العواصم من الفتن

خطبة:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أنقذ به الله من الضلالة، وهدى به من العمى، وجمع به من الفرقة، فالذين آمنوا به واتبعوه أشداء على الكفار رحماء بينهم كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102] .. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب].
أما بعد :
عباد الله !
يدور محور هذه السورة الكريمة حول العواصم من الفتن ، ولقد قدمت لنا هذه القصةُ العجيبةُ نموذجًا عمليًّا ومثالاً واقعيًّا ، لِمَنْ منَّ الله تعالى عليهم بالعصمة والنجاة من الفتن ، حيث الفهم الصحيح والإيمان الخالص ، والثبات واليقين والاستعانة برب العالمين مع الأخذ بالأسباب والتزام الحذر والحيطة.
بَين أيدِينا قِصَّةٌ عَجِيبةٌ ذَكَرَها اللهُ تعالى في مُحْكَمِ كِتابِه، تَتَلَقَّاها الأجيالُ المؤمِنَةُ جِيلاً بعد جِيل، ويَظهر فيها بِجلاءٍ ما تَفْعَلُه عقيدةُ التوحيدِ في نفوس المؤمنين من التَّعالِي على الشَّهَوات، والإخلاصِ لِرَبِّ الأرضِ والسَّمَاوات، قِصَّةُ فِتْيَةٍ في رَيْعانِ الشَّباب، وغَلَبَةِ الشَّهْوة، ومع ذلك أعرَضوا عن زَيفِ الدنيا الزائل؛ لَمَّا كَثُرَت المعاصي، ودَبَّ الشِّرْكُ، حتى انتصر له أهلُه بإجبارِ الناس عليه، كما أشار إليه قولُهم: ﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ﴾ [الكهف: 20].
إنهم لا يَعْرِفون عندما يَعْتَزِلون قومَهم أين يَذْهبون! وكيف يَعِيشون! وأيُّ بُقعةٍ يَسْكنون؟! ولا يَعْرِفون بلدًا مُوَحِّدًا يذهبون إليه، ولكنَّ الإيمانَ الذي ملأ قلوبَهم والهُدَى الذي أَكْرَمَهم اللهُ به؛ جَعَلَهم يَثِقُون بأنَّ اللهَ تعالى سَيَجْعَل لهم مَخْرَجًا، فاعتزَلوا الشِّرْكَ وأهلَه؛ ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا﴾ [الكهف: 16]، ولم يَخْطُرْ ببالِهم أنَّ اللهَ تعالى سَيَنْقُلُهم من زمانٍ إلى زمانٍ، ومن عصرٍ انْتَشَرَ فيه الشِّرْكُ إلى عصرٍ أهلُه مُسلِمون.
إن اللجوء إلى الله سمة المؤمن فهو سبحانه عونه ونصيره فلما لجئوا إليه داعين آواهم وحفظهم وأغدق عليهم مما طلبوا من الرحمة والهدى والرشاد، ومن من كان في طاعة ربه ، أنه تعالى يقوي قلبه، ويثبته على تحمل الشدائد، والصبر الجميل.
﴿ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21].
رَفَعَ اللهُ تعالى شأنَهم، وأنْجاهم من الشِّرْكِ والمشركين، وجَعَلَهم قِصَّةً من قَصَصِ الإيمان تُتْلَى على مَرِّ الأزمان، فما أحْوَجَ الشبابَ المُسلِمَ وسائِرَ المسلمين إلى دراسةِ قَصَصِ القرآن؛ ففيها من الصَّفَحاتِ المُضِيئة، والمَواقِفِ الرَّائعة، والعِبَرِ والعِظَاتِ ما يُثَبِّتُ الفؤادَ، ويُرَطِّبُ الأكبادَ، ويُسَلِّي النُّفوسَ، ويَرْبِطُ على القلوبِ بِرِباطِ الإيمان.
ومِنْ أَجَلِّ فوائِدِ هذه القِصَّة: أهميَّةُ مُدارَسَةِ العقيدة، وعَرْضِها على العقول تقريرًا لها، وتذكيرًا بها، وتوصيةً بالثَّبات عليها، فَضْلاً عن تجديد الإيمانِ وزيادَتِه، وهي من التَّواصِي بالحَقِّ، وتَثْبِيته في النُّفوس، وتَرْسِيخِه في القُلوب.
ومِنْ أهَمِّ فوائِدِ هذه القِصَّةِ العَجِيبة:
أنَّها مِنْ أبرَزِ الأدلة القرآنية على إمكانية الكرامات للصَّالحين، وهي دليلٌ واضِحٌ على حِفظِ اللهِ لأوليائه، ونَصْرِه لهم في كُلِّ زمانٍ ومكان.
وفيها: آياتٌ كثيرةٌ تدل على الله تعالى، وتُعَرِّفنا عليه، وتَعْرِضُ بعضَ صفاتِه وأفعالِه تبارك وتعالى.
وفيها: حُسْنُ الظَّنِّ بالله تعالى، وجَمِيلُ التوكُّلِ عليه، واليقينُ بوعْدِه، والرَّجاءُ بِفَرَجِه.
ومن الفوائِدِ والعِبَرِ: جوازُ الفِرارِ بالدِّين، والعُزْلَةِ حين تشتَدُّ الفِتَنُ، وقد خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم فارًّا بدينِه، وكذا أصحابه رضي الله عنهم، وهَجَروا أوطانَهم، وتركوا أرضَهم ودِيارَهم وأهاليهم وأولادَهم؛ رجاءَ السَّلامةِ بالدِّين، والنَّجاةِ من فِتْنَةِ الكافرين.
والناسُ يَختلِفون في مشروعية الاعتزال؛ فمَنْ كان قَوِيَّ الإيمانِ، يُؤثِّرُ في غيره دون أنْ يَتَأثَّرَ بهم، فالمُسْتَحَبُّ له أنْ يُخالِطَ الناسَ، ويُؤَثِّرَ فيهم بالخير ما استطاع، ومَن كان ضَعِيفَ الإيمان، ولا يُؤَثِّر فيهم، ويخشى على نفسِه الفِتنةَ بهم، وضَياعَ دِينِه وإيمانه؛ فالمُسْتَحَبُّ له اعتزالُهم.
ومِنْ فَوائِدِ القِصَّة: في قوله تعالى: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ دَرْسٌ عَمَلِيٌّ للدعاة والمُصْلِحين أن لا يغفلوا عن سِلاحِ الدُّعاء، مع مراعاة الأدب مع الله، وانتقاءِ العِبارات المناسبة، فلكل مقامٍ مَقال – وفي القرآن الكريم والسُّنة النبوية أدعيةٌ مباركة، لها دلالَتُها وخواصُّها وآثارُها- فقد الْتَمَسَ أهلُ الكهفِ أمرين مُهِمَّين، هما: “رحمةَ اللهِ بهم”، و”إرشادَه لهم”، وفي طلبهم للرحمة مع الرَّشاد ما يدلُّ على أنهم ماضُونَ في طريق الحق، ثابتون عليه مهما كلَّفهم من تضحيات، وتتجَلَّى أهميةُ هذا الدعاء -للدعاة والمصلحين- حين يواجهون المِحَنِ والابتلاءات، والفِتَنِ والعَقَبات، أو تَتَشَعَّبُ بهم الآراء، أو يَقِفون على مُفْتَرَقِ الطُّرُق.
ومن الفوائد: أن القرآن يُركز تركيزاً ظاهراً على الربط بين الإيمان وزيادة الهُدى، لاحظ قوله تعالى فيهم : ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى﴾ وآية : ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ قال العلماء: يُثبتهُ عند المصائب وعند المِحَن وعند الشدائِد وعند الفِتَن وعند تقلُّب الأمور؛ فلذلك إذا وجدت قلبك يضطرب عند مِحنَةٍ من المِحَن أو مصيبة من المصائب، فاعلم أن هذا نقصٌ في إيمانك وهدايةِ قلبِك؛ لأن الله قال: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾ من شرطية والجواب ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
ومن الفوائد: حاجة الداعية إلى العلم النافع والبصيرة النافذة والبديهة الحاضرة والقراءة المتأنية للأحداث ومعايشة الواقع، واستشراف المستقبل، والتخطيطِ الدقيقِ، وحاجة الدعاة إلى روح الألفة والمودة والتعاون والتنسيق والمدارسة، والحوارات الهادفة البناءة.
ومِنَ الفوائِد: أنَّ وَصْفَ أصحابِ الكهفِ بأنهم فِتْيَةٌ، وَصْفُ ثَناءٍ واسْتحسان، وهذا يوحي بأهمية مرحلةِ الشَّباب والفُتُوَّة، باعتبارها مَرْحَلَةَ عطاءٍ وحيويةٍ وبِناء، وحين ينشأُ الشَّابُّ في رحاب القرآن، ويَحْيَا حياةً إيمانية؛ فإنَّ جزاءه يوم القيامة أنْ يَنْعَمَ بِظِلِّ الرحمن، ومِنَ الذين “يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تعالى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: شَابٌّ نَشَأَ فِي طاعَةِ اللَّهِ” [رواه البخاري]، فمعرفة الحق والاهتداء به ، ليس بطول التجربة ولا بطول الأعمار ، فهؤلاء فتية شباب آمنوا ، وفي قومهم شيوخ قد يكون فيهم مسنون وكبار ومع ذلك لم يهتدوا !
ومِنَ الفوائِد: حسن الظن بالله تعالى وجميل التوكُّل عليه واليقين بوعده والرجاء بفرجِه.
ودلَّ قولُه تعالى: ﴿لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ﴾ [الكهف: 15]، لا بد لكل فكرة أو مبدأ من دليل أو برهان وإلا سقط في أول لقاء وكان ضعيفا، ولن تُقنع أحدًا بفكرتك إن لم تؤيدها بالنور الساطع الذي يكشف الغشاوة عن العيون، وينير سبيل الحق، وأما فرض الفكرة بالقوة والإرهاب المادي فدليل على الإفلاس وضحالة ما تدعو إليه ، ويعد افتئاتًا على الحق وظلما له، والميل عن الحق افتراء على الله ، وتضليل للناس
ومن الفوائد الطِبِّيَّة في قوله: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ [الكهف: 18]، ضرورةُ تقليبِ المرضى على الفِراش حتى لا تَترسَّب الأملاحُ في جهةٍ واحدة، فتتآكل أجسادُهم، وتتعرَّضُ لِلتَّلَفِ والتَّعَفُّن، وقد حفظ الله الفتية من الأرض بتقليبهم يميناً وشمالاً، مع قدرته سبحانه أن يحفظهم منها بغير تقليب ولكنه حكيم أراد أن تجري سنته في الكون وليربط الأسباب بمسبباتها.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخُطْبَةُ الثَانِيةُ :
الحمد للّه يهدي من يشاء فيوفقه بفضله، ويضل من يشاء فيخذله بعدله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه.
أيها المسلمون !
لابد من الجهر بالدعوة بين الناس لتصل إليهم وتكون حجة عليهم، ولنا بهؤلاء الفتية الأطهار القدوة الحسنة فهم قدوة للدعاة يأتسون بهم.
كل من حقق الله الإيمان في قلبه، وملأ قلبه بالإيمان والتصديق، لا يصعب عليه أن يفارق أهله أو بلاده، وأن يختار الإيمان الصحيح ويتمسك بالدين، ولو حصل له من الأذى ما حصل.
مِنْ لَطائِفِ الفوائد: وَرَدَ ذِكْرُ كَلْبِهم في القِصَّة أربَعَ مَرَّات، وقد شَغَلَ هذا الكلبُ اهتمامَ بعضِ المُفَسِّرين والباحثين، فاستطردوا إلى الحديث عن اسْمِه ولَونِه، وقِصَّةِ لِحاقِهِ بهم!، فاهتموا بتفصيلاتٍ لا فائدةَ منها، ولا ثمرةَ في البحث عنها، غير أنها تدلُّ على ثمراتِ الصُّحْبَةِ الطَّيِّبة، وعُمومِ نَفْعِها، وشُمولِ بَرَكَتِها، فهذا كَلْبٌ جاء ذِكْرُه في أشرفِ الكُتب؛ بمجرد سَيْرِه وراءَ الصالحين، وحِرصِه على مُلازَمَتِهم، ألا يدلُّ ذلك على شَرَفِ صُحْبَةِ الصالِحِين؟
ومِنَ الفوائِدِ المُهِمَّة: في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ [الكهف: 19]، الاشتغال بالمُهِمِّ دون غيرهِ، فقد يخوض الدُّعاةُ وطُلاَّبُ العلم في جَدَلٍ عقيمٍ حول مسائِلَ لا أهميةَ لهاو ولا ضَرورةَ للغوصِ فيها، بل يجب الالتفاتُ إلى واجباتِ الوقتِ، ومُراعاةِ الأولويَّات، وتجاوزُ الهامِشِيَّات، والمسائِلِ الفارِغَةِ التي لا نَفْعَ فيها ولا خير.
ومِنَ الفوائِد: وجوبُ التّلَطُّفِ والرِّفْقِ في الحياة، والصِّلاتِ والمُعاملات مع الآخَرِين، ويدلُّ عليه قولُهم: ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ [الكهف: 19]، ومع حرص أهل الكهف على التخفي إلاَّ أن الله تعالى أعثر عليهم قومهم، وكشف أمرهم لهم بعد مئات السنين؛ لحكمة يريدها الله سبحانه، وفيه دليل عملي على البعث واليومِ الآخِر.
قال ابن عاشور: “وليتلطف هي في وسط القرآن تماماً، واستنبط العلماء منها استنباطاً جميلاً: قالوا التلطف هو نوع من التوسط والوسطية دون إفراط أو تفريط؛ فهي جاءت في وسط القران تماماً، وكونها في وسط القرآن فهذا يدل على أهمية الوسطية وأنها دلالة على الوسطية التي هي فرع أو جزء أو أثر من آثار التلطف ..”.
وهنا تَنْبِيهٌ مُهِم: فقد شَاعَ استدلالُ بعضِ مَنْ بَخُسَ حظُّه في العلمِ والهدايةِ بقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21] على جوازِ بِناءِ المساجد على قبور الصالحين!، وهذا مِنَ الجهلِ بمكان؛ فإنها حِكايَةٌ عن مقالة أهلِ الجَاه والسُّلطان -والغالِبُ عليهم الجهلُ-، وهم يُرِيدون أنْ يُخَلِّدوا ذِكْرَى هؤلاء الفِتيةِ الذين ثَبَتَتْ لهم هذه الكرامة.
وجاء الخَبَرُ الصَّرِيحُ -في شَرْعِنا- بِحُرْمَةِ هذا الفِعْلِ، ولَعْنِ فاعِلِه، وهي أشَدُّ صِيَغِ التَّحريم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: “لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ” [متفق عليه]، ولَمَّا أُخْبِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كَنِيسَةِ الحَبَشَة، وما فيها مِنَ التَّصاوِير قال: “أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ؛ أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ” [رواه البخاري ومسلم].
الدعاءُ ..
اعلموا معاشر المؤمنين، أن الله أمركم بأمر كريم، ابتدأ فيه بنفسه، فقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صليتَ على آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على آل إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدينَ، الأئمة المهديينَ؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعن سائر الصحابة أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ، وعنَّا معهم برحمتكَ يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، واحم حوزة الدين، وأهلك الكفرة المحادين لدينك المعادين لأوليائك الذين يبغونها عوجاً، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية، اللهم أحسن عاقبتنا وعاقبتهم في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة:201].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. وأقم الصلاة

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.