المابوتشي والفلسطينيون.. تشيلي حقل تجارب للأسلحة الإسرائيلية

المصدر : أوريان 21

قال موقع أوريان 21 الفرنسي إن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة التشيلية الحالية ضد المحتجين تعتمد على التقنيات العسكرية والمراقبة الإسرائيلية، منبها إلى أن عسكرة وتجريم المقاومة التشيلية لها جذورها في قوانين مكافحة الإرهاب التي تبناها نظام الدكتاتور أوغستو بينوشيه.

وأضاف الموقع أن الشعب تشيلي خرج في احتجاجات ضد الرئيس اليميني سيباستيان بينيرا، وأنه يطالب باستقالته وصياغة دستور جديد للتخلص من ميراث الدكتاتور أوغستو بينوشيه، ولكن حالة الطوارئ وحظر التجول التي واجهت المحتجين أعادت الذاكرة إلى عهود القمع.

وبحسب الموقع الفرنسي فإن الحكومات التشيلية من اليمين واليسار لم تتخل عن التركة العسكرية والقضائية لدكتاتورية بينوشيه (1973-1990) في قمع مجتمعات الهنود الحمر من المابوتشي بدعم من إسرائيل، مشبها ما يحدث هناك بقمع المقاومة الفلسطينية من قبل إسرائيل.

وقد تمكن بينوشيه -بحسب الموقع- من الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل والدول العربية في آن واحد، لأنه تجنب تبني “موقف واضح بشأن القضايا المثيرة للجدل في الشرق الأوسط”، كما أن حكومات ما بعد الدكتاتورية تابعت نهجه في الازدواجية.

وكانت إسرائيل -بعد حرب 1973 وقطع الدول الأفريقية العلاقات الدبلوماسية معها- قد وجدت أثناء بحثها عن شركاء جدد بديلا في الدكتاتوريات العسكرية في أميركا اللاتينية التي تدعمها الولايات المتحدة، خاصة تشيلي التي اعترفت بإسرائيل عام 1949، والتي اضطرت الولايات المتحدة -تحت ضغط المجتمع الدولي- إلى فرض حظر عام 1976 على توريد السلاح إليها، رغم أنها مولت بينوشيه.

وجعلت إسرائيل من تشيلي واحدة من أكبر المشترين لأسلحتها في المنطقة، إذ باعت لهذا البلد بين عامي 1975 و1988 -بحسب وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية رفعت عنها السرية- أنظمة رادار وصواريخ جو جو ومعدات بحرية وأنظمة طيران وصواريخ.

ورأى الموقع أن من الأسباب وراء اختيار بينوشيه لإسرائيل -بصرف النظر عن أسلحتها المتطورة وإعجابه بجيشها- هو أن “تل أبيب لم تكن لديها أي شروط سياسية للمبيعات”.

ومن المفارقات أن إسرائيل التي تعلن دعمها لعودة الديمقراطية إلى تشيلي -كما يقول الموقع- هي نفسها التي وفرت الأسلحة للدكتاتورية أثناء عملية “كوندور” التي رتبت لها الدكتاتوريات اليمينية في أميركا اللاتينية لإبادة المعارضين اليساريين.

ومع أن العلاقات بين إسرائيل وتشيلي لم تعد مخفية، فإن إسرائيل تحتفظ “بسرية الدفاع” على العلاقات التي كانت قائمة بين البلدين خلال فترة الدكتاتورية، وقد أطلق شخصان من تشيلي إجراءات قانونية عام 2016 لنشر وثائق من شأنها أن تكشف عن تعاون إسرائيل مع بينوشيه، لإظهار مدى تورطها مع الدكتاتورية التي حكمت تشيلي.

قوانين قابلة للمقارنة
ورغم سقوط الدكتاتورية، حافظت الحكومات التشيلية على دستور بينوشيه، بما في ذلك قوانين مكافحة الإرهاب لعام 1984 التي كان يستخدمها لإطالة أمد الاعتقالات دون اتخاذ إجراءات قانونية، وقد استخدمتها حكومات يسار الوسط واليمين ضد مجتمعات المابوتشي، بحسب الموقع.

وشبه الموقع هذه القوانين بحالات الاعتقال الإداري التي تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين لتحتجزهم دون تهمة أو محاكمة، وقال إن تجريم مقاومة مابوتشي يذكر بقمع إسرائيل للمقاومة الفلسطينية، حيث تواجه مجتمعات السكان الأصليين نفس النضال والقمع.

وأشار الموقع إلى أن الحكومات التشيلية استخدمت تقنيات المراقبة الإسرائيلية ضد مجتمعات المابوتشي، كما جلبت للبلد التكنولوجيا الجوية التي تستخدمها إسرائيل في قصف غزة، بما فيها ذخائر الفسفور الأبيض.

أسلحة مجربة
ونبّه موقع أوريان 21 إلى أن إسرائيل تتاجر بأسلحتها وتقنياتها مستخدمة ملصقا نقشت عليه عبارة “تم اختباره ميدانيا”، مشيرا إلى أن الفلسطينيين في غزة يمثلون حقلا لاختبار هذه التكنولوجيا العسكرية على البشر بالنسبة لإسرائيل.

وعلى هذا الأساس، يرى الموقع أن أي حكومة تشتري أسلحة من إسرائيل هي متواطئة مع العدوان ضد الفلسطينيين، معلقا بأن العدوان في تشيلي يبدو شريرا أكثر، لأنه يستنسخ قمع إسرائيل للكفاح الفلسطيني لقمع شعوب المابوتشي.

ورأى الموقع أن عنف إسرائيل ضد كفاح الفلسطينيين الذي جعل من غزة ساحة دائمة للتجارب العسكرية، أعطاها ميزة خاصة في بيع التكنولوجيا إلى الحكومات المصممة على قمع مواطنيها، إذ إن “الاختبار الميداني” هو التعبير الملطف الذي تستخدمه وزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو الشكل النهائي لنزع الإنسانية عن المواطنين الفلسطينيين.

ويمكن مقارنة ما يحدث في فلسطين بما يحدث في تشيلي من تطهير للمابوتشي، مما يعني -بحسب الموقع- أن تطبيع الاستعمار والليبرالية الجديدة على المستوى الدولي يديم انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الشعوب الأصلية دون معاقبة مرتكبيها.

شاهد أيضاً

غزة بين “عقيدة بايدن” وخطة نتنياهو

بعيدًا عن تداعيات قرار مجلس الأمن الذي صدر أخيرًا، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والشرخ الذي أظهره في العلاقة بين الإدارة الأميركية، وحكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، يحسن بنا أن نعود خطوتَين إلى الوراء لمحاولة فهم طبيعة ذلك الخلاف.