بازفيد: كيف تسللت السعودية إلى تويتر؟

نشر موقع “بازفيد” الأمريكي تحقيقا مطولا عن كيفية تسلل الحكومة السعودية إلى داخل مقر شركة تويتر في سان فرانسيسكو، وزرع رجليها علي آل زبارة وأحمد أبو عمو للتجسس على النشطاء والمعارضين.

وفي تفاصيل التحقيق، الذي ترجمته “القدس العربي” وستنشره على أجزاء، أصيب علي آل زبارة بالذعر وتسابق قلبه أثناء توجهه إلى منزله من مقر تويتر في سان فرانسيسكو في وقت مبكر من مساء يوم 2 ديسمبر 2015. كان بحاجة لمغادرة البلاد بسرعة.

في وقت سابق من ذلك اليوم، اتهمت إدارة تويتر علي (32 عاما) بالوصول إلى الآلاف من ملفات تعريف المستخدمين دون ترخيص لتمرير معلوماتهم – بما في ذلك أرقام الهواتف وعناوين IP – إلى بدر العساكر، رئيس جمعية محمد بن سلمان الخيرية ومدير مكتبه الخاص.

عندما انتهى الاجتماع بين تويتر وعلي، استولت إدارة الشركة على كمبيوتره المحمول، ووضعته في إجازة إدارية، وتمت مرافقته خارج المبنى.

عند عودته إلى شقته في سان برونو – مجمع قريب جدا من مطار سان فرانسيسكو الدولي- خطط علي للهروب. في تمام الساعة 5:17 مساء اتصل بشخص، تم تحديده على أنه مساعد رقم 1، في شكوى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، الذي وصل بسيارة دفع رباعي بيضاء بعد ساعتين. أثناء تجوله بالسيارة حول حي علي، قام الرجلان بالاتصال بـ”المسؤول الأجنبي” – العساكر، وفقا لصحيفة واشنطن بوست – في الساعة 7:20 مساء، ومرة ​​أخرى في الساعة 7:22 مساء. وفي 7:31 مساء اتصلا بالدكتور فيصل السديري، القنصل العام السعودي في لوس أنجليس، وبعد منتصف الليل بفترة وجيزة، استدعى القنصل العام آل زبارة وتحدث معه لمدة ثلاث دقائق.

في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، استقل آل زبارة وزوجته وابنته طائرة متجهة إلى المملكة العربية السعودية.

من مايو 2015 حتى تم كشفه في ديسمبر، تجسس آل زبارة لصالح الحكومة السعودية داخل تويتر.

قام آل زبارة وأحمد أبو عمو، زميله في فريق تويتر العالمي للإعلام، بالوصول إلى المعلومات التي ساعدت المخابرات السعودية على التعرف على المنشقين المجهولين.

على الرغم من فرار آل زبارة، إلا أنه وأبو عمو، الذي بقي في الولايات المتحدة، متهمان حاليا في المحكمة الفيدرالية الأمريكية بتهمة التصرف كـ”عميل سري” للحكومة السعودية. بغض النظر عن الحكم، كشفت هذه القضية عن تعرض شركات التكنولوجيا لمحاولة التسلل. موظف واحد- في وضع متمكن- يمكن أن يسبب أضرارا واسعة النطاق.

يقول عبد الله العود، الباحث القانوني بجامعة جورج تاون الأمريكية، وسجن والده في السعودية: “إن الرسالة التي يتلقاها محمد بن سلمان من العالم، ومن الدول القوية، ومن المجتمع الدولي، هي أنه سيفعل كل ما فعله أو سيفعله” وأضاف .”لأنه يملك المال، يمكنه التحكم في عملية النفط. لذلك، سيعود الجميع إلى العمل كالمعتاد”.

التحث آل زبارة، الموظف المجتهد، بتويتر في أغسطس 2013. جاء في البداية إلى الولايات المتحدة في عام 2005، على منحة دراسية من بلاده، وحصل على شهادات في علوم الكمبيوتر في جامعات أمريكية مختلفة، وكان مهندسا لموثوقية الموقع، أُوكلت إليه مهمة الحفاظ على الموقع. انضم إلى الشركة في وقت مهم كانت فيه الخدمة تنمو بسرعة خارج الولايات المتحدة وتبرز كقوة سياسية في جميع أنحاء العالم.

خلال عمله في تويتر، التقى آل زبارة مع أبو عمو، الذي انضم إلى الشركة في نوفمبر 2013.

انضم أبو عمو إلى تويتر قبل أيام فقط من العرض العام الأولي للمنصة. وصل إلى فريق الإعلام العالمي التابع له وكان مسؤولاً عن الاستخدام المتزايد في الشرق الأوسط. قضى أبو عمو أيامه في التحدث والتواصل مع شخصيات بارزة في الشرق الأوسط – في الأخبار والحكومة والرياضة والتلفزيون والموسيقى – لتحفيزهم على النشر على الموقع.

لكن بالإضافة إلى وظيفته المعتادة، فإن أبو عمو كان لديه مهمة ثانية لها علاقة بالمملكة العربية السعودية.

إغواء.. طلب تحقق
بدأ إغواء أبو عمو من قبل الحكومة السعودية بطلب تحقق. ففي أبريل 2014، طلبت شركة علاقات عامة تمثل السفارة السعودية من أبو عمو التحقق من حساب ينتمي إلى شخصية إخبارية سعودية. وهو ما فتح الباب أمام علاقة عمل مع حكومة البلد.

كل الشر يبدأ بطلب التحقق، قال أحد الزملاء السابقين لأبو عمو مازحا. بعد التبادل المبدئي، طلب ممثل من مجلس الأعمال السعودي الأمريكي في فرجينيا من أبو عمو إجراء جولة في مقر تويتر. تضمنت الجولة، المفترض أن تكون لرجل الأعمال، بدر العساكر، المسؤول لدى بن سلمان، الذي كان في ذلك الحين في منتصف الصعود السريع إلى السلطة.

التقى أبو العمو والعساكر في لندن بعد بضعة أشهر. في الاجتماع، أعطى العساكر لأبو عمو ساعة “Big Bang” باهظة الثمن. في يناير 2015، حاول أبو عمو بيعها على موقع Craigslist، مدعيا أن قيمتها تبلغ 35 ألف دولار، لكنه سيقبل بـ20 ألفا.

بعد أسبوع من عودته إلى مقر تويتر في سان فرانسيسكو، قام أبو عمو بتسجيل الدخول إلى النظام الذي استخدمه للتحقق من المستخدمين، بما في ذلك عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف وتاريخ آخر تسجيل دخول – بيانات شخصية كافية لتعقب المستخدمين.

تمكن أبو عمو من الوصول إلى معلومات عن المنشقين السعوديين – أحدهما منتقد بارز مع أكثر من مليون متابع، والآخر ينتحل شخصية أحد أفراد العائلة المالكة السعودية – يُقال إن أبو عمو قام بتسليم المعلومات إلى العساكر.

على مدار عامين، دفع العساكر لأبو عمو- عن طريق التحويلات البنكية إلى حسابات مختلفة وأحد أقربائه المقربين- أكثر من 300 ألف دولار، استخدم بعضها كدفعة مقدمة لشراء منزل في سياتل.