الغارديان: لماذا تشتري شركات أمريكا تكنولوجيا صينية تتجسس على المسلمين؟

في مقال للباحثة في علم الأنثروبولوجي بجامعة كولورادو دارين بايلر نشرته صحيفة “الغارديان” تساءلت فيه عن سبب شراء شركات أمريكية تكنولوجيا صينية تستخدم في التجسس على المسلمين.
وقالت إن شركة أمازون العملاقة استلمت في نيسان/إبريل 2020 ،1.500 كاميرا من شركة تصنيع أجهزة الرقابة الصينية داهوا والتي تقوم بمراقبة حرارة توقيع الموظفين في مخازن الشركة والتأكد من عدم إصابتهم بكوفيد-19، وتم بيع نفس النظام لشركة أي بي أم وكيسلر من بين شركات أخرى. ورغم أن تحرك أمازون لحماية موظفيها من فيروس كورونا خطوة يرحب بها لكنها حصلت على الأنظمة من شركة كشف الباحثون أنها منخرطة في انتهاكات حقوق إنسان. وكما كشفت سانجانا فارجيز أن “التجريب الإنساني” في مجال الرقابة على الوباء في شركات الرقابة مثل داهوا يتم استخدامه أيضا في مجال إدارة السكان والتحكم بهم. ففي شمال- غرب الصين حيث استثمرت شركة داهوا بقوة فإن تطبيقات الرقابة الصحية التي تقدمها تخفي وراءها تورطا في نظام “إرهاب الرأسمالية” والذي وضع أكثر من 1.5 مليون مسلم في معسكرات الاعتقال بمنطقة الإيغور في شمال- غرب الصين. وحصلت داهوا على ما يقرب من مليار دولار لبناء سياج رقابة لدعم ما يطلق عليه نظام “إعادة التعليم” في المعسكرات ونقاط تفتيش وتدريب أيديولوجي كجزء من “الحرب على الإرهاب” في شمال-غرب الصين. ولدورها في الانتهاكات وضعتها وزارة التجارة على قائمة الشركات التي يحظر على الشركات الأمريكية شراء منتجاتها. ومثل بقية شركات الكمبيوتر البصرية في الصين بدأت داهوا عملها من خلال شراكة مع وزارة أمن الدولة، وهي معادل لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). ومثل شركة هيكفيشن، سنيستايمز، يتيو وغيرها تحصل داهوا على معظم عقودها من مشاريع أمنية تابعة للدولة. وتعطي هذه الشركات أدوات “المدينة الذكية” إلى السلطات وتسمح لها بتحليلها والتحكم بالسكان وهو نفس الدور الذي تلعبه شركة التعهد لوزارة الدفاع الأمريكية بالانتير التي تقدم التحليلات لدوائر الشرطة في كل أنحاء الولايات المتحدة،وفي شمال- غرب الصين، فهذا يعني استخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي وجي بي أس ونقاط التفتيش للتعرف على الوجه بشكل يعطي فرصة لفحص السلوك. وقامت شركات مثل داهوا بوضع مجسات آلية وأنظمة كاميرات في الأسواق ومراكز النقل والمساجد بما في ذلك كاميرات للتعرف على الوجه، تقوم بتحديد هوية الشخص وعرقه. وبدأت هذه الشركات بالترويج لأنظمة “المعسكرات الذكية” والتي تستخدم التكنولوجيا الذكية والتحليلات من أجل “التحكم بالناس والعربات”. وتقول الباحثة إنه بعيدا عن دور شركة أمازون في المراقبة غير الطوعية من خلال تطبيقها “ريكوغنيشن” فإن شراء الشركة كاميرات تحديد الحرارة من داهوا تذكر باللحظة القديمة لانتشار الرأسمالية المعولمة و التي أمسكتها عبارة المؤرخ جيسون مور “وراء مانشستر تقف المسيسبي”. وما عناه مور في إعادة قراءته لتحليل فردريك إنجلز لصناعة النسيج التي جعلت مانشستر في إنكلترا غنية هي أن الكثير من ملامح الثورة الصناعية في بريطانيا لم تكن ممكنة بدون القطن الرخيص الذي كان ينتجه العبيد في الولايات المتحدة. وبنفس الطريقة فشركة أمازون ومقرها سياتل تعتمد في مواجهة الوباء على أنظمة القمع المستخدمة في شمال- غرب الصين والتي يتم فيها تجريب تقنيات الرقابة البيومترية. وهناك أسباب تجعل من أسطول شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تملك تطبيقات مماثلة لشركات الرقابة الأمريكية مثل كليرفيو وريثون وتعتبر ريادية في العالم بمجال التعرف على الوجه والصوت. وزادت هذه من خلال الجهود الصينية فيما يعرف بالحرب على الإرهاب التي ركزت على محاصرة الإيغور في داخل مجمعات رقمية مسيجة، وتوسعت في كل مجالات صناعة التكنولوجيا الصينية حيث تم بناء بنى تحتية بيانية مكثفة وفي كل أنحاء الصين ولكن ليس على قاعدة تشبه ما في إقليم تشنجيانغ. وجاء رد الصين السريع على الأوبئة والمسارعة في تطبيق هذه الأنظمة والتأكد من نجاعتها لأنها توسع من سلطة الدولة بطريقة حاسمة ولأنها قادرة على تغيير السلوك الإنساني. ولكن النهج الذي انتهجته الصين لمواجهة الوباء ليس هو النهج الوحيد لوقفه. ففي الدول الديمقراطية مثل نيوزيلندا وكندا التي وفرت للسكان الذين ظلوا في بيوتهم الأقنعة وأجهزة الفحص كانت ناجعة في وقف الوباء. وأعطتنا هذه الدول أن الرقابة ليست ضرورية لحماية الحياة الإنسانية. وفي الحقيقة أظهرت عدة دراسات أن أنظمة الرقابة تدعم العنصرية المنظمة. ففي ظل الاحتجاجات التي اندلعت في الولايات المتحدة احتجاجا على وحشية الشرطة أعلنت كل من أمازون وأي بي أم أنهما توقفتا عن توفير أنظمة التعرف على الوجه للشرطة الأمريكية. وفي الوقت الذي لاحظ فيه الكثير من النقاد أنها خطوة أولى لوقف انتشار التكنولوجيا التي تسبب الأذى للأقليات ،وقالوا إنها غير كافية لأن معظم الشركات التي استثمرت في تكنولوجيا الرقابة التدخلية وقدمتها للشرطة الأمريكية لم تتوقف. ورغم المنع الأمريكي على شراء منتجات داهوا وعدد آخر من الشركات الصينية إلا أن أمازون وغيرها رفضت التوقف عن استخدام الأنظمة التي صنعتها داهوا. وربما لاحظ الكثيرون معايير مزدوجة في سياسات الحكومة الحالية في أمريكا التي تعاقب الشركات الصينية على اتمتة العنصرية والاعتقال خارج القانون من جهة، وتمول الشركات الأمريكية على عمل الأمر نفسه وإن على قاعدة صغيرة. ولا أحد يهتم بالعرق وأنه جزء من الكيفية التي يتفاعل فيها الناس مع العالم. إلا أن اللوغاريثمات المستخدمة تعطي صورة أن وجه الرجل الأسود أو الإيغوري يسهل التعرف عليه ضمن هذه الأنظمة. وتقول إن وقف انتشار العنصرية المأتمتة يجب فصلها عن سياسة إدارة ترامب العنصرية ضد الصين. فرغم أن مستوى وسعة الوحشية في الصين لا يوجد مثلها في العالم إلا أنها ليست الوحيدة التي لديها مشكلة رقابة. وهذه تحتاج إلى رد عالمي. وفي الوقت الذي تقوم به شركات مثل أي بي أم التي نحتت مصطلح “المدينة الذكية” باتخاذ موقف ضد وحشية الشرطة فعليها أن تتخذ موقفا من الصين وتتوقف عن شراء أجهزة الرقابة التي تنتجها شركات تعهدات أمنية. كما يجب التأكيد على خطورة الرقابة البيومترية على العالم. ويجب التأكيد على الترابط بين شركات التكنولوجيا التي تصنع الرقابة وهي أن وراء سياتل تقف تشنجيانغ. وعندما يتم تنظيمها من قبل الناس الذين تعرضوا لاضطهادها. وعلى الدول في آسيا والعالم التوصل على أداة قانونية جديدة تحمي كل البشر خاصة الأقليات من تكنولوجيا الرقابة. وبوجود محكمة للقضايا الإلكترونية فستكون قادرة على محاسبة شركات مثل أمازون وداهوا بناء على نفس المعايير الدولية.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.