النكتة توظيف اجتماعي للتاثير على مقدرات الأمة فانتبهوا

بقلم: ه. ب. ذهبي

لطالما عبرت النكتة عن احتياجات الشعوب و انتقاذاتها للوضع المعيشي. حيث تعددت أنواعها و مضاميرها بين السياسي و الاجتماعي و في بعض الأحيان لتفريغ الكبث الذي تعاني منه بعض الشعوب.

لكن حينما تطال هذه النكت العلاقات الزوجية و بالأخص الزوجات. لتغرس بذلك فكرا جديدا في عقول الناس بأن الزوجة مخلوق منبوذ لدى الزوج و لا يصدر منه الا القلق و العكننة. بل يصور الزوج على أنه يتمنى الخلاص منها بأي شكل وبأي صورة.

و تعمقت الآفة لحد تصور فيه الزوج يفرح بموت الزوجة أو يساعد على ذلك .. امتدت النكتة وتمادت أكثر وأكثر. و للاسف فهي تجد قبولاً كبيراً بين المتابعين ويتم تداولها على نطاق واسع. و دلالة هذه الظاهرة خطيرة لأنها أظهرت مدى قبول المجتمع لهذا الفكر المريض و تفاعله معه إيجابا.

هذه الرسائل تصل إلى كل شرائح المجتمع .. تصل إلى الشاب المقبل على الزواج ، تصل إلى الولد والبنت ، تصل إلى الزوج والزوجة .. وتمارس التأثير الفكري الخفي الذي وجدت من أجله ..

النكتة هي أسرع الوسائل وأنجحها لغسيل المخ والتأثير على الفكر .. ولهذا نجدها تغزونا في أكثر المواضيع حساسية وتأثيرا على المجتمعات .. لترسخ في العقول وكأنها حقيقة مطلقة، وبالتالي تمارس دورها في تفكيك المجتمعات والنيل من الروابط الاجتماعية بين الأفراد ..

و اذا رجعنا للتاريخ القريب فإننا نجد أن الطابور الخامس كان وراء العديد من النكت في المجتمعات العربية و الإسلامية.

حيث استخدمت النكتة منذ زمن بعيد للتأثير على إرادة الشعوب للتحرر من الاستعمار. حيث استخدمها الاحتلال البريطاني في مصر لكسر شوكة الصعيد الأحرار الذين أذاقوا الإنجليز صروفا من العذاب بثوراتهم ضد الاحتلال البريطاني آنذاك. فما كان من العملاء إلا اطلاق النكت الكثيرة ومشاهد السخرية العديدة على الصعايدة في مصر. بل وألصقوا فيهم صفة الغباء والكسل والفوضى، وهم في الحقيقة أكثر الشعوب نخوة و كرما وغيرة و شجاعة. بل وقدموا للعالم العربي الكثير من العباقرة والكتاب والشخصيات المعروفة.

اما في المغرب العربي فكان و لايزال يوصف العربي بالعروبي استهزاءا بمسماه. و تطلق عليه كل صفات السذاجة و عدم التحضر.

و القاسم المشترك بين المشرق والمغرب كان و لايزال نكت الحشاشين و تصويرهم على انهم الشخصية المرحة، الهنيئة و السعيدة. و لنا ان نرى مدى انتشار المخدرات لندرك كيف اثرت هذه الثقافة الهزلية في وعي الشباب و كيف غيبتهم ذهنيا عن مجتمعهم و هدمت مستقبلهم.

و في الغرب كذلك بعض الأمثلة التي تسير في ركب ادلال الخصم و التأثير على عزيمته. حيث أن في فرنسا اغلب النكت هي على “البروطون”. و للإشارة فلهذه المنطقة خصوصيتها الثقافية و اللغوية. و هي الوحيدة التي بها امتياز مجانية الطرق السيارة. و كانت قد عاشت نضالا من أجل استقلالية قرارها و تسييرها فتعرضت لمختلف أنواع النقد و تمثل في بعض النكت، التي تصورهم كمتخلفين ذهنيا و ذوي سلوك معقد يصعب فهمه. كل هذا لتمرير فكرة عدم وضوح مطالب “البروطون” و تأسيس فرنسا الموحدة على شكلها الحالي.

إن هذه الطرائف لا تراعي العرف و لا الدين. و حينما تصل إلى التشكيك في قوة العلاقة الأسرية أو تهوين واستصغار المنكرات من استهزاء بالانتماءات و تفكيك النسيج الاجتماعي و لحمته، فرسولنا صلى الله عليه وسلم كان يقول “استوصوا بالنساء خيرا” وكان أشد الناس وفاء وإخلاصا لزوجاته، كما قال عليه الصلاة والسلام عن القبلية “لا فرق بين عربي و لا أعجمي الا بالتقوى”. فأين نحن من خير البشر كان رحمة مهداة تخيط نسيج المجتمع ليلتحم و يتآزر.

إن النكت هي بمثابة رسائل للوعي الاجتماعي توجهه سلبا و إيجابا. و علينا نشر الرسائل التي فيها المودة والرحمة الوفاء والاخلاص والسعادة الزوجية.
لا التي تحض على كفران العشير وكأن الزواج سجن فتلك افكار الغرب والليبرالية.

ان اكبر خدمة تقدمها لدينك ومجتمعك واسرتك هو ان تُحذِر من هذه النكت ولاتساهم بنشرها لانها تدمر دنيانا وآخرتنا.

حفظنا الله و إياكم و رحم الله عبدا سمع و عمل و بلغ.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *