بدأت قبل وعد بلفور وحتى وصفهم “إرهابيين”.. حرب بريطانيا المستمرة ضد الفلسطينيين

أقر مجلس العموم (الغرفة الأولى بالبرلمان) البريطاني، الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية بريتي باتيل لتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -بجناحيها السياسي والعسكري- إرهابية.

ومن المقرر أن يعرض القرار على مجلس اللوردات (الغرفة الثانية بالبرلمان) البريطاني اليوم الخميس، ويدخل الحظر حيز التنفيذ غدا الجمعة، ويتضمن عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاما أو الغرامة على من يدعم حركة حماس أو يرفع أعلامها أو شعاراتها.

وقبل أيام، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل أنها قدمت مذكرة في البرلمان لتعديل الفصل الثاني من قانون الإرهاب لعام 2000 لحظر حركة حماس بالكامل، بما في ذلك جناحها السياسي، وتصنيفها إرهابية.

وقالت باتيل -وهي من أبرز “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين- إن “جماعات مثل حماس تهدد حرياتنا بمعاداتها للسامية”.

قرار بريطانيا الأخير المنحاز لإسرائيل أعاد إلى الأذهان سلسلة قرارات وخطوات معادية أصدرتها لندن تجاه فلسطين، بدأت قبل “وعد بلفور” عام 1917 الذي مهّد لتأسيس إسرائيل ومكّن اليهود من احتلال أرض فلسطين، وطرد سكانها وهدم القرى والمنازل وارتكاب المجازر، مرورا بتسهيل عمليات الهجرة اليهودية، وصولا إلى إعلان تأسيس الدولة رسميا عام 1948.

وطن قومي لليهود
ـ عام 1830: تولى هنري جون تيمبل (المعروف باللورد فيسكونت بالمر ستون الثالث) وزارة الخارجية البريطانية، وكان ضعف الإمبراطورية العثمانية واضحا لذا حاول بالمر ستون أن تبقى الدولة العثمانية حية وبحث عن من يحمي مصالح بريطانية في الشرق العربي فوجد ضالته في اليهود وذلك بتأسيس كيان لهم في المستقبل.

ـ بحث بالمر ستون الموضوع مع اللورد شافتسبري وهو صاحب الجملة المأثورة (فلسطين أرض بلا شعب إلى شعب بلا أرض) أي اليهود وقد تبنى اليهود الصهاينة هذه الجملة وأصبحت أول الشعارات الصهيونية.

ـ عام 1834: استمر الدور البريطاني في الاهتمام بتشجيع اليهود للهجرة إلى فلسطين.

ـ ساعد الإنجليز عددا من اليهود على شراء الأراضي في فلسطين وبناء مستعمرات يهودية عليها ولا سيما في مناطق ملبس وعيون قاره والخضيرة وتل الربيع.

ـ عام 1838: فتحت بريطانيا أول قنصلية لها بالقدس في ظل الحكم العثماني مستفيدة بذلك من قوانين الصلح العثماني، وكان من اهتماماتها العناية باليهود من أجل إنشاء كيان لهم في المنطقة الجغرافية الفاصلة بين شقي الوطن العربي أي بين قارتي آسيا وأفريقيا حتى لا يكون هنالك تواصل للمنطقة قد يؤدي في المستقبل إلى أي تحركات عسكرية وعدم قيام وحدة عربية وضمان مصالحها في منطقة الخليج العربي وسهولة الوصول إلى بلاد الهند والتأمين الدائم لطريق الحرير والذي كان وقتها عصبا اقتصاديا مهما.

ـ 11 أغسطس/آب 1840: بعث بالمر ستون رسالة إلى السفير البريطاني في تركيا طلب فيها حث السلطان على إصدار قرار تشجيع اليهود المبعثرين في أوروبا على السفر إلى فلسطين تحت حماية السلطان ومباركته.

ـ كان الهدف الأول من هذا التخطيط مصلحة بريطانيا التجارية وذلك بسبب موقع فلسطين على الطريق بين بريطانيا والهند.

ـ عدا عن ذلك كان بالمر ستون يرى أن الوجود اليهودي في فلسطين يحقق أيضا مكسبين آخرين للمصالح البريطانية، أحدهما مباشر وهو وجود مجموعة موالية لبريطانيا في منطقة ليس فيها من يواليها، وآخر غير مباشر هو تدفق رأس المال اليهودي للسلطان العثماني لدعم نظامه الاقتصادي المنهار فيصبح السلطان طوع السياسة البريطانية اليهودية.

ـ من الثابت تاريخيا أن الصهيونية المسيحية كانت حتى منتصف القرن الـ19 مقتصرة على غير اليهود الذين اختاروا مناصرة اليهود، وأن الانتقال بالمشروع الصهيوني من الساحة الأوروبية المسيحية إلى المسيحية اليهودية كان متعثرا.

ـ مع مرور نحو 30 عاما أخذت الدعوة تلقى نجاحا بين اليهود فبدأت بعد ذلك الهجرة الجماعية لليهود إلى فلسطين وأيضا إلى أميركا، فكانوا نواة الجالية اليهودية الضخمة وكانوا في فلسطين نواة الصهاينة.

ـ أقيمت مستعمرات في فلسطين وواجهت هذه المستعمرات وعملية الاستيطان في فلسطين مقاومة عنيفة ومسلحة من العرب بهجومهم على هذه المستعمرات سنة بعد أخرى.

ـ بعد ذلك بدأت الحركة الصهيونية في الانتشار ويعتبر اليهودي تيودر هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية أول من خطط لإنشاء دولة يهودية على أرض فلسطين عن طريق استخلاص ملكية الأرض التي ستعطى لهم وتشجيع أهالي فلسطين على النزوح إلى البلدان المجاورة.

ـ 29 أغسطس/آب 1897: عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة بال بسويسرا وكان أبرز قضايا هذا المؤتمر بعث اليهودية في يهود أوروبا الغربية وتعليم اللغة العبرية لليهود والقضية الأساسية توجيه أنظار اليهود ومشاعرهم نحو فلسطين وتحويلها عن أميركا الجنوبية وعقدوا عدة مؤتمرات لنفس الغاية.

ـ حاول هرتزل الحصول على فلسطين من السلطان عبد الحميد بعدة طرق منها الإغراءات المالية والمادية وذلك بسداد ديون الدولة العثمانية وأيضا إنشاء شركة يهودية عثمانية وإرسال الوساطات الأوروبية والتركية لدى السلطان لإقناعه وفشل هرتزل فيها كلها ثم قرر الحصول على فلسطين عن طريق إنشاء جامعة عبرية في القدس، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض.

ـ توفي هرتزل دون أن يحقق حلمه وحاول بعده الكثيرون السير على خطاه لتأسيس دولة للصهاينة واستمر تهجير اليهود إلى فلسطين وخطط الصهاينة لإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين بعد أن يكثر العنصر اليهودي فيها.

ـ عام 1915: كتب السياسي البريطاني الصهيوني هيربرت صاموئيل مذكرة سرية بعنوان “مستقبل فلسطين” للحكومة البريطانية.

ـ عام 1916: عقدت الاجتماعات بين الصهاينة والإنجليز وفرنسا ووقعت اتفاقية سايكس بيكو، ووضعوا خططا للاستيطان حول قناة السويس.

Portrait of Arthur James Balfourآرثر جيمس بلفور تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا بين 1902 و1905 وأصبح وزيرا للخارجية من 1916 إلى 1919 (غيتي)
عام 1917.. “وعد بلفور”
ـ في هذه الفترة عين بلفور وزيرا للخارجية البريطانية وهو المعروف عنه أنه صهيوني أكثر من الصهاينة وكان آنذاك لوير جورج رئيس الوزراء فبعث بلفور مندوبا عنه كلفه بالمفاوضات مع الحركة الصهيونية ودراسة طلباتها بشأن فلسطين.

ـ اجتمع بلفور معهم وبدؤوا بمطالبة الحكومة البريطانية إصدار وعد حكومي رسمي بإعطائهم فلسطين بعد النصر في الحرب العالمية وهكذا تمت الخطة لوضع صيغة وعد بلفور ووقعت عليه الحكومة البريطانية وكان مبررهم لذلك رغبتهم أن يستقطبوا يهود ألمانيا لينضموا ليهود بريطانيا بمساعدة الإنجليز في الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918).

ـ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917: بعث وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بَلفور، رسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية، عُرفت فيما بعد باسم “وعد بلفور”.

ـ جاء في نص الرسالة: “حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.

ـ زعم بلفور في رسالته، أن بريطانيا ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين، وهو ما لم تلتزم به.

ـ تزامن الوعد، مع احتلال بريطانيا، لكامل أراضي فلسطين التاريخية خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

ـ عام 1918: قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد صهيوني إلى فلسطين ضم حاييم وايزمان أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، وكان وايزمان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946، ثم انتخب كأول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949.

ـ كان الهدف من الزيارة هو دراسة الأوضاع على الطبيعة في ضوء تصريح بلفور ونصح اللنبي قائد القوات البريطانية في فلسطين وايزمان بزيارة الأمير فيصل بن الشريف حسين أمير مكة وقائد الجيش العربي وقتئذ، فقابله وربط بينهما صداقة استمرت مدى الحياة. وفي تلك الزيارة وضع حجر الأساس للجامعة العبرية التي افتتحت بعد ذلك بـ7 سنوات (1925).

ـ عام 1918: عرضت الحكومة البريطانية نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي وودرو ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، كما وافقت عليه كل من فرنسا وإيطاليا رسميا.

“مؤتمر سان ريمو”.. صك الانتداب
ـ عام 1920: عُقد “مؤتمر سان ريمو” للقوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وقرر المجتمعون منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين.

ـ يوليو/تموز 1921: أعلنت عُصبة الأمم (الأمم المتحدة حاليًا) مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، وذكرت أن المشروع جاء بناءً على الوعد الذي أطلقه بلفور عام 1917، بإنشاء وطن لليهود في فلسطين.

ـ خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، عملت لندن على استجلاب اليهود من كافة دول العالم، وتنظيمهم وتقديم الدعم لهم لتأسيس دولة إسرائيل.

ـ ارتكبت القوات البريطانية خلال تلك الفترة عددا من المذابح، وقمعت الثورات الفلسطينية وأبرزها ثورة عام 1920، وثورة البراق عام 1929، وثورة القسّام عام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.

الانسحاب من فلسطين.. إعلان دولة إسرائيل
ـ 9 أبريل/نيسان 1948: أبادت العصابات اليهودية قرية دير ياسين الفلسطينية عن بكرة أبيها وقتلت جميع سكانها البالغ عددهم آنذاك 279 شخصا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، فيما كان المندوب السامي البريطاني يراقب المجزرة من مقره الذي لم يكن يبعد سوى بضعة كيلومترات عن مسرحها.

blogs مجزرة دير ياسينمجزرة دير ياسين (
ـ 14 مايو/أيار 1948: انسحبت بريطانيا من فلسطين وأعلنت المنظمات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن تم تهجير قرابة 950 ألف فلسطيني عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف.

ـ عام 2001: صنفت بريطانيا “كتائب القسام” الجناح العسكري لحماس “منظمة إرهابية”.

ـ عام 2002: صحيفة الغارديان قالت إن حكومة توني بلير (1997 ـ 2007) قد وصلت في مساندتها لإسرائيل إلى حدود لم تجرؤ حكومة مارغريت تاتشر (4 مايو/أيار 1979 – 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1990) حتى على التفكير فيها.

لقاء خاص /توني بلير – رئيس الوزراء البريطانيرئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق توني بلير (الجزيرة)
ـ 27 يونيو/حزيران 2007: عين رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق توني بلير مبعوثا دوليا للجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط واتسمت مواقفه بالانحياز إلى إسرائيل.

ـ ديسمبر/كانون الأول 2012: امتنعت بريطانيا وألمانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن التصويت تجاه مشروع قرار الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة (عضو مراقب).

ـ أغسطس/آب 2014: تحدثت تقارير إعلامية عن مقترح ألماني بريطاني فرنسي يجري بحثه يرتكز على أساس إعادة إعمار قطاع غزة مقابل نزع سلاح المقاومة الفلسطينية.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 2014: صوّت مجلس العموم بأغلبية 274 صوتا مقابل 12 للاعتراف بدولة فلسطينية، لكن رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون (11 مايو/أيار 2010 ـ 13 يوليو/تموز 2016) تجاهل التصويت غير الملزم.

ـ كاميرون وصف نفسه بأنه “صديق شغوف” لإسرائيل، وأصر على أنه لا شيء يمكن أن يكسر هذه الصداقة.

ـ عام 2015: في رحلته إلى إسرائيل كرئيس لبلدية لندن، أشاد بوريس جونسون (رئيس الحكومة الحالية) بوعد بلفور ووصفه بأنه “شيء عظيم”.

ـ ديسمبر/كانون الأول 2016: تبنت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي رسميا تعريف معاداة السامية، كما هو صادر عن التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية)، والذي يعتبر حتى انتقاد إسرائيل وتشبيه ممارساتها بالممارسات النازية، ممارسة معادية للسامية.

تيريزا ماي.. تاتشر الجديدةرئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي (الجزيرة)
ـ عام 2017: قبيل إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والاعتذار عن وعد بلفور الذي أسس لاحتلال بلاده.

ـ بريطانيا رفضت الاعتذار، بل على العكس، عبّرت تيريزا ماي وقتها، عن رغبتها بالاحتفال بمرور 100 عام على “الوعد”.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 2017: قدم جونسون بصفته وزير الخارجية وقتها مناقشة في مجلس العموم حول وعد بلفور، وكرر فخر بريطانيا بالدور الذي لعبته في إقامة دولة يهودية بفلسطين.

ـ مايو/أيار 2021: عندما أقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إنشاء لجنة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان التي ارتكبتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كانت بريطانيا على رأس 9 دول رفضت القرار وهي النمسا، وبلغاريا، والكاميرون، وتشيكيا، وألمانيا، ومالاوي، وجزر المارشال وأوروغواي.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + ويكيبيديا

شاهد أيضاً

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل رقيب وصواريخ المقاومة تدك غلاف غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل رقيب احتياط في معارك شمال قطاع غزة، وفي حين تواصل المقاومة الفلسطينية عملياتها ومنها إطلاق صواريخ على مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، تستعد قوات الاحتلال لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.