برنامج تلفزيوني يكشف انتهاكات صارخة في دار للمسنين يديرها «نقابي» تونسي و«اتحاد الشغل» يتبرأ ويستنكر

أثار تحقيق تلفزيوني جدلا سياسيا كبيرا في تونس، بعدما كشف عن انتهاكات صارخة داخل مركز رعاية للمسنين يُشرف عليه «نقابي» وعدد من العاملين غير المؤهلين، حيث طالب سياسيون ونشطاء بمحاكمة القائمين على المركز، وخاصة في ظل الحديث عن تستّرهم على حالات وفاة بين المسنين بسبب الإهمال، فيما تعهّد اتحاد الشغل بمحاسبة النقابي المذكور، الذي قال إنه يسعى للإساءة إلى صورة منظمة الشغيلة أمام الرأي العام التونسي.

سياسيون يطالبون بمحاسبة القائمين عليها بتهم تتراوح بين القتل والاعتداء الجسدي

وكشف برنامج «الحقائق الأربع» الذي تبثه قناة «الحوار التونسي» عن انتهاكات كبيرة داخل مركز لرعاية المسنين في مدينة «قرمبالية» القريبة من العاصمة التونسية، حيث أشار إلى تعرض المسنين إلى الشتم والإهانة والاعتداء الجسدي من قبل العاملين في المركز، مؤكدا أنهم تستروا على عدد من حالات الوفاة داخل صفوف المسنين بسبب «الإهمال والتجويع وتقديم طعام فاسد لهم».
كما أكد البرنامج، الذي يقدمه الإعلامي حمزة البلّومي، أن أغلب العاملين في المركز «غير مؤهلين»، مشيرا إلى أن النقابي عبد الحميد الفري الذي يشرف حاليا على المركز، يعمل في الأصل «حلاقا»، لكنه استفاد من انتمائه إلى اتحاد الشغل في توسيع نفوذه ليشمل تسيير المركز بالكامل.
وخلال شريط الفيديو الذي بثه البرنامج، تعرّض الصحافي أسامة الشوالي، الذي أعد التحقيق الاستقصائي إلى الاعتداء من قبل الفري، بعدما اكتشف الأخير أنه يلتقي عددا من المسنين ويوثق الانتهاكات التي تعرضوا لها في المركز، حيث حاول الفري احتجازه قبل أن يعنفه ويحاول تحطيم آلة التصوير لديه.
وأثار التحقيق موجة استنكار واسعة في تونس، حيث دوّن الوزير السابق حاتم العشي على صفحته في موقع فيسبوك «الصحافي في برنامج الحقائق الأربع أسامة الشوالي (…) بعد ان وقع التفطّن له بوصفه صحافيا استقصائيا تعرض الى التعنيف من قبل القيم العام بدار المسنين والطباخ وسائق، وكل شيء موثق. وباعتبار هذا القيم العام منتميا الى نقابة لدار المسنين حاول ان يستبق الأمر وهو لا يعرف ان كل شيء موثق بالصور لأنه قد وقع الاستيلاء على الهاتف الجوال للصحافي أسامة الشوالي ونسي انه وقع توثيق كل ما حصل، وادعى تعرضه للتعنيف، بل انه قرر تنظيم وقفة احتجاجية استباقا لفضيحة يوم الخميس، وما سيظهر في البرنامج. كل التضامن مع الصحفي أسامة الشوالي ومع كل أسرة برنامج «الحقائق الأربع» الذين يتعرضون الى الهرسلة والتعنيف بصفة متواصلة».
وأضاف في تدوينة أخرى (بعد بث البرنامج) «ما شاهدته اليوم في دار المسنين في قرمبالية في برنامج «الحقائق الأربع» تقشعر منه الأبدان، الآن فهمت لماذا قاموا بضرب الصحافي أسامة الشوالي. القيم العام يجب التحري معه فورا وما فعله جرائم بالجملة ولا يجب أن يتحدث أحد بعد الآن عن انتمائه للنقابة (…) أطلب أن يقع التدخل من أعلى مستوى لوضع حد لهذه المأساة وإبعاد هذه العصابة اللاإنسانية. وأقول لهذا القيم العام: تونس ما زال فيها رجال».
وكتب النائب السابق محمود البارودي «ما شاهدناه اليوم في برنامج الحقائق الأربع يندى له الجبين، تقشعر منه الأبدان ويؤكد ما كنّا نقوله عن الفساد المستشري في دار المسنّين في قرمبالية. عذرا السادّة النواب والمسؤولين المحليّين والجهويّين لكنكم أظهرتم انّكم خارج إطار الخدمة كي لا أقول إنّكم متواطئون مع هذه العصابة التي فقدت كل انتمائها إلى الإنسانيّة».
وأضاف الناشط السياسي فيصل المباركي «ما يقع في مركز المسنين بقرمبالية جريمة بشعة تقتضي محاسبة المشرفين والمنفذين والمتخاذلين في المراقبة والإشراف، ولكنه أيضا يجب أن يطرح بشدة الجرائم التي ارتكبت بحق الدولة التونسية منذ 2011 تحت وهم الثورية وتحت شعارات الثورجة وما ترتب عن ذلك من تولي أميين وفاسدين وحتى حاقدين على الدولة التونسية لمناصب عليا في الدولة (…) ناهيك عن التعيينات الإدارية والانتدابات المشبوهة للعملة والإطارات منذ 2011، وتحت مسميات عديدة. قلت واعيدها ما زالت الكوارث وما زالت المآسي التي ستكتشف وتخرج للعلن من وراء الجدران المغلقة، ما دام لم يتحل الجميع بالجرأة والشجاعة وفتح جميع الملفات والمرور إلى الجمهورية الثالثة، جمهورية الدولة القوية والناجعة والعادلة بحزم».
وسارع اتحاد الشغل للتعبير عن إدانته لما قام به المسؤول عن دار المسنين، حيث عبّر أمينه العام، نور الدين الطبوبي، عن رفضه لـ”السلوك المشين” الذي قام به النقابي عبد الحميد الفري، مؤكدا أنه سيتخذ «الإجراءات التأديبية اللازمة» في حقه. وأوضح بقوله ”النقابي الذي يريد استغلال صفته لتشويه المنظمة لا مكان له في الاتحاد العام التونسي للشغل”، فيما اتهم مكرم عطية، رئيس بلدية قرمبالية، برنامج «الحقائق الأربع» بـ«الفبركة الإعلامية»، حيث دوّن على صفحته في موقع فيسبوك «مركز رعاية المسنين بقرمبالية من افضل مراكز رعاية المسنين، وسيظل رغم الفبركة الإعلامية التي افتعلها البرنامج بتعمده شيطنة الإداريين والعملة وتصوير المؤسسة كمنفى أو كسجن تنتهك فيه الحقوق في أعتى الدكتاتوريات. ما وقع تسويقه – بشكل فيه من الخبث الشيء الكثير- تشويه متعمد. لماذا بث لقطات لعب فيها المقص ولم يتم بث كامل التسجيل الذي تم داخل المركز».
وأضاف «لا أريد القول إن العمال والاداريين في المركز ملائكة، سأترك هذا الأمر للقضاء وللتحقيقات ولإعلام نزيه يبحث في الموضوع ولا يبحث عن الفرقعات الإعلامية. أنا قمت بزيارات غير معلنة للمركز وتواصلت مع المقيمين فيه ولدي صداقات مع معظمهم وأعرف بظروفهم وطباعهم وجلست معهم أوقاتا طويلة بعيدا عن الإداريين والعمال، وأكلت معهم»، مشيرا إلى أن ما ذكره التحقيق عار من الصحة، في حين أكدت مصادر قضائية أن المحكمة الابتدائية في قرمبالية بدأت التحقيق في اتهامات موجهة للعاملين داخل مركز رعاية المسنين المذكور، وتتعلق بالسرقة وممارسة انتهاكات ضد المسنين، فضلا عن الاعتداء على صحافي خلال ممارسته لعمله.
يُذكر أن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، عبّر في وقت سابق عن تضامنه مع الإعلامي حمزة البلومي، بعد تعرّضه لحملة تكفير عقب كشف برنامجه «الحقائق الأربع» عن تجاوزات داخل إحدى المدارس القرآنية في ولاية سيدي بو زيد (وسط).

رابط فيديو البرنامج:
https://www.facebook.com/EttounsiyaTV/videos/684596008635403/?t=769

شاهد أيضاً

استقالة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد الفشل في 7 أكتوبر

صرح الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الإثنين، إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ميجر جنرال أهارون هاليفا، استقال، وإنه سيترك المنصب بمجرد تعيين خلف له.