر لصاحبها ، وقربه من الجنة و رضا الله ، وحجبه عن النار ، يقول الله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ).

والسَّابع : ورَجُل ذَكَرَ اللهَ خاليًا ، أي : تذكَّر عَظَمةَ اللهِ تعالى ولِقاءَه ، ووقوفَه بَينَ يَدَيه ، ومُحاسبتَه على أعمالِه حالَ كونِه مُنفرِدًا عن النَّاسِ ففاضَت عَيناه ، أي : فَسالَت دُموعُه خَوفًا مِن اللهِ تعالى.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".