الغنوشي و حفتر في الإليزي بدعوة من السلطات الفرنسية في ذات اليوم : مصادفة أم مشروع وساطة لحل الأزمة الليبية ؟

تداولت وسائل الإعلام التونسية يوم الثلاثاء 14 ماي 2019 خبر زيارة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و وصفت بالمهمة تدوم حوالي أسبوع على رأس وفد كبير من الحركة و ذلك تلبية لدعوة من السلطات الفرنسية حيث سيلتقي مسؤولين سامين في الدولة الفرنسية كما أكدت بعض المصادر أن الوضع الإقليمي سيكون محل التباحث و النقاش بين رئيس حركة النهضة و الطرف الفرنسي .

وفي ذات السياق نشر موقع تلفزيون 218 الليبي و القريب من برلمان طبرق مقالا أشار فيه إلى أن المشير خليفة حفتر سيقوم بزيارة إلى باريس اليوم 15 ماي 2019 بطلب من الحكومة الفرنسية لمقابلة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون و هو ما اكدته الرئاسة الفرنسية في بلاغ لها الأحد الماضي لبحث التطورات الأمنية و العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس حيث أشارت وكالات الأنباء العالمية عن تقديم فرنسا لمقترح لوقف إطلاق النار في العاصمة الليبية بعد زيارة فايز السراج رئيس حكومة للعاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي .

تزامن الزيارتين : مصادفة أم وساطة ؟
من الواضح أن زيارة كل من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة من جهة و زيارة المشير خليفة حفتر من جهة لباريس لا يمكن أن تكون محض صدفة نظرا للتزامن الدقيق في الزيارتين و بدعوة رسمية من السلطات الفرنسية و هو ما يرجح فرضية الوساطة في علاقة بالأزمة الليبية و لسائل أن يسأل ما دخل راشد الغنوشي في الأزمة الليبية لتكون الإجابة بديهية بأن لرئيس حركة النهضة دفتر عناوين مهم في علاقة بحكومة الوفاق الليبية التي تشارك فيها عديد الفصائل الإسلامية ،كما بات من المؤكد الدور الإقليمي الوازن لشيخ حركة النهضة حيث تحدثت تقارير إعلامية سابقة عن مشاريع وساطات قام بها الغنوشي بين المغرب و الجزائر و محاولات لتبني مشاورات بين الفرقاء الليبين في أكثر من مناسبة ،و من جهة أخرى فإن باريس تسعى إلى التملص من دعمها لأمير الحرب خليفة حفتر بعد موقف الإتحاد الأوروبي الداعي إلى الحل السلمي للأزمة الليبية، فقصر الإيليزي قد راهن في بداية الأزمة على سرعة الحسم العسكري لميليشيات حفتر حيث تحدثت عديد التقارير الإخبارية الفرنسية و العالمية على دعم لوجيستي من باريس و تدوات عديد العناصر الإستخباراتية الفرنسية في منطقة غريان الليبية لتقديم المشورة للضباط المحسوبين على حكومة طبرق حيث أشار راديو فرنسا الدولي RFI في تقرير له الشهر الماضي و انه بحسب مصادر في الرئاسة التونسية فإن العناصر المسلحة الفرنسية و التي تم حجز أسلحتها في معبر راس جدير الحدودي من قبل حرس الحدود التونسي هي عناصر تابعة للمخابرات الفرنسية و الإشارة إلى ان جزيرة جربة قد تحولت لحديقة سرية للمخابرات الدولية قبل أن يتراجع الراديو الفرنسي و ينفي هذه الرواية مرجحا نظرية المؤامرة من قبل وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي المقرب من الإدارة الأمريكية حسب تعبيره .

حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا عبرت في أكثر من بيان رسمي عن إمتعاضها و رفضها للتدخل الفرنسي في الشأن الليبي الداخلي و دعم الميليشيا الشرقية ،كما هددت بسحب عقد عملاق النفط الفرنسي “طوطال ” إذا ماتواصل هذا الدعم ،إيطاليا هي الأخرى أعربت عن قلقها من التحركات الفرنسية المريبة في ليبيا.

كل هذه المعطيات و التي تأكدت عبر لقاء السراج بماكرون الاسبوع الماضي في باريس و مقترح التسوية السلمية بين الفصائل الليبية بمبادرة فرنسية و التغير الشاقولي في الموقف الفرنسي الذي وقف على إستحالة الحسم العسكري في ليبيا و الخوف من سحب البساط من تحت باريس التي طالما سعت إلى لعب دور أقليمي في ليبيا خاصة مع دخول موسكو و واشنطن و روما على الخط يمكن أن تؤكد فرضية الوساطة الذي يمكن أن يكون رئيس حركة النهضة طرفا فيها و من المؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستميط عنها اللثام.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،