النفط مقابل الدماء… الغوطة

بقلم الدكتور حسام عدنان

اليوم هو السابع عشر حسب التوقيت الدموي لحملة ابادة نصف مليون محاصر في غوطة دمشق
اليوم حيث ينتهي التدوين بالتاريخ الهجري والميلادي وتكتب الايام في غوطة الشام بالدماء واعداد الشهداء من الاطفال والنساء والمقهورين
في هذه الدقيقة التي استطعت ان اختلي فيها بنفسي لدقائق واخرج من قاعة الجراحة اتخطى العديد من الاطفال والنساء الجرحى التي تصطف في الردهات تغطيها الدماء وتتدلى من اجسادها النحيلة المدنفة التي ماذاقت طعاما منذ ايام بقايا اطرافها الممزقة والصرخات تعلو لتصل عنان السماء تناجي ربها تشكو اليه ظلم البشر كل البشر
ظلم الانسانية الكاذبة
ظلم ائمة المساجد وقساوسة الكنائس
ظلم القادة والملوك واتباعهم من المصفقين والمطبلين
اتجنب وانا خارج ان تقع عيني بعين احدهم لانني لا املك الا عجزي وقهري امام نظرات ألمهم لكنني ابصر بقلبي حرقة قلوبهم واستمع لقرقرة بطونهم الجائعة وصوتها يعلو مع انين جراحهم
لكن احداهن استوقفتني وتمسكت بثيابي المدماة ورائحة البارود الذي يغلي في قلوب قادة العالم يفوح من جسدها الغض الطري
انها طفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها غطى وجهها النقي سواد شديد كسواد قلوب الكثير من اصحاب العمائم والصلبان الذين مازالوا يتحدثون عن نواقض الوضوء ورسائل السلام في ذات الوقت الذي تنتقض عرى ايمانهم في كل لحظة صمت قذر ومخز عن المجازر التي تجري امام اعينهم في غوطة دمشق
وهل رسائل السلام والمحبة اوراق تكتب ام افعال تجري لوقف تلك المذابح بحق الانسانية كلها
تلك الطفلة قالت لي وقد احرقها برميل نفط ساقط عليها من السماء كلمة اذهلتني!!!
عمو ليش عم يحرقوني..؟
لماذا يحرقونك!!؟….، يارب.. بماذا اجيب
اجيبوني يا اصحاب براميل النفط
لماذا تسمحون بحرق اطفال غوطتنا
اجيبوني ايها الملوك الغارقون في ملذاتكم والمتراقصون بسيوفكم على اشلاء طفلتنا لماذا حرقت براميل نفطكم هؤلاء الابرياء
اجيبوني ايها القادة المجتمعون في مجالس الامن وجيوشكم التي تعد بمئات الالاف عجزت كلها عن منع مجزرة بحق انسانيتكم او مجرد ادخال ابرة دواء وخيط جراحي اخيط به ما تبقى من ماء وجوهكم
لماذا تسمحون لهذه النيران ان تلتهم كل جميل في هذه الدنيا
تعالو وابصروا ابار الدماء في غوطة دمشق
صدقوني انتاجها اليومي يغنيكم عن ابار نفطكم
اليست دماؤنا تدفع ثمنا لمصالحكم
هاقد سددنا من تلك الدماء ما يفوق ابار نفطكم
تفضلوا…. في غوطتنا ما يجعل الصخر يبكي دما
تعالو ابصروا معي بما تبقى من انسانية في قلوبكم هؤلاء الاطفال والنساء وقد تمزقت اجسادهم واحترقت وجوههم
تعالوا استمعوا لقصص الامهات تبكي فلذات اكبادها كلهم
ابصروا الاجنة التي استخرجتها اليوم لشظية اصابتها وهي في رحم امها
هنا تجدون العشرات من الأسر تلتحف الدماء وتفترش الدماء وتبتلع الدماء وتبكي الدماء
هل يعقل ان يكون كل صمتكم لمجرد مصالح حقيرة
كيف لكم ان تضموا اطفالكم ليلا
كيف لواحدكم ان يستمتع بلقمة طعام وعلى بعد ثوان في جواله يبصر قوافل الجوعى ماذاقت لقمة طعام منذ ايام وطعامها الواصل مغمس بالكثير من صمتكم وهوانكم
الا تخشون يوما من خالقكم
الا تغلي مشاعر البشرية في شرايين اجسادكم ام ان الجاري في شرايينكم هو ذلك النفط الاسود فقط
ياليت اطفال غوطة دمشق ملكوه ربما كانت ستنتفض عروقكم
لن اطيل حديثي معكم لانني اعلم يقينا اين ملجأي والى من ابث همومي لكنني مازلت مصرا ان اقيمها حجة على انسانيتكم

عجزت عن متابعة طريقي لاختلي بقلمي لانني والله اشتقت لابثه همومي لكن مشرطي في الايام الماضية حرمني منه لهول الجحيم الذي نحياه
عدت الى قاعة الجراحة ومعي تلك الطفلة لاضمد جراح انسانيتكم عسى ان ياتي يوم وتشفى جراحكم لتنفذوا وعد الله في غوطتنا لان يقيننا ان فرجه قادم شاء من شاء وابى من ابى

ساخبركم قريبا عن مجد و سناء وغيرهم من اطفال غوطتي

لكن انتم اخبروني عن انسانيتكم التي زرعها الله في ارواحكم مالذي فعلته لاطفال غوطتنا

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".