تأملات رمضانية

د.محمد أبونجم

بسم الله الرحمن الرحيم
“الذين اتقوا”
“إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ” (النحل -128)
“معهم بتأييده ونصره ومعونته وهذه معية خاصة” .
“إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا “(الأنفال – 12 ) وقوله لموسى وهارون : ” لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى “(طه -٤٦) وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – للصديق وهما في الغار : ( لا تحزن إن الله معنا ) (التوبة – 40 ) . وأما المعية العامة فبالسمع والبصر والعلم ، “وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ” ( الحديد – 4 ) ، ” ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ” ( المجادلة – 7 ) .
الذين اتقوا ، الذين تركوا المحرمات والذنوب وهم محسنون ،وفعلوا الطاعات ، فهؤلاء الله يحفظهم ويكلؤهم ، وينصرهم ويؤيدهم ، ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم .ً(ابن كثير). فهي اذا معية ربانية خاصة يهبها الله للذين أتقوا والذين هو محسنون !
” وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (البقرة -١٩٥) ؛ فالإحسان: هو أداء الواجبات وترك المحرمات والاجتهاد في أنواع الخير وزيادة على ذلك من الصدقة على الفقير ومواساة المحتاج، والإعانة على الخير، وعيادة المريض، الشفاعة في حق المظلوم ونصره، ردع الظالم، تشميت العاطس، رد السلام، البداءة بالسلام، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، تعليم الناس الخير..
هكذا هم أهل الإحسان هم الذين يؤدون الواجبات وينتهون عن المحرمات، ومع ذلك يجتهدون في وجوه الخير، وأعمال الخير الذي لا تجب عليهم يجتهدون فيهاأيضا حتى يستوفوا منها الخير الكثير كما في الحديث يقول ﷺ لما سئل عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.(صحيح ).
فالمحسن يعبد الله كأنه يراه كأنه يشاهده، فإن لم يستحق تلك الدرجة عمل على أن الله يراقبه، وأن الله يطلع على أعماله وهو يستحضر هذه المشاهدة، يستحضرها رأي العين حتى يكون ذلك أشجع له على فعل المزيد من الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والكف عن المحرمات والعناية بالواجبات.
المحسن، يحرص على كل خير من واجب ومستحب ويتباعد عن كل شر وعن كل ما ينبغي تركه ولو كان غير محرم.
انها معيةُ الله ومن احسن رفيقًا من الله العظيم الاعظم …”وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (النساء -٦٩).
فإن تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله هي القوة الدافعة الحامية الحقيقية التي تصنع الطمأنينة والاستقرارفي قلوب عباد الله الصالحين وأن الطغاة مهما قويت شوكتهم وسيطرت سلطتهم لن يناولوا من أرواح عباد الله الصالحين وأن أحرقوا اجسادهم بالنار والحديد وإن حبسوهم وراء القضبان الفولاذية. لأن أرواحهم تحلق في حمى الرحمن جل في علاه وحسن أولئك رفيقًا .
فكبروا عقولكم ؛ فليست الراحة والأمان والاطمئنان في القلاع ذات الدروع المحصنة المدججة بالسلاح والحراس المدربين وليست في الحسابات البنكية الفلكية الأرقام ولا بالقوة الجسدية الخارقة والعضلات الملفوفة وانما هي بتقوى الله وطاعة ورسوله صلى الله عليه وسلم.
” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ” (الحج -٣٨).

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".